مركز أدهم إسماعيل يطلق مجموعة من الخريجين في فضاء التشكيل السوري
افتُتح مؤخراً المعرض الفني التشكيلي لخريجي مركز أدهم إسماعيل في مقره الكائن في ساحة الشهبندر بدمشق، وضمّ المعرض ٦٠ لوحة فنية بقياس ٥٠×٧٠ سم بتقنية التصوير الزيتي بمشاركة ٢٥ فناناً هم خريجو النصف الثاني من العام ٢٠١٩.
وبيّن مدير المركز قصي الأسعد أن افتتاح المعرض تأخر بسبب اتخاذ تدابير الحيطة والأمان للوقاية والحدّ من انتشار فيروس كورونا المستجد وتجنّب التجمّعات الكبيرة حفاظاً على سلامة الطلاب والجمهور، مشيراً إلى أن الأعمال الفنية تمحورت في المعرض حول العديد من المواضيع والقضايا الاجتماعية، وتنوّعت بين البورتريه ومدلولاته التعبيرية والواقعية وما يحمله من أحاسيس ومشاعر، والطبيعة الصامتة ومناظر الطبيعة الحية والأعمال التراثية والدمشقية القديمة، وهناك أعمال تناولت رموزَ الأصالة العربية المجسّدة بالحصان وما يرمي إليه من قوة وصبر وصمود، إضافة لأعمال تحاكي العالمية بالأسلوب والتقنية ولوحات عن الأزياء الشعبية التي تعكس هوية المناطق السورية بموروثها الرائع، والأهم برأيه تلك الأعمال التي عالجت قضايا الطفولة وسلَّطت الضوءَ على أحلام الأطفال ورغباتهم وعلى حالاتهم النفسية وتنوعها في ظل الظروف الحالية، مبيناً أن كلّ الأعمال تضمّنت رسائل ومعاني وقيماً وحكايات أراد الطالب توصيلها لجمهوره المتلقي من خلال مساحة القماش المتاحة والخطوط والألوان بتداخلها وانسجامها لتعبّر عن مكنونات داخلية وهواجس أراد طرحها وتسليط الضوء عليها ومعالجتها من خلال اهتمام الرأي العام بها.
وأكد الأسعد أن هذا المعرض هو انطلاق لكوكبة من البراعم الفنية التشكيلية ليبحروا في عالم الفن ويقدموا أفضل ما عندهم من نتاج لتحقيق رغباتهم وإيصال مشاعرهم من خلال الفن الراقي في عالم الجمال، وهو نهاية تدريب كان مقرر عامين ونصف ولكن طالت المدة بسبب كورونا، وهذا صبّ في مصلحة الطلاب بزيادة التدريب والعمل والصبر على النتيجة التي نقطف ثمارَها من خلال المعرض، وهذا ما يميّز هذه الدفعة من الخريجين عن مثيلاتها من الدفعات السابقة، موضحاً أن المشاركين في هذا المعرض هم من طلاب المركز الذين أمضوا وقتاً طويلاً في التعلم والتدريب والمثابرة والبحث مع أساتذتهم لكي يصلوا لمبتغاهم في الحصول على شهادة التخرج من مركز أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية لينطلقوا بمركبهم في الحياة التشكيلية ويرفدوا الحركة الفنية التشكيلية في سورية بخير النتاج الفني الجمالي،
ونوه بأن هذا المعرض يتيح تحقيقَ غايتين، الأولى للمشاركين وهي إطلاقهم للعمل الفني والحياة التشكيلية، والثانية أنه فرصة ليقدم المركز ما لديه من إمكانيات وقدرات تعليمية مجسّدة بهؤلاء الفنانين الجدد مما يعطي ثقة لجمهوره الراغب بالتدريب والانتساب للمركز، حيث إن الأعداد تزداد بشكل سنوي، والراغبون يتسابقون للتسجيل في دورات المركز المفتتحة، مؤكداً أن هذا يسبّب للمركز الكثيرَ من الإحراج في عدم القدرة على استيعاب كل من لديه طموح بالفن التشكيلي لضيق المكان الذي يشكل أهم الصعوبات والعوائق في تحقيق أهداف المركز وغاياته.
