السعادة بالمفهوم السوري
غالية خوجة
ما هي السعادة؟ وهل تتحقق بالمال؟ بالرفاهية؟ بالخيانة؟ بالتآمر؟ بالإساءة؟ بالنميمة؟ بالابتلاء؟ بالنفاق؟ بالجشع؟ بالتخلي عن المسؤوليات والتمسك باللهو واللعب؟ بالطمع بكافة أشكاله ومنها الطمع بالمناصب والمفاسد والمظالم؟
هل تتحقق السعادة بإحراق الأخلاق والقانون والضمير؟ بالتهاوي في مستنقع الأعداء؟ في مستنقع المصلحة الخاصة المضادة للمصلحة العامة والوطنية؟ أمْ.. كيف تتحقق السعادة؟
يختلف مفهوم السعادة من شخص لآخر، وجوهر السعادة ينبع من الشخص ذاته، لكن السعادة بالمفهوم السوري أن يكون الوطن بخير، وأن تنتصر سوريتنا المقدسة وتتطور تطوراً مستداماً لتزداد إبهاراً للعالم، وأن يظل الإنسان السوري شامخاً معززاً كريماً إيجابياً وبانياً ونافعاً لذاته وأسرته ومجتمعه ووطنه والحياة، وهذا يتطلب أن تكون منهجيتنا القادمة متفاعلة حتى التماهي مع “الأمل بالعمل”، لتستبعد الفئة المنشغلة بمفهومها الهدّام القائم على الأمل بالكسل، أو لا أمل مع اليأس، أو الأمل بالجشع والفساد والطغيان والتسلط، بل لا بد من تحديات أخرى متمسكة ومتماسكة بالعمل لنبني حياتنا الفردية والجمعية والمجتمعية توازياً مع بنائنا لحياتنا الروحية والعقلية والعلمية والمعرفية والثقافية والفنية؛ وتوازياً مع بنائنا لوطننا بكافة بنياته التحتية والمؤسساتية والاقتصادية والتجارية والتكنولوجية والعمرانية.
ولنتجاوز ما نتج عن العشرية الإرهابية لا بد أن تكون سوريتنا التي نحب ونخلص ورشة عمل متكاملة من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، لنشعر بأننا أوفياء لها ولشهدائها وجرحاها وأمهاتها وأجيالها المختلفة، لعلنا نعيد للطفولة مستقبلها، ونسترجع المستقبل إلى ذاكرته الحقيقية، وهذا يحتاج إلى منهجية متكاملة تضاعف إنتاجية اليوم وساعاته إلى يومين، فنعمل 48 ساعة في الـ24 ساعة، وبذلك نتجاوز الركود والكسل واليأس، ونجعل عملنا متواصلاً من أجل أهداف قريبة وبعيدة ننجزها بإتقان وسرعة وأخلاق وضمير، وإن فعلنا ذلك، تجاوزنا الحرب الظلامية وآثارها، وتجاوزنا البطء الزمني، لنسابق الزمن في إعادة البناء والإعمار وبإمكانياتنا المحدودة واللا محدودة، ولنكن واثقين بإمكاناتنا وطاقاتنا وقدراتنا لأننا جميعاً ضرورة لبناء ذواتنا والمجتمع والوطن والحياة، لأن كل فرد منا هو ضرورة لبناء المجتمع والوطن والحياة، ولتكن حكمتنا المناسبة: ما علينا أن ننجزه اليوم يجب أن ننجزه البارحة، وما علينا أن ننجزه غداً يجب أن ننجزه اليوم، وبذلك نكون قد اختزلنا الفترة الزمنية من خلال الإنتاجية والفاعلية والتفاعلية الإنتاجية، ونكون قد رددنا الشتات والضياع على من أراد أن يشتتنا ويضيّعنا. وإذا ما فعلنا ذلك نكون قد صنعنا سعادتنا التي لا تشبهها أية سعادة، لماذا؟ لأننا نصنعها بمفهومنا السوري، الرافض للسعادة الآنية الأنانية الزائلة، بمفهومنا الباني للسعادة المتكاملة المضيئة كديمومة مستدامة عامة. لكن، كيف نصل إلى السعادة بمفهومها الديمومي المتجدد؟
هناك وسائل وطرق مختلفة ومتنوعة لتحقيق السعادة الأقرب إلى الواقع والحقيقة بحيث لا تكون وهمية واهمة، بل جدّية وقابلة للتغيّر المناسب المشع من خلال العمل كطاقة إنتاجية منتجة، ولنصل إلى هذا المقام من السعادة لا بد أن نعمل ونحب ما نعمل لتكتمل مدارات العقل مع الوجدان مع آثار ونتائج العمل كبعد ثالث منظور.
ضمن هذه الرؤيا نستطيع أن ننسج عملنا وسرعة أدائه وإتقانه بمحبة متناسبة مع محبتنا للمصلحة الوطنية العامة، وكلٌّ في مجاله وكفاءته وما يجيده من خبرة متفانية قد تكون لا علاقة لها باختصاصه التعليمي، فكم من مبدع اخترع ما لن يخترعه سواه وهو الذي درس اختصاصاً آخر في الجامعة، وكم من مخترع لم تساعده ظروفه على استكمال تعليمه لكن إصراره وإرادته على التفكير والعمل والإبداع جذبته كما يجذب المغناطيس الحديد، فتابع ما ينبض به عقله الباطن وتابع مع طموحه لينجز حلمه بالعمل، وينجز، بالتالي، مفهوماً لسعادته الخاصة، وربما العامة.
ما رأيكم أن نجرب وننجز سعادتنا الفردية الذاتية والجمعية والوطنية من خلال أحد مفاهيم “الأمل بالعمل”؟