أمريكا تحول الديمقراطية إلى سلاح استراتيجي!
ترجمة: عائدة أسعد
حسب وسائل الإعلام الأمريكية سيستضيف الرئيس الأمريكي جو بايدن “قمة من أجل الديمقراطية” خلال سنته الأولى في منصبه، وتهدف القمة إلى حشد ما يُسمّى بالحكومات الديمقراطية لتشكيل تحالف واسع لاحتواء صعود الصين وروسيا. إن النظام الديمقراطي لا معنى له في بلد تكون التنمية الاجتماعية راكدة والفوضى مستمرة، ولا يمكن تحسين مستويات معيشة الناس، وأمريكا غير مؤهلة، والدليل المهازل المختلفة التي أقيمت قبل وبعد الانتخابات الرئاسية العام الماضي، والتي كانت لطخات على الديمقراطية حتى في نظر بعض العلماء الغربيين.
وحسب عالم السياسة النمساوي إيفان كراستيف لا يستطيع بايدن أن يقرّر ما هي الديمقراطية، فقد فقدت الديمقراطيات الليبرالية في العالم احتكارها لتعريف ماهية الديمقراطية، ليس لمجرد أن المستبدين الجدد يطالبون بأوراق اعتماد ديمقراطية (لقد فازوا في انتخابات حرة لم تكن نزيهة دائماً)، ولكن أيضاً لأن الغالبية العظمى من الأمريكيين والفرنسيين يشعرون بخيبة أمل شديدة من نظامهم السياسي.
لقد بدا بعض السياسيين والعلماء الأمريكيين فخورين باقتحام مبنى الكابيتول في كانون الثاني المنصرم، لأنهم يعتقدون أن ذلك يظهر صلابة الديمقراطية الأمريكية، لكن هل سيتحدثون عن الشيء نفسه إذا حدث في بلد آخر؟. الأمر متروك للأمريكيين ليشعروا بمرونة ديمقراطيتهم ويحكموا عليها، ولكن بالنظر إلى ما حدث في الولايات المتحدة فإن الدول الأخرى سوف تشكك في أهلية البيت الأبيض لتوجيه أصابع الاتهام إلى شؤونها الداخلية باسم الديمقراطية.
لفترة طويلة أدّت القيم الديمقراطية التي باعها الأمريكيون إلى اضطراب تصور الناس للديمقراطية في العالم، فأمريكا هي المكان الذي تنشأ فيه بعض المشكلات العالمية. ويعتقد الكثير من الناس أنه طالما يتمّ تطبيق الديمقراطية وفقاً للمعايير الغربية فإن الدولة ستصبح منظمة ويمكنها تطوير اقتصادها بسرعة، وبالتالي يمكن لشعبها أن يعيش حياة سعيدة مثل أولئك الموجودين في الدول الغربية، كما اعتقدت النخب في بعض البلدان النامية ذات مرة أن مثل هذا الشكل الديمقراطي للحكم يمكن أن يؤدي إلى سيادة القانون والنظام والتنمية.
لكن في الواقع إذا كانت الديمقراطية الغربية تساهم في نمو الغرب، فهذا لا يعني أن الشعور بالسعادة في البلدان الأخرى سوف ينمو تلقائياً طالما أنهم ينسخونها، ومن المستحيل زرع شجرة الديمقراطية نفسها بالضبط في تربة مختلفة من التقاليد الثقافية والتاريخية، كما هي الحال في الغرب، ويمكن إثبات ذلك من خلال تنمية عدد لا يُحصى من البلدان النامية.
إذا لم تستطع دولة ما إنشاء حكومة ديمقراطية على أساس التقاليد الثقافية والتاريخية لبلدها، فمن المستحيل إنشاء نظام حكم طويل الأمد يفضي إلى تنمية مستقرة. لذلك إن الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية تحدّد ماهية الديمقراطية على أساس مصالحها العالمية، ويفرضون نسختهم من الديمقراطية على دول أخرى، كما حولت واشنطن الديمقراطية إلى “سلاح استراتيجي” لتوحيد ما يُسمّى بالدول الديمقراطية ضد خصومها أو أعدائها الاستراتيجيين، وقد أدى ذلك إلى تدخل خطير في سعي البلدان النامية إلى بناء مؤسسات ديمقراطية تتفق مع مسارات تنميتها، بل إنها قوّضت العملية الديمقراطية في هذه البلدان.
إن مساعدة البلدان الصغيرة والمتوسطة الحجم على تطوير أنظمتها الديمقراطية وفقاً لتقاليدها الثقافية، وإنشاء وتوفير مساحة أكبر لاستكشافها، تحديات كبيرة تواجه التنمية العالمية الآن.