اقتصادصحيفة البعث

حبرٌ على ورق..!.

حسن النابلسي 

ربما يدل ارتفاع أسعار اللحوم البيضاء والحمراء على فشل السياسات الزراعية، وتحديداً لجهة تأمين مستلزمات الإنتاج، ولاسيما الأعلاف.. فعندما يؤكد أحد المربين أن “أي مرب لديه 30 ألف دجاجة بياضة يخسر يومياً مليون ليرة”، فهذا ينذر، بشكل أو بآخر، بنهاية قطاع الدواجن، إذ لا يعقل أن يستمر المربي بالإنتاج في ظل هكذا خسارة، وهذا الأمر ينسحب أيضاً على تربية الأبقار والأغنام التي لا تقل معاناتها عن معاناة نظيرتها “الدواجن”!

يقابل هذا الارتفاع غير المسبوق لأسعار اللحوم انخفاض غير مسبوق للقوة الشرائية للمستهلك، وبالتالي فإن مسألة التوافق بينهما تقتضي إعادة النظر بالعديد من النقاط، أهمها الاشتغال على إنتاج الأعلاف محلياً قدر المستطاع، بالتوازي مع ضبط السوق السوداء التي تبيع الأعلاف بأسعار فلكية، ولا نجد ضيراً برفع قيم الدعم المقدمة للمربين حتى نضمن عدم فقدان الثروة الحيوانية!

وإذا ما كانت وزارة الزراعة جادة بمعالجة هذا الأمر فعليها التنسيق مع كل من وزارتي الاقتصاد والتجارة الخارجية، والتجارة الداخلية وحماية المستهلك للوقوف على أسعار الأعلاف المستوردة وهوامش الأرباح، وقيمها الحقيقية التي يدفعها المربي في نهاية المطاف، إذ نعتقد أنها بداية طرف الخيط لضبط أسعار الأعلاف المستوردة..!.

في سياق هذا الحديث نورد ما تضمنته إحدى الدراسات الصادرة عن المركز الوطني للسياسات الزراعية عام 2013 حول نقاط القوة التي يتمتع بها قطاع الدواجن، ونقاط الضعف التي عاني منها، إذ تركزت نقاط القوة بتوفر البيئة المناسبة والخبرة لدى المربين، ووجود صناعة متقدمة لإنتاج الجدات والأمات وصيصان الفروج، وتنافسية المنتجات في الأسواق الخارجية المجاورة، وتوفر الجهات البحثية والخدمية والإرشادية إضافة إلى توفر الموارد الطبيعية واليد العاملة الرخيصة نسبياً.

وتمثلت نقاط الضعف بارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج وخصوصا الأعلاف والصيصان ولاسيما في ظل تذبذب سعر الصرف، إضافة إلى ضعف المراقبة الصحية على المنشآت غير المرخصة، وغياب نظام المعلومات الذي يتسبب في عدم استقرار أسعار السوق، والاعتماد على استيراد المواد العلفية والمواد الأولية التي تدخل في صناعة الأعلاف وعدم استقرار أسعارها..إلخ.. وقد خرجت هذه الدراسة بمقترحات وتوصيات أكدت أن تطوير قطاع الدواجن يتطلب تدخلات حكومية ووضـع إسـتراتيجية تعـالج التحديات آنفة الذكر، والتوسع بزراعة الذرة محلياً قدر الإمكان، وتشميل الدواجن بدعم صندوق الدعم الزراعي، وزيادة وتفعيل دور مؤسسة الأعلاف في تأمين المادة العلفية للمربين، وإنشاء لجنة مسؤولة عن تسويق الفروج وتوفير معلومات الأسعار والعرض والطلب..  ما يعني أن الوزارة بصورة ما ينتاب هذا القطاع من تحديات.. وأن ما ورد من توصيات لا تزال حبراً على ورق..!.

hasanla@yahoo.com