في حضرة القانون الجديد.. الوعي الاستثماري والتطبيق الصحيح يؤسسان لتفعيل البنود
دمشق- فاتن شنان
يمثّل قانون الاستثمار الجديد الذي صدر أمس بلا شك بوابة اقتصادية متطورة للاقتصاد الوطني، ويضمن تحقيق بيئة استثمارية تشجّع رؤوس الأموال الخارجية وتحمي المحلية، كما يوفر وسطاً مشجعاً لتأسيس الاستثمارات والمشاريع المهمّة.
وأوضح مدير عام هيئة الاستثمار مدين دياب أن القانون رسالة اطمئنان إلى كافة المستثمرين، ولاسيما بتحديده أدوات جديدة لتسمية المنازعات الاستثمارية في التحكيم الداخلي والخارجي، وما حمله من مزايا عدة تضمّنت إعفاءات جمركية وتخفيضات ضريبية، وبيّن أن هيئة الاستثمار ستعمل على تطبيق القانون بشكله الأمثل وإيجاد أدوات تنفيذية تسهل تطبيقه، وتنشيط العملية الاستثمارية بتبسيط الإجراءات للمستثمرين، بحيث تكون هذه الإجراءات أدوات تحفيز، في وقت ينعكس هذا القانون على تسريع عجلة الإنتاج من جهة وعلى الأسعار للمستهلكين، وسط آمال بإيجاد استثمارات نوعية تؤسّس لبناء وإعادة الإعمار في المرحلة القادمة.
التطبيق الأهم
وكي يصل القانون إلى أفضل صيغة تنفيذية لابد من الإضاءة على بعض النقاط التي من شأنها رفد مسار الاستثمار ومعالجة أي عائق يمكنه تحويل مسار القانون. وفي هذا السياق بيّن الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية أن القانون الجديد يتميّز بتحديد بعض القطاعات مثل الصناعات الأساسية وبدائل المستوردات ومنحها مزايا واضحة، كما بيّن فضلية أن الإعفاءات الجمركية هي إعفاءات سخية وانتقائية بمعنى أنها تشجّع كل ما هو استراتيجي، وهي أوضح من الإعفاءات في المراسيم السابقة، ولكن بيئة الاستثمار والتراخيص الإدارية وتعامل الجهات المعنية مع المستثمرين ومرونة التشريعات عدا المتعلقة بالاستثمار بشكل مباشر جميعها أهم من الإعفاءات والاستثناءات، وفي حال تصنيف مشجعات ونقاط جذب الاستثمار الأجنبي ستكون الإعفاءات الضريبية والمالية البند العاشر في قائمة من عشرة محفزات، ولكن نتأمل تطبيق البنود التي تتعلق بتسريع مرحلة التأسيس والاعتناء بكل ما هو غير مباشر بمسار الاستثمار وكفيل بتحسين بيئة الاستثمار وتسهيل إجراءاته.
ضعف الوعي
وأكد فضلية أن النص القانوني متوازن ومدروس، ولكن التعليمات التنفيذية في كثير من الأحيان تشذّ عما هو مستهدف بهذا القانون ولا تعبّر عن روح المادة في القانون، كما يكتنف تطبيق التعليمات والتوجيهات على أرض الواقع نوع من الخلل أو الفساد والابتزاز للأسف، أو تحكم ضعف الخبرة أو ضعف الوعي الاستثماري بالتطبيق، فكل مشروع استثماري يشغل قوى عاملة هو جزء من الاقتصاد الوطني، لأن الوعي الاستثماري يجب أن يكون في أعلى مستوياته لدى المنفذين، وخاصة المحتكين مع المستثمرين.
الدعم الممنهج
وخصّ القانون مزايا وإعفاءات كبيرة للمشروعات والمجمعات السياحية، ولكن بالمقابل أكد فضلية أن الأهم إعطاء مزايا مضاعفة للمشروعات الأكثر أهمية كالمشاريع الإنتاجية والمشروعات الزراعية الصناعية، والحيوانية والنباتية، والصناعات التحويلية والتصديرية وصناعة بدائل الاستيراد، والإعفاءات على ضريبة الأرباح غير كافية، بل يجب إحداث بيئة ومناخ استثمار زراعي بشقيه النباتي والحيواني، كدعمه بالبنى التحتية والطاقة الكهربائية، وتعتبر أهم من الإعفاء الجمركي، وطالما نادت الحكومة بدعم القطاع الزراعي وتشجيعه.
مراكز مشتركة
وفيما يخصّ مشروعات صناعة التقنيات الطبية والطاقات المتجدّدة، فقد منح القانون إعفاءات غير مسبوقة على ضريبة الأرباح تصل إلى 70%، ولكن من الضروري -وبحسب فضلية- أن يكون هناك تعاون ودعم بين الجهات ذات الصلة كالجانب الحكومي والأكاديمي عبر مراكز مشتركة من شأنها العمل على تطوير هذا القطاع ودعمه فنياً، وتوطين تقنيات وإنتاج منتجات بامتياز من شركات عالمية صاحبة خبرة وتجارب رائدة في هذا المجال، وعدم التخوف من تكاليفها العالية كونها مشروعات بجدوى مستدامة على مرّ الزمن.