وأشار إلى أن وزارة الثقافة برعاية الدكتورة لبانة مشوِّح تسعى لنشر دورات أدهم إسماعيل في كل البنى التحتية لوزارة الثقافة واستثمارها بالشكل الأمثل، وتقديم كل أشكال الدعم اللوجستي لتطوير أداء المركز بشكل دائم. ولفت الأسعد الانتباه إلى أن مركز أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية شهد في السنوات السابقة، سنوات الحرب العدوانية، إقبالاً كبيراً من قبل الطلاب، وما هو إلا شكل من أشكال التحدي لمتابعة تعليم وتدريب الفنون لزيادة الفكر التنويري ولرفع الذائقة الفنية ولتهذيب النفس البشرية رداً على ما كانت تحمله الحرب من فكر ظلاميّ تكفيريّ سلبيّ يهدم الإنسان.
وختم الأسعد حوارَه متمنياً لطلابنا مستقبلاً فنياً أكثر تألقاً ونجاحاً كونهم تميزوا عن كل المراكز الفنية المشابهة لعمل المركز بأدائهم الفعّال والقوي المستند لبرنامج غنيّ وغزير بالعمل والبحث الفني المتخصّص وزيادة ساعات التدريب خلال برنامجه الأسبوعي مما أكسب الطلاب مهارات السرعة والجرأة في العمل والطرح وخوض أقوى المنافسات والمشاركات الجماعية.
فني لسان حالي
ولأن القراءة حاجة وجودية وليست مجرد ترف، اختارت رنا طه أن يكون موضوع لوحتها حافزاً ودافعاً لاستنبات ثقافة القراءة من جديد من خلال رسم شخصيات قامت بتصويرها بشكل عفوي في الشارع أثناء تمعنها في القراءة والإضاءة على موضوع العزوف عن القراءة وهجر الكتاب من خلال لوحة بائع الكتب الوحيد في أزقة دمشق، في حين رأت عفاف البيطار أن العودة إلى الجذور تعني الأصالة التي تستشرف المستقبل بثبات، ولذلك كانت لوحتها الأولى لشجر السرو المعمّر في حضن الصخور، والثانية بورتريه لفتاة، والثالثة خضراوات من الأرض، وكانت هذه اللوحات ربطاً بين الطبيعة والإنسان والتاريخ والتراث.
كما بيَّن وسام عماد بلعوط أنه تناول في لوحته مشاكلَ الشاب السوري على صعيد الدراسة والعمل والحب وعدم قدرته على تحقيق أحلامه بسبب صعوبة الحياة التي يعيشها.
وتحت عنوان “فني لسان حالي” أشارت ربا كمال إلى أن ألوانها الممزوجة في كل لوحة تتكلم عنها بكل شفافية وتعبّر عن أسلوبها لتحكي للناظر قصصاً شتى، مبينة أنه وخلال فترة دراستها في المركز لم تصقل موهبتها في الرسم فقط بل صقلت كل جزء حطمه الحزن، فكان الحلّ الوحيد هو فرشاة وتكوين ما تحتاجه لتنجز عملاً فنياً هو القليل من الوقت والكثير من الإحساس. وأوضحت رغد مسلماني أن مشروع تخرجها يسلّط الضوء على العزلة والوحدة كظاهرة متزايدة الانتشار في المجتمع السوري من خلال ثلاثة مشاهد مختلفة ما بين طبيعة وطبيعة صامتة وبورتريه. في حين كان مشروع دلال دفخار إيضاح مفهوم العطف على الحيوان ببعده الإنساني العميق لإيمانها أنه من خلال التعامل مع الحيوان يمكن الحكم على مدى رقي الأمم وتقدمها الأخلاقي.
كما اختارت سميرة القادري الباليه والأطفال موضوعاً لمشروع تخرجها لأنه من أجمل أنواع الرقص ويتميّز بدقة الحركة والانسجام الدقيق بين الجسد والروح والموسيقى، فيخلق بذلك جواً روحانياً نابعاً من أعماق الروح، فتبدو الراقصات فيه وكأنهن فراشات تتمايل بين الأزهار في جوّ ربيعي وسعادة كبيرة، كما قدمت منال التلا مشروع تخرج هو عبارة عن رسم رقصة المولوية التي نرى فيها نوعاً من التواصل بين الفن والروح، وربط الماضي بالحاضر من خلال هذا الفن المتميز الذي يمثل الحالة الصوفية الروحانية.
أمينة عباس