مجلة البعث الأسبوعية

زياد مولوي.. عبدو مع دريد لحام وعمو زياد في المسرح 

أمينة عباس

تكاد الأعمال الكوميدية التي شارك الفنان الراحل زياد مولوي فيها لا تغادر الشاشات العربية، وهو الذي كان واحداً من أشهر نجوم الكوميديا على مدى أكثر من عشرين عاماً، وقد شارك في أعمال تلفزيونية شهيرة كـ”مقالب غوار “و”حمّام الهنا” و”بعد فوات الأوان” وقد عُرِف في السنوات الأولى من تجربته الفنية الغنية بشخصية عبدو الطيبة والظريفة، وقد خاض غمار الإخراج والإنتاج بالإضافة إلى التمثيل، وعلى الرغم من النجاح الذي حققه تلفزيونياً وسينمائياً إلا أنه لم يبتعد عن المسرح الذي أنتج له عدة مسرحيات للكبار والصغار الذين عرفوه في مسرحياته باسم عمو زياد.

من المسرح إلى التلفزيون

تلقى زياد مولوي دراسته في مدارس دمشق التي عرفت بدايات موهبته الفنية، ومع حصوله على الشهادة الثانوية التحق بالعمل الوظيفي في وزارة المواصلات، وكان مقرّباً من زملاء العمل لخفة ظله وظرافته، لكنه لم يستمر في عمله طويلاً مقدّماً استقالته لتعلقه أكثر بعالم الفن، وبدأ حياته الفنية مع فرق الهواة المسرحية مجسداً شخصياتٍ عدّةً على خشبات المسارح والتي شهد الجمهور من خلالها تميزه في الأداء والحركة العفوية الظريفة، إلى أن جاءت الفرصة ودخل العمل الفني المحترف من خلال فرقة المسرح العسكري، وبلقائه مع الفنان محمود جبر شكّل معه ثنائياً مرحاً من خلال شخصيتي طريف وظريف، إلى أن جاءته فرصة كبيرة للعمل مع الفنان دريد لحام الذي دعاه كمخرج للمشاركة في سهرة تلفزيونية ليكون بعدها شريكاً معه ومع مجموعة من الفنانين من خلال مسلسل “مقالب غوار” الذي قُدّم في العام 1967 وللنجاح الكبير الذي حققه أتبعه لحام بمسلسل “حمّام الهنا” وكان مولوي مشاركاً فيه، وفي العام نفسه شارك مع دريد لحام في فيلم “الصعاليك” وظلّ مستمراً في العمل مع الثنائي دريد ونهاد في فيلم “خياط للسيدات” عام 1969و”اللص الظريف” 1970وللنجاح الكبير الذي حققه انتقل مولوي للمشاركة في الأفلام السورية المصرية المشتركة، فشارك في فيلم “امرأة من نار” مع صلاح ذو الفقار وناهد يسري، وفي “ذكرى ليلة حب” مع نبيلة عبيد، وفي “شقة للحب” مع ماجدة الخطيب ومحمد عوض عام 1973 واستطاع في العام 1974 فرض نفسه كأحد نجوم تلك الفترة، فعمل في أفلام “خيمة كركوز-حب وكاراتيه-بنات للحب-الغجرية العاشقة”.

تجربة الإنتاج

مع نجاحه وانتشاره من خلال الأفلام السينمائية قرر زياد مولوي خوض تجربة الإنتاج، فكان الفيلم الأول الذي أنتجه عام 1975 “حبيبي مجنون جداً” ثم أتبعه بتجربة أخرى في فيلم “غرام المهرج” عام 1976 ولعب في كلا الفيلمين دور البطولة، وفي العام 1978 شارك كممثل في فيلم “الدنيا نغم” مع عمر خورشيد.

ثنائي مع رفيق سبيعي

شكّل زياد مولوي مع الفنان رفيق سبيعي ثنائياً من خلال عدة برامج وأعمال درامية أُنجزت لصالح التلفزيون اللبناني بالتوازي مع تقديمه لعدة سهرات تلفزيونية، منها: “مرتي عالم نفسي- عقد بيع قطعي-شجرة في ظل رجل” وغيرها، كما كان أحد نجوم مسرح الشوك الذي أسسه الفنان عمر حجو مشاركاً في لوحات قصيرة عديدة أضحكت الجمهور كثيراً، وأصبح بعض ما صوّر منها أرشيفاً خاصاً في التلفزيون يُعاد عرضه بشكل دائم.

 

مخلص للمسرح

على الرغم من الشهرة الواسعة التي حققها آنذاك لم يبتعد زياد مولوي عن المسرح خلال مسيرته الفنية الطويلة، فأسس فرقة خاصة به مقدماً مسرحيات عدة، منها: “ضيف الحكومة- عريس الزين يتهنى- أذكى غبي في العالم- دكتور الحقني- دبرولنا حل- قتل على الطريقة الأميركية” وغيرها، كما أسس فرقة خاصة بمسرح الطفل قدم من خلالها عدة مسرحيات، منها: “الشاطر زياد- حكايات عمو زياد- زياد النبهان” وغيرها، إلى جانب عمله مخرجاً في الإذاعة التي أنجز لها مئات الحلقات من البرامج الدرامية الهامة كـ”حكم العدالة- حزورة رمضان” وغيرها من الأعمال.

