دراساتصحيفة البعث

قمة بوتين – بايدن.. تصعيد قبل اللقاء!

تقرير إخباري

بعد سلسلة من الإجراءات والمواقف والتصريحات بين قطبي النظام الدولي روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكية، أعلن البيت الأبيض، نهاية شهر أيار من عام 2021، عن لقاء مرتقب بين الرئيسين جو بايدن ونظيره فلاديمير بوتين في العاصمة السويسرية جنيف 16 حزيران من الشهر الحالي، وهو اللقاء الأول بين الرئيسين بعد تولي بايدن إدارة البيت البيضاوي.

لقد عمّق بايدن الفجوة بين القوتين الأكثر فاعلية في الساحة الدولية وملفاتها المتأزمة، ولاسيما عندما دعا إلى ضرورة توحيد الشارع الأمريكي المنقسم نحو روسيا، بعد اتهام الأخيرة بالتدخل في انتخابات 2016 لمصلحة ترامب، وزعمه أن روسيا تجسّست على المؤسّسات الأمريكية، وأن هذا السلوك لن يمرّ دون محاسبة وعقاب -وفق تهديدات بايدن- حتى أن التصعيد وصل درجة الخروج عن الأعراف الدبلوماسية، ووصف بايدن الرئيس الروسي بأنه “مجرم وقاتل”، مما دفع سيد الكرملين للردّ بلغة دبلوماسية تحمل الكثير من الرسائل والتذكير بالتاريخ الأمريكي تجاه الهنود الحمر وتجاه المجازر الدولية.

هذه القمة المرتقبة سبقها لقاء على مستوى وزيري الخارجية لأول مرة بين طوني بلينكن وسيرغي لافروف لمدة تزيد عن ساعتين، على هامش انعقاد مجلس المنطقة القطبية الشمالية في ريكيافيك في آيسلندا، في محاولة الطرفين تذويب الثلوج وإزالة العراقيل لنجاح هذه القمة والوصول لمخرجات بعد الاتفاق على حصول اجتماعات للجان الفنية المتخصّصة بين الجانبين تسبق القمة وتضع جدول أعمال لها.

من جانب آخر، أثار هذا الإعلان من قبل البيت الأبيض عن مكان وموعد القمة انتقادات من الحلف الخصم والمناوئ للرئيس الأميركي، أي الجمهوريين، متعلّلين بموقف بوتين من العديد من القضايا، وخاصة الحادثة الأخيرة لاعتراض طائرة شركة “ريان إير” واعتقال صحفي كان على متنها بناءً على توجيهات حليفه الرئيس البيلاروسي، وقيام روسيا بحشد قواتها على الحدود مع أوكرانيا، وبالتزامن مع اتساع وتفاقم قضية اختراق إلكتروني مزعوم لشركة “سولار ويندس”، وهو مادفع بالسيناتور الجمهوري بن ساسي للقول إن هذا الاجتماع المزمع عقده وفق هذه الظروف سيجعل موقف الرئيس بايدن يبدو ضعيفاً أمام الموقف الروسي المتنامي. وهو ما يشير إلى شنّ حملة واسعة محتملة قبل وبعد القمة من الجمهوريين ضد بايدن لأهداف تتعلق بجوانب انتخابية من جانب، والانتقام من الديمقراطيين من جانب آخر.

كما يُلحظ نوع من الضبابية في الإعلانات الرسمية للجانبين حول أبرز الملفات التي يمكن أن تتصدّر جدول أعمالها، وهو ما يوحي بأنها قد تكون قمة بروتوكولية أو جسّ نبض من قبل الطرفين، أو قد تكون مازالت في انتظار ما سينجم عن اجتماع وتواصل اللجان الفنية المتخصّصة، وهذه الضبابية تظهر في البيانين لكلا الجانبين، ففي بيان يمكن وصفه بالمقتضب قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إن الرئيسين سيبحثان مروحة من القضايا الملحة، في وقت نأمل بجعل العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا أكثر استقراراً، بينما نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن الكرملين أن الرئيسين سيناقشان العلاقات الثنائية والاستقرار الاستراتيجي وتسوية النزاعات الإقليمية والتعاون في مكافحة جائحة فيروس كورونا.

أما ما يتعلّق بأبرز الملفات المتوقعة للنقاش والطرح من الجانبين، فإنها تكمن في ملفات مقلقة مثل الملف الأوكراني، وفي الوقت ذاته سيسعى بايدن لإثارة قضية بيلاروس برئاسة ألكسندر لوكاشنكو، خصوصاً وأن موسكو هي داعمها الأكبر، بالتزامن مع إثارة واشنطن ما يُسمّى ملف حقوق الإنسان في روسيا والدول الحليفة لها، وتجديد المزاعم بشأن التجسّس الروسي والتدخل في الانتخابات، في حين أن موسكو لن تقف مكتوفة الأيدي وستطرح قضية حقوق الإنسان من منظور الانتهاك الأمريكي لحقوق الشعوب، والتدخلات المستمرة للناتو في تهديد روسيا عبر الدرع الصاروخي، والعقوبات القسرية الأمريكية تجاه الدول ومنها سورية، وإثارة قضية الدعم الأمريكي للحركات الانفصالية والعلاقة مع الإرهاب وعرقلة الحلّ السياسي في سورية، وأخيراً القرار الغربي باحتواء العلاج الروسي ومنع بيعه في الغرب!.

في حين أن الملفات التي يُحتمل التوافق حولها وتدرج على جدول أعمال القمة تتضمن قضية مراقبة الأسلحة النووية، ومراقبة التسلح، وحاجة العودة لاتفاق للملف النووي الإيراني والتغيّر المناخي.

محمد نادر العمري