“كوبا أمريكا”.. التاريخ يقف إلى جانب البلد المضيف في النسخة الأكثر جدلاً!!
“البعث الأسبوعية” ــ سامر الخيّر
إثر جدل كبير، أبصرت النور أكثر البطولات جدلاً من بين المنافسات العالمية التي ستقام هذا الصيف “كوبا أمريكا”، أو “كأس أمريكا الجنوبية”، فبعد أخذ ورد بين إقامتها من عدمه، أو البلد الذي سيضيفها، وما صاحب كل ذلك من صخب إعلامي واعتراضات، تارة من اللاعبين وتارة من الرعاة، نجحت البطولة كعادتها بلفت أنظار عشاق كرة القدم حول العالم، رغم وجود بطولة كبرى أخرى على الجانب الآخر من العالم “يورو 2020″، ولربما كان اختلاف التوقيت أو الشعبية الكبيرة لنجوم أمريكا اللاتينية سبباً في نجاح المتابعة على الأقل، أما فيما يخص نجاح البطولة ككل فلا يمكن الجزم به حتى الانتهاء منها، وحتى ذلك الوقت سنقوم باستعراض أهم المحطات التي مرّت بها هذه البطولة حتى صافرة البداية لأول مبارياتها بين منتخب البلد المضيف البرازيل وفنزويلا.
البداية من موعد إقامة البطولة الذي تقرر تأجيله عاماً كاملاً بسبب انتشار جائحة كورونا، فبعد عام على استضافة البرازيل لآخر نسخ البطولة عام 2019، والفوز بلقبها في المباراة النهائية بعد التغلب على البيرو بثلاثة أهداف نظيفة، كان من المقرر أن تستضيف كولومبيا والأرجنتين النسخة السابعة والأربعين من الكأس اللاتينية لأول مرة في أكثر من بلد، منذ عام 1983، ولكن الأحداث السياسية والاجتماعية التي تعاني منها كولومبيا جعل بلاد التانغو تتقدم بطلب استضافة كافة المباريات على أراضيها، لكنها جردت من حق استضافة البطولة قبل أسبوعين فقط من المباراة الافتتاحية، حيث تشهد البلاد ارتفاعاً في عدد حالات الإصابة بكورونا، ما أدخل منظمي البطولة والاتحاد الأمريكي الجنوبي في دوامة المجهول، إلى أن تقدمت البرازيل بطلب استضافة البطولة للمرة الثانية توالياً وهو ما تحقق أخيراً.
وفي ظل ضيافة بلاد السامبا، يجب أن نمايز بين عاملين: الأول نفسي والثاني مادي. نفسياً، أثار قرار استضافة البرازيل للبطولة حفيظة الشعب وكذلك لاعبي وموظفي المنتخب الذين عبروا عن رأيهم صراحةً عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنهم أكدوا أنهم سيستمرون في المشاركة إذا استمرت البطولة، فهم – حسب تصريحاتهم – قلقون من كون البلاد سجلت ما يقرب من 17 مليون حالة مؤكدة، و473 ألف حالة وفاة، وتم إعطاء أكثر من 65 مليون جرعة لقاح، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يواجه الاتحاد البرازيلي لكرة القدم مشكلات إدارية، حيث تم عزل رئيسه روجيريو كابوكلو مؤقتاً من منصبه الأحد الماضي بعد مزاعم بالتحرش الجنسي، ما أثر إشاعات تفيد برغبة المدير الفني للفريق أدينور تيتي بتقديم استقالته.
أما العامل المادي فتمثل بانسحاب أهم وأكبر رعاة البطولة التاريخيين، شركة “ماستركارد”، الأمريكية متعددة الجنسيات، والتي قالت في بيان لوسائل الإعلام: “بعد تحليل دقيق، قررنا عدم تفعيل رعايتنا لكوبا أمريكا في البرازيل، وبذلك، لن تعرض الشركة التي تدعم المسابقة الكروية منذ عام 1992، علامتها التجارية ولن تروج للإعلان في هذه النسخة من كوبا أمريكا”.
وأخيراً، جاءت موافقة فرق قارة أمريكا الجنوبية على المشاركة في البطولة، طبعاً بشروط، حيث ستكون المنتخبات في مقرات إقامتهم في بلدانهم أثناء المسابقة، وسيسافرون للبرازيل قبل كل مباراة لهم بـ 24 ساعة.
أما نظام البطولة فنجد أنه ستتنافس 10 فرق من أمريكا الجنوبية في هذه النسخة المؤجلة في مباريات عددها 28 مباراة، وجرت العادة أن يتنافس 12 فريقاً، بدعوة دولتين من أمريكا الشمالية أو آسيا كضيفتين للعب إلى جانب الفرق العشرة الأعضاء في اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم. وفي هذا العام، كان من المقرر أن تشارك كل من استراليا وقطر، بصفتهما الفائزين السابقين بكأس الأمم الآسيوية، لكن كلتا الدولتين انسحبتا لاحقاً بسبب تعارض المواعيد مع لقاءات في المباريات التأهيلية لكأس العالم 2022، وهذا يترك فرق الأرجنتين وبوليفيا والبرازيل وتشيلي وكولومبيا والإكوادور وباراغواي وبيرو وأوروغواي وفنزويلا للتنافس على بطولة القارة.
