مجلة البعث الأسبوعية

قانون الاستثمار الجديد مستثمرون يعولون على كبح جماح الروتين.. والمساهمة بعودة نظرائهم المهاجرين

“البعث الأسبوعية” ــ رامي سلوم

يعوّل على قانون الاستثمار الجديد رقم 18، لعام 2021، أن يشكل نقلة نوعية للاقتصاد الوطني، وأن يكون رافعة حقيقية للتنمية، لا سيما أنه تضمن العديد من الحوافز والإعفاءات الضريبية والجمركية الكفيلة بجذب رؤوس الأموال، خاصة بعد أن تغيرت المعطيات الاقتصادية بفعل ما أفرزته سنوات الحرب، ومتطلبات إعادة الإعمار، فضلا عن اختلاف جوهر عملية الاقتصاد والإنتاج والاستثمار في العالم.

وينطلق القانون الجديد من رؤى عصرية، بعد سنوات من الركود الاستثماري والعديد من المطالبات بإيجاد حلول للمشكلات والتحديات الناجمة عن تداعيات أزمة امتدت عقدا من الزمن، إضافة إلى كبح جماح الروتين والبيروقراطية التي تعيق عمل المستثمرين، ليأتي بوصفه القانون المنتظر للمستثمرين في الداخل والخارج الباحثين عن فرص استثمارية دسمة.

 

طفرة نوعية

توقع عضو مكتب غرفة تجارة دمشق وعضو مجلس إدارة المكتب الإقليمي لاتحاد المصدرين والمستوردين العرب، عماد قباني، أن يؤدي القانون إلى طفرة نوعية في الاستثمار، خصوصاً أنه لحظ المشكلات والشكاوى السابقة وعالجها بوضوح، ومكان إقامة المشروع، فضلاً عن المزايا والإعفاءات، معتبراً أن هذا القانون يقول للمستثمر: “أهلا وسهلا بك في سورية العصرية”.

وأشار قباني إلى أن القانون يشمل العديد من الميزات المنتظرة، سواء بالنسبة لقطاع السياحة، أم الاستثمارات النوعية، وهو يتميز بالبساطة والوضوح وسهولة الفهم، بعيداً عن التكلف والنصوص التي تحتمل التأويل، كما ألغى القانون تعقيد الإجراءات التي كانت في القانون السابق، وضبط التجاوزات التي كانت تتستر بتلك التعقيدات لتحقيق المنافع الشخصية.

وأكد قباني أن أثر القانون الجديد سيكون واضحاً في نمو حركة الأعمال والاستثمار، ودوران عجلة الإنتاج، وعودة سورية إلى موقعها المتميز صناعيا بعد سنوات الحرب، لافتا إلى أن سورية معتادة على القوانين الشاملة والهامة في مجال الاستثمار، وهو ما رفع الإنتاج ال        سوري إلى سويات عالية خلال مرحلة ما قبل الحرب الجائرة، وجعل أكبر المصانع تنتقل للعمل في سورية بسبب البيئ ة المحفزة، غير أن تلك القوانين تقادمت مع الزمن، وأصبح من الأفضل تعديلها لتواكب التطور والتسارع العالمي، فضلاً عن خصوصية الاستثمار السوري الواعد في مرحلة ما بعد الحرب، خصوصا بقطاع إعادة الإعمار الذي يشمل مناطق  واسعة.

 

تمنيات

تمنى الصناعي أسامة زيود أن تستجيب جميع الجهات، المرتبطة بشكل أو بآخر بقانون الاستثمار، لروح القانون وتوجهات الدولة السورية، مبيناً أن القانون أعطى الكثير من التسهيلات وأزال ما يواجه الجهات المعنية بالاستثمار من عقبات إجرائية، مطالباً الوز  ارات المختصة التماشي مع القانون لتحقيق الأثر المرجو منه.

وأكد زيود أهمية بنود القيمة المضافة لمستلزمات الإنتاج الواردة في القانون، والتي تم تحديدها بنسبة 40% من المواد الداخلة في المنتج  ة مضافة في المراحل اللاحقة، بالإضافة إلى التمييز بين مستلزمات الإنتاج أو المواد الأولية الحقيقية، ومدخلات الإنتاج، وهي المواد التي تأتي شبه جاهزة ويتم تصنيعها بشكل آخر، ولا تحقق قيمة مضافة عالية.

واعتبر زيود، أن القانون القديم لم يعد يلبي متطلبات المرحلة، وأن العديد من الصناعيين يتمنون العودة للعمل في سورية من دافع وطني ووجداني بالدرجة الأولى، وأنهم بانتظار تأمين جزء من الخدمات اللازمة للصناعة لإعادة افتتاح أعمالهم. ودعا زيود إلى دمج وزارتي الاقتصاد والصناعة، وكذلك غرفتي الصناعة والتجارة، لتقليص العقبات التي تواجه قطاع الأعمال بسبب اختلاف القرارات والرؤى في كل جهة.