ولحضوره المتميز وشخصيته المحببة فاز بأصوات كثيرة في انتخابات فرع دمشق لنقابة الفنانين أهّلته لأن يتسلم منصب رئيس فرع دمشق للنقابة.. ولزياد مولوي تجربة واحدة في التأليف هي مسلسل “طرابيش” الذي عُرض في العام 1992 من إخراج وبطولة طلحت حمدي، وشارك فيه عددٌ من نجوم الدراما السورية.

أب مختلف

ويبيّن الممثل والمخرج خالد مولوي في تصريحه لمجلة “البعث الأسبوعية” أن زياد مولوي كان أباً مختلفاً، فرغم انشغاله الكبير وغيابه الطويل عن البيت إلا أنه كان حريصاً دوماً على تخصيص وقت للأسرة، وكان يعتبر هذا الوقت مقدساً، وكل لحظة كانت برفقته ذكرى جميلة محفورة في الذاكرة تحفز ابتسامة عند استعادتها، وربما تولد دمعة من حرقة الشوق والافتقاد، مؤكداً أنه لا يمكن لأي فرد من العائلة أن ينسى السهرات التي كان فيها محوراً ونجماً لخفة دمه ولطافته ودماثته وأسلوبه المميز في الحديث وإلقاء الطرائف، ويذكر جيداً كيف كان أطفال العائلة يتجمعون حوله مشدودين إليه وهم يتابعون حديثه بكل إعجاب والضحكات لاتفارق وجوههم، لكنه بنفس الوقت كان الأب الحازم الذي يُخشى غضبه، لذلك كانت العائلة حريصة دوماً على الالتزام بتعليماته بحب دون تذمر أوتأفف، معبّراً خالد مولوي عن فخره مع أخيه عمر في حياته وبعد مماته أنهما أبناء واحد من مؤسسي ورواد الحركة الفنية في سورية والذي ترك بصمته المميزة في السينما والمسرح والتلفزيون والإذاعة سواءً في عمله كممثل أو مؤلف أو مخرج أو منتج، وحتى من خلال عمله في المواقع القيادية والإدارية في نقابة الفنانين ولجنة صناعة السينما والتلفزيون، مؤكداً أن أهم ما أنجزه في حياته هو عمله في مسرح الأطفال، فزياد مولوي هو أول من قدم عرضاً مسرحياً موجهاً للأطفال في سورية في بداية السبعينيات من القرن الماضي وهي مسرحية “الشاطر زياد” واستمر بعرضها لعدة سنوات وقدمها في كافة المحافظات وفي عدة أقطار عربية، ومن ثم قدم مسرحيتَي “حكاية عمو زياد” و”زياد النبهان” وهي مسرحيات لها مكانة خاصة في ذاكرة أجيال عديدة حيث لا يمضي يوم دون أن يلتقي خالد بشخص يقول له: “لقد حضرتُ عرضاً مسرحياً لوالدك عندما كنت طفلاً ومازال عالقاً في ذاكرتي بكل تفاصيله”.

داعم ومشجع

يقول الكاتب والمخرج الياس الحاج: “كنت ألتقيه غالباً نهاراً في الإذاعة ممثلاً ومخرجاً للأعمال الدرامية والمنوعات، وكان من نصيبي أن شاركتُ في أعمال من إخراجه مثل حزورة رمضان وحكم العدالة وأعمال منوعة وسهرات درامية كنت مؤلّفاً لبعضها، وقد عملتُ ممثلاً ومخرجاً لسهرات وثنائيات ومسلسلات من تأليف زياد مولوي، منها: “أوراق النواطير- الشرك- عشرة عمر-المهاجر- حكايا زقزوق للأطفال إضافة إلى لوحات كوميدية قصيرة، وقد كان مشجعاً لي على الاستمرار بفرقة مسرح الطفل والعائلة، وقد دعاني أكثر من مرة لكتابة نص للأطفال يقوم من خلاله بجولة إلى كافة المحافظات لإيمانه برسالة المسرح وبحاجتنا لتأسيس جيل يعشق المسرح، وكان يحدثني دائماً عن عالمه الخاص مع المسرح الذي أحبه كثيراً وعن مغامرته وأسفاره ومشاركاته الأخيرة في مهرجانات عدة كان آخرها مهرجان القاهرة الدولي للإذاعة والتلفزيون، وقد أنجزتُ عنه فيلماً ضمن سلسلة ظرفاء الدراما لصالح قناة سورية دراما”.

رحل مولوي مبكراً وعمره لم يتجاوز 52 عاماً عام 1997.