دراساتصحيفة البعث

خلاصة العدوان على غزة من قبل باحثين يهود وأمريكان

محمد نادر العمري

مازالت تداعيات الهزيمة النكراء المتمثّلة بفشل العدوان الإسرائيلي الأخير في تحقيق أهدافه في قطاع غزة، بل وقلب صورة المشهد ونقل المعركة إلى داخل الأراضي المحتلة، والنكسة الكبرى التي تعرّضت لها القبة الصاروخية، ترخي بظلالها على الداخل الإسرائيلي في عدة مجالات، أبرزها المجال البحثي والإعلامي.

مؤخراً خلصت مجموعة من الكتّاب والباحثين الأمريكيين والإسرائيليين إلى مجموعة من العبر التي يجب استخلاصها من قبل حكومة الاحتلال خلال العدوان الأخير، والذي أطلق عليه “حارس الأسوار”، حيث تمثلت أولى هذه العبر في كيفية تكييف دولة الاحتلال مع تنامي قوة حركات المقاومة في غزة، وهو ما سيشكّل أزمة مستمرة للواقع الأمني والعسكري الإسرائيلي، إذ أنه من غير المتوقع أن تتقلّص قوة هذه الفصائل بعد ماحقّقته من نتائج، مقدمين النصائح بالدخول في هدنة طويلة، يسعى من خلالها الاحتلال لإحداث شرخ داخلي ويدخل الفصائل والقوى السياسية في نزاعات فيما بينها على السلطة.

أما العبرة الثانية فهي اهتراء المعلومات الاستخباراتية التي فشلت في تحديد دقيق للمنشآت العسكرية، ومصانع إنتاج الصواريخ، ومراكز القيادة والسيطرة، والقيادة السياسية والعسكرية للفصائل، وهو ما يستلزم إعادة النظر في البنية الاستخباراتية للكيان، معتبرين أن هناك سبباً رئيسياً لهذا الوضع المهترئ وهو الفساد المستشري داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

وتتمثل العبرة الثالثة بمحاولة قطع العلاقة بين فصائل المقاومة في غزة مع حزب الله ومحور المقاومة، الأمر الذي سيغيّر من موازين القوى لمصلحة الكيان الصهيوني.

أما العبرة الرابعة فتتمثل بعدم التعويل على أن تغيير الأجيال سيؤدي إلى تغيّر الولاء والانتماء، فما زاد من حرج “إسرائيل” عالمياً، ليس فقط فقدان قدرتها “الردعية” بانهمار الصواريخ عليها، بل تحرك عرب 48 ضد المستوطنين، فما حصل في اللد يمثل فشلاً كاملاً لاستراتيجية عمرها قرابة سبعة عقود، طرحها بن غوريون بداية لدمج اليهود من القوميات المتعدّدة ضمن الكيان، ومن ثم حاولت الحكومات المتتابعة تطبيقها على عرب 48 لصهرهم في المجتمع الإسرائيلي وتذويب ذاكرتهم وتغيير انتماءاتهم.

وفي العبرة الخامسة دعا الخبراء إلى عدم بناء التصورات الحمائية الأمنية والعسكرية على الشركاء حتى لو كانوا استراتيجيين، حيث إن الإدارة الأمريكية الحالية أولت أهمية لمصلحتها في التفاوض مع إيران حول العودة للاتفاق على دعم الكيان.

أما العبرة السادسة فتكمن في أن على “إسرائيل” منع أي شكل من أشكال التوحد والمصالحة بين الفصائل الفلسطينية، فما حصل من توحّد الفصائل قلب مشهد موازين القوى العسكرية، وفي حال حصول هذا التقارب السياسي أو الوحدة السياسية، فإن ذلك سيزيد الخناق على الكيان -وفق الباحثين- لذلك يتوجب، وفق هؤلاء، المحافظة على الوضع والشكل السياسي القائم ولو استلزم ذلك تقديم تنازلات غير مؤثرة لمصلحة طرف على طرف، مما يعيق المصالحة الفلسطينية، ويزيد من التشرذم الداخلي.

وخلص الباحثون إلى نصيحة أقرب منها للدرس تتمثّل بعدم سماح “إسرائيل” بإعادة إعمار قطاع غزة بشكل يكون بعيداً عن الرقابة أو الإشراف الإسرائيلي، حيث يعتبر ذلك في حال حصوله وفق رؤية هؤلاء الباحثيين استكمالاً لنصر فصائل المقاومة من جانب، وتعزيزاً لقوتها من جانب ثانٍ، وزيادة في تحرّر القطاع من القبضة الإسرائيلية. وقدمت مجموعة الباحثين رؤيتها لمشروع إعادة الإعمار في حال حصوله أن يتمّ عبر شركات لدول قريبة من “إسرائيل” ولها علاقات وثيقة بها، تقدم مخططاً لما ستقوم به وما ستنفذه، وهو ما سيتيح لـ”إسرائيل” التغلغل داخل القطاع استخباراتياً.