 

ضربة قاصمة

اعتبر نائب رئيس القطاع الهندسي في غرفة صناعة حلب ورئيس منطقة العرقوب الصناعية، تيسير دركلت، أن القانون الجديد وجه ضربة قاصمة للروتين، وما يتبعه من محاولات لابتزاز الصناعيين والمستثمرين وغيرهم، من خلال البنود الواضحة التي لا تحتمل التأويل، والبساطة التي يتحلى بها القانون، والذي أقل ما يمكن وصفه أنه قانون عملي وعصري.

وأشار دركلت إلى أن القانون يلبي طموحات المستثمرين، ويمثل خطوة واعدة لجذب الاستثمار، مبيناً أن الكثيرين كانوا بانتظار صدور هذا القانون لاتخاذ خطوات جدية واضحة المعالم باتجاه الاستثمار في سورية، خصوصاً أن القانون القديم أصابه التقادم والعجز والتمادي في الروتين لغياب البعد الرقابي والتحفيزي بفعل الزمن، وهو ما يتميز به القانون الجديد.

وأشار دركلت إلى أن القانون حدد – على سبيل المثال – المبادئ التي تحكم الاستثمار في سورية والتي تتمثل بضمان استقرار سياسة تشجيع الاستثمار في الدولة، وحرية الاستثمار، ومكافحة الممارسات الاحتكارية والمخلة بالمنافسة، والعدالة في منح الفرص الاستثمارية، وفي المعاملة، والسرعة والجودة في إنجاز معاملات المستثمرين، وتبسيط الإجراءات، ومراعاة النواحي ذات البعد الاجتماعي، وحماية البيئة والصحة العامة.

كما يقدم القانون – وفقاً لدركلت – ضمانات واضحة وبسيطة للاستثمار تمثل العقد بين الدولة والمستثمر، والتي من أبرزها عدم جواز إلقاء الحجز الاحتياطي على المشروع أو فرض الحراسة عليه إلا بموجب قرار قضائي، وعدم نزع ملكية المشروع إلاّ للمنفعة العامة وبتعويض يعادل القيمة الحقيقية للمشروع، وفقاً للسعر الرائج بتاريخ الاستملاك. كما أجاز القانون للمستثمر إعادة تحويل مبلغ التعويض الناجم عن المال الخارجي الذي أدخله بغرض تمويل الاستثمار، وبعملة قابلة للتحويل، ما يشكل راحة وواقعية في العمل، من وجهة نظر دركلت.

واضاف دركلت أنه من الضمانات التي كفلها القانون عدم إخضاع المشروع لأي أعباء إجرائية جديدة ناجمة عن قرارات وتعاميم وبلاغات صادرة عن أي جهة عامة، غير واردة في الدليل الإجرائي المعمول به بتاريخ تقديم طلب الحصول على إجازة الاستثمار، باستثناء ما يتعلق بالبيئة والصحة العامة. وعدم إخضاع المشروع لأي أعباء مالية جديدة غير واردة في الدليل الإجرائي المعمول به بتاريخ تقديم طلب الحصول على إجازة الاستثمار، خلال مرحلة التأسيس، والتي تمثل بدورها طمأنينة إضافية للمستثمرين.

وأشار دركلت، إلى أن الاستثمار ليس بحاجة إلى المال، لأن أصحاب رؤوس الأموال هم من يستثمرون، والمطلوب هو اجتذاب أموالهم للعمل في البلاد، غير أن ما يهم الاستثمار هو الاستقرار والوضوح والطمأنينة والوقوف على جميع التفاصيل.

وتابع دركلت أنه لمزيد من الاطمئنان، وعدم استغلال أي جهة لثغرات قانونية، كفل القانون عدم إلغاء إجازة الاستثمار إلا بعد إنذار المستثمر بالمخالفات المنسوبة إليه، والتي تخص المشروع، وإعطائه مهلة تسعين يوماً لإزالة المخالفة تبدأ من اليوم التالي لتبلّغه الإنذار، ويكون قرار الإلغاء معللاً، وذلك منعا للتجاوزات والابتزاز والتعاطي الشخصي – وفقا لدركلت – الأمر الذي يزيد جاذبية الضمانات للمستثمرين.

 

روح إيجابية

وبدوره، اعتبر الصناعي أمجد أيوب أن القانون يحمل روحا إيجابية حقيقية، ودعوة صريحة لنظرة مختلفة للاستثمار في سورية، من خلال العديد من التعديلات والبنود التي تكفل الوضوح وتحقق ضمانات واسعة للمستثمرين.

ودعا أيوب الشركاء والوزارات الأخرى إلى التحلي بروح قانون الاستثمار، لافتاً إلى أن الواقع يشير إلى روتين غير مسبوق على مستوى قطاع الأعمال السوري، الأمر الذي يحفزه ضعف الدخل الحقيقي للمواطنين، مبيناً أن “هناك معامل معروفة مغلقة ومتوقفة عن الإنتاج بانتظار اجتماع لجنة معينة، لمدة 9 أشهر”، وهذا أحد الأمور المعيقة للاستثمار في سورية، متمنياً أن يلغي تنفيذ القانون العديد من هذه العقبات، ويحدد مددا زمنية للقرارات، بناء على شروط واضحة لا يتحكم بها المزاج الشخصي والعنصر البشري إلا من جهة التأشير عليها.