ألمانيا وخيار العقوبات على واشنطن
تحليل إخباري
مع كل يوم تتزايد التوترات بين الولايات المتحدة وألمانيا بسبب مشروع خط الأنابيب نورد ستريم 2، الذي ترفضه واشنطن، غير مكترثة بكونه يخدم المصالح الأوروبية والروسية، ويضمن أمن الطاقة وخفض التكاليف. حتى الآن يبدو أن إدارة بايدن ليست على استعداد للتراجع عن القرار بمنع اكتمال المشروع، وما زالت تتخذ المزيد من الإجراءات القسرية ضده.
تؤكد المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية جالينا بورتر أن واشنطن ستستخدم جميع الأدوات المتاحة لمحاولة منع نورد ستريم 2. ورداً على ذلك، قال ستيفن كوتر، أحد أعضاء حزب البديل من أجل ألمانيا وعضو لجنة الطاقة في البرلمان الألماني، إن برلين بحاجة إلى التفكير في الإجراءات المضادة التي يتعيّن اتخاذها في حالة تنفيذ عقوبات أمريكية جديدة. مضيفاً: نظراً لأن الحكومة الألمانية تعارض الإجراءات العدوانية الأمريكية ضد نورد ستريم 2 بشكل خطابي فقط، فهناك قلق متزايد من ألا يكتمل المشروع، لذلك سيكون من الصحيح سياسياً بدء عقوبات مضادة لأن خط الأنابيب موضوع استراتيجي للغاية.
وتتزايد القناعة في برلين بوجوب عدم التخلي عن المشروع، لأنه لا توجد موانع معقولة ضد خط الأنابيب، إلا الإملاءات الأمريكية، فالاقتصاد الألماني بحاجة إليه، كونه أقل تكلفة، وأكثر بيئية، وهو الخيار العملي من خيارات إمداد الطاقة الأخرى.
وهناك سبب آخر للتحركات الأخيرة في البرلمان الألماني تتعلق بتصريحات أنتوني بلينكين بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. إذ قال وزير الخارجية الأمريكية إن واشنطن ترى أنه من المصلحة الوطنية التنازل عن العقوبات المفروضة على بعض وكلاء الشركات المشاركة في بناء خط الأنابيب. كما يبدو أن وعد بايدن يتعارض مع بيان وزارته بأنها ستستخدم جميع “الأدوات المتاحة” لمنع خط الأنابيب.
إن الإستراتيجية الأمريكية في التنازل عن العقوبات ضد الشركات الكبرى تبدو محاولة لتخفيف التوترات مع ألمانيا وروسيا، ولكن في الوقت نفسه، الحفاظ على العقوبات ضد وكلاء أصغر يقوّض بناء خط أنابيب الغاز بطريقة أكثر هشاشة وأقل عدوانية. من جانبها، تدافع برلين عن مصالحها لأول مرة منذ عقود، والضغط البرلماني لفرض عقوبات مضادة مهمّ للغاية، حيث تعدّ إمكانية فرض ألمانيا عقوبات على الولايات المتحدة علامة كبيرة في العلاقات الثنائية، حيث تظهر أن الحكومة الألمانية ملتزمة بمصالح شعبها أكثر من المكاسب الأمريكية، لكن الواضح أنه من السابق لأوانه القول إن مطالب البرلمانيين سيكون لها تأثيرات حقيقية على قرارات الحكومة الألمانية، ولاسيما أنها صدرت من أحزاب اليمين المتطرف.
عناية ناصر