وماذا بعد ؟ (1)
د. مهدي دخل الله
ما هي حصيلة الحروب على سورية طيلة عشر سنوات ونيف؟ وما هو اتجاه التوازن في هذه الحروب بين المعتدي والمعتدى عليه ؟..
حصيلة هذه الحروب مجتمعة بالنسبة للمعتدي ليست قليلة . فقد كان من نتائج الحروب علينا تدمير أجزاء كبيرة من وطننا ، وقتل أعداد كبيرة من السوريين، وتشريد مئات الآلاف بالاتجاهات الأربعة خارج البلد، وضرب واحد من أكثر الاقتصاديات استقلالية في العالم، وتعطيل مسار تنموي ناهض كانت مؤشراته الكمية والنوعية في تصاعد مستمر ..
كانت سورية على أبواب أن تحقق معجزة في اتجاهين: الاستقلال السياسي الفريد من نوعه، والتنمية الاندفاعية المستقلة ..
اليوم نواجه حصيلة صعبة للغاية ، احتلال أمريكي وتركي لأجزاء مهمة من سورية ، ميليشيات ومرتزقة إرهابيون على الأرض السورية ، سرقة علنية وموصوفة للثروات السورية ، حصار اقتصادي خانق يضاف إليه عدوان اقتصادي فريد من نوعه (قانون قيصر) ..
بالمقابل ، هناك حصيلة مدهشة في التصدي لهذه الحروب حيث تحققت نتائج تكاد تكون معجزة . في رأس هذه النتائج إسقاط هدف تقسيم سورية وأهداف أخرى مثل القضاء على نظامها السياسي الوطني وضرب جيشها وتحويل شعبها إلى مجموعات مسلحة ومتصارعة. وهناك النجاح بفرض حقيقة وحدة الأراضي السورية وسيادة الدولة السورية على العالم كله بما فيه القوى المحتلة للأرض السورية . اليوم تؤكد كل الوثائق الدولية (قرارات مجلس الأمن-تفاهات سوتشي وأستانا) في بندها الأول وهذا كان مستحيلاً في بداية الحرب علينا.
ومن مؤشرات نجاحنا في التصدي هو اعتراف القوى المعادية بفشل الإرهابيين بدليل دخول جيوشها مباشرة في الحرب على سورية (أمريكا وتركيا).
ومن جملة نتائج التصدي أيضاً الحفاظ على تماسك الدولة السورية بجميع مؤسساتها بدليل إجراء الاستحقاقات الدستورية في أوقاتها، وكذلك انضباط الجيش وتماسكه . وقد حاول أعداء سورية ضرب الوحدة الوطنية عبر التجويع (قانون قيصر) إلا أن هذه الوحدة ازدادت عمقاً وثباتاً بدليل ظاهرة الانتخابات وما رافقها من مظاهر ..
هذا جزء من النتائج الإيجابية للتصدي. لكن المكون الأهم هو اليقين المتزايد بالنصر . فإذا كان هناك من يمكن أن يناقشك حول شكوكه بالنصر قبل سنوات مستنداً إلى التوازن المفقود بين الأعداء وسورية ، اليوم لم يعد عاقل – بمن فيهم الأعداء أنفسهم – يمكن أن يشكك بانتصار سورية ..
هذا يعني أن الفجوة الكبرى في توازن القوى بين المعتدي والمعتدى عليه تتقلص كماً ونوعاً لصالح هذا الأخير ..
وللحديث بقية.