إنهم عمال الوطن
د. صابر فلحوط
علّمونا ونحن في أول يوم عرفنا فيه المدرسة والتعليم، مقولةً بسيطة، غير أنها تلخّص تاريخ الإنسان على الأرض، كما تلخّص المسيرة نحو امتلاك الحرية، والكرامة غابراً وحاضراً، ومستقبلاً. وقد كانت هذه العبارة تقول: (تقوم حياة الشعوب، وتتحدّد طموحاتها، وتمتلك قرارها السيادي عندما يتوفّر لها ثلاثة ركائز: (جيش يحميها، وعامل يبنيها، ومعلم يربي أجيالها).
وقد أصبحت هذه العبارة على بساطتها عنواناً مشعاً يكبر مع الأجيال، ويحدو خطاها على مدارج الحياة بصعابها ومصائبها وخيباتها، وانتصاراتها..
وقد كان عمال الوطن منذ ثورة آذار 1963 وقبلها أنموذجاً في تماسك الرأي والرؤية والقرار والولاء المطلق للوطن وشرائحه كافة.. فكانوا في كل معركة المقدّمة والسند، والدرع والعطاء الذي لا ينضب..
وقد استطاعوا خلال السنوات التي سبقت الحرب الكونية الظلوم على سورية في العشرية السالفة، حماة حقيقيين للجبهة الداخلية في الوطن، حيث واجهوا الندرة بالوفرة، وكان دفاعهم أسطورياً عن آلة العيش ورغيفها الكريم، في جميع الحقول والميادين، صناعة وزراعة وتماسك جبهات، ومواقف نضالية، وكان أبناؤهم طليعة المواكب في ورود حياض الشهادة في مختلف جبهات القتال، حيث أكدت الإحصائيات النسبة الأعلى من الشهداء من أجل سيادة الوطن وكرامته، وحرية قراره. حيث سجّلت الشريحة الاجتماعية من (العمال والفلاحين) على امتداد رقعة الوطن، جيشاً من الشهداء الغوالي على امتداد دروب الوطن وسهوله وجباله وحقوله، فتحية لعمالنا، خميرة البلد، وبيدره الخصيب، والزنود التي نبارك نبض قلوبها، مع كل لقمة خبز، وحبة قمح، وابتسامة ثقة تحوّل اليأس أملاً دائم الاخضرار.
فلعمالنا الذين أكدوا تمازج العرق بالدم في الحرب الكونية على سورية كل الإجلال والإكبار والإعجاب في يوم العمال العالمي وكل يوم من حياة جماهيرنا.
ولشعبنا العظيم، وقيادتنا، وجيشنا الأسطوري التضحيات، كل المحبة والتقدير والاحترام على الدوام.