فتم تقسيم الفرق العشرة إلى مجموعتين من خمس فرق، حيث تتنافس الفرق الأربعة المتصدرة من كل مجموعة للوصول إلى مباريات ربع النهائي: المجموعة الأولى (البرازيل، كولومبيا، الإكوادور، بيرو، وفنزويلا)، والمجموعة الثانية (الأرجنتين، بوليفيا، تشيلي، باراغواي وأوروغواي)، وستقام المباريات في مدن برازيليا وغويانيا وكويابا وريو دي جانيرو، بينما تقام المباراة النهائية على استاد ماراكانا الشهير في العاشر من الشهر القادم.
وتعتبر الأرجنتين من بين الفرق المرشحة للفوز، على الرغم من أنها لم تعد تلعب على أرضها، حيث يتطلع النجم ليونيل ميسي لتسليم الكأس لفريقه في آخر فرصة نظرية له للقيام بذلك، لعلّه يعوّض حسرة تضييعه لضربة الجزاء في المباراة النهائية مع تشيلي في بطولة كأس أمريكا الجنوبية 2016، فهو فاز 10 مرات بكأس الدوري الإسباني لكرة القدم (لاليغا)، وبدوري أبطال أوروبا أربع مرات مع نادي برشلونة، لكنه لا يزال يتطلع إلى رفع كأس بطولة كبيرة مع بلاده؛ وفوز الأرجنتين سيضعها على قدم المساواة مع أوروغواي الفائزة باللقب 15 مرة باعتبارها الدولة الأنجح.
وتضم قائمة اللاعبين في كوبا أمريكا نجوماً لامعة في القارة يتطلعون إلى ما يريده الأرجنتينيون، فالنجم التشيلي آرتورو فيدال يتطلع لمشاركة مثمرة في رابع بطولة له، كما يعتبر لاعب منتخب كولومبيا لويس موريل من النجوم الذين ستشد الأنظار إليهم، فمهاجم فريق أتلانتا الإيطالي لم يتقدم عليه أحد في تسجيل الأهداف سوى كريستيانو رونالدو، وروميلو لوكاكو، في إيطاليا هذا الموسم، حيث سجل 22 هدفاً في جميع المباريات.
وسيتحمس عشاق اللعبة لمشاهدة كافاني وسواريز يقودان الهجوم لصالح فريق أوروغواي، فقد أمضى الاثنان، البالغان من العمر 34 عاماً، مواسم قوية مع فريقي مانشستر يونايتد وأتليتيكو مدريد، حيث سجل الاثنان 38 هدفاً فيما بينهما خلال مشاركتهما في جميع المباريات.
لكن التاريخ والإحصائيات تقف إلى جانب أصحاب الضيافة، حيث ستكون هذه هي المرة السادسة التي تستضيف البرازيل بطولة “كوبا أمريكا”، وهو ما يبشرها بتحقيق اللقب للمرة العاشرة، فقد استطاع البرازيليون تحقيق اللقب في كل النسخ الخمس السابقة التي أقيمت على أرضهم، وأول هذه الألقاب جاء عام 1919 عند استضافة النسخة الثالثة من البطولة، والتي أقيمت بنظام مجموعة من دور واحد بمشاركة 4 منتخبات هي أوروغواي والأرجنتين وتشيلي، إلى جانب أصحاب الأرض.
وفي عام 1922، أقيمت النسخة السادسة من بطولة “كوبا أمريكا” في البرازيل، وشهدت مشاركة 5 منتخبات هي أوروغواي والأرجنتين وباراغواي وتشيلي، بجانب السيليساو، وفاز منتخب البرازيل على باراغواي بثلاثية دون رد في المباراة الفاصلة، ليحقق اللقب الثاني في تاريخه. وفي عام 1949، احتضنت البرازيل النسخة الـ 21 من البطولة التي أقيمت بنظام المجموعة الواحدة بمشاركة 8 منتخبات، بحضور أصحاب الأرض مع أوروغواي وباراغواي وكولومبيا والإكوادور وبيرو وبوليفيا وتشيلي، وغياب الأرجنتين وفنزويلا. وحصل منتخب البرازيل على صدارة المجموعة برصيد 12 نقطة، متقدماً بفارق الأهداف على وصيفه منتخب باراغوي. وبعد 40 عاماً، عادت بطولة “كوبا أمريكا” إلى البرازيل التي استضافت النسخة الـ 34 منها، وشهدت مشاركة كل منتخبات القارة، وقسمت المنتخبات على مجموعتين تضم كل منهما 5 منتخبات، وتصدر منتخب البرازيل مجموعة الدور النهائي برصيد 6 نقاط، متقدماً بفارق نقطتين على أوروغواي التي حلت في المركز الثاني، وبهذا حققت البرازيل لقبها الرابع، أما آخر ألقابها فكان في آخر نسخ البطولة.