دراساتصحيفة البعث

العدد الحقيقي لضحايا الحروب الأمريكية

عناية ناصر

اتهم المدافعون عن حقوق الإنسان إدارة بايدن بالانضمام إلى أسلافها في التقليل من عدد المدنيين الذين سقطوا بالرصاص والقنابل الأمريكية.

ووفقاً لتقرير وزارة الدفاع “البنتاغون”، قتلت القوات الأمريكية 23 مدنياً العام الماضي خلال عمليات عسكرية في أفغانستان والعراق والصومال وسورية واليمن. لكن العدد الحقيقي للمدنيين الذين استشهد في الاعتداءات الأمريكية، في عام 2020، كان أعلى بكثير. فقد أفادت مجموعة المراقبة الصحفية “Airwars” التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها أن ما بين 34 و36 مدنياً قتلوا بسبب الهجمات التي قادتها الولايات المتحدة في العراق وسورية العام الماضي، وأن ما بين 7 و13 مدنياً قتلوا على أيدي القوات الأمريكية في الصومال العام الماضي.

ووجد تقرير صدر في كانون الأول 2020 عن فريق من 50 باحثاً وخبيراً قانونياً وممارساً في مجال حقوق الإنسان وطبيباً في معهد “واتسون” للشؤون الدولية والعامة بجامعة براون في رود آيلاند، أن 83 شخصاً على الأقل من المدنيين قتلوا في 24 هجوماً أمريكياً منفصلاً في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي. وهكذا يبدو أن التناقض بين عدد الضحايا المدنيين في عام 2020، الذي اعترفت به الولايات المتحدة والأرقام التي أبلغ عنها مراقبون مستقلون ووسائل الإعلام، والتي تقلّ عن الأعداد الحقيقية في غالب الأحيان، كان صارخاً، ففي عام 2019، أعلن البنتاغون مسؤوليته عن مقتل 132 مدنياً، بينما أكد المراقبون مقتل أكثر من 1100 مدني في الاعتداءات التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق وسورية.

وتنتقد هينا شمسي، مديرة مشروع الأمن القومي التابع لاتحاد الحريات المدنية، محاولة الإدارة الأخيرة تقليل عدد المدنيين الذين قتلوا في الحروب الأمريكية، قائلةً في بيان: “بعد ما يقرب من 20 عاماً من الصراعات التي لا تنتهي في بلادنا، تنضمّ إدارة بايدن إلى سابقاتها في التقليل من عدد المدنيين، الذين قتلوا أو أصيبوا في العمليات العسكرية الأمريكية في الخارج، لتنضمّ إلى سلوك الإدارات السابقة في التضليل والمزاعم وتزييف الحقائق، وحجب الحقائق عن الرأي العام، الذي سيصدم بما توقعه آلة الحرب الأمريكية من قتل ودمار في بلدان العالم التي تتعرّض للاعتداءات الأمريكية، وخاصة الضربات الجوية بالطائرات دون طيار”.

وأمام هذه المعطيات، فإنه من المستحيل تحديد عدد الرجال والنساء والأطفال الذين قتلوا على يد القوات الأمريكية على مدار العقدين الماضيين من الحروب التي شنّتها ضد الدول التي لا يرضى عنها البيت الأبيض، ولا تسير في الفلك الأمريكي، والتي تصل في أقل التقديرات إلى ما بين 500.000 إلى أكثر من مليون مدني، وتشريد الملايين من الأشخاص، ودمار كبير وهائل في البنى التحتية في الدول المستهدفة بالعدوانات، إضافة إلى انتشار الإرهاب وتمدّده إلى دول العالم، عدا عن وصول تكلفة تلك الحروب، وخاصة منذ هجمات 11 أيلول 2001، إلى 6.4 تريليونات دولار.