الإصلاح الاستثماري.. “الصناديق” مثالاً صارخاً؟
قسيم دحدل
عندما سألناه عن إمكانية إحداث ووجود الصناديق الاستثمارية، مبينين ماهيتها وأهميتها، كانت إجابة رئيس مجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية الدكتور عابد فضلية، المُقدّر رأيه وشفافيته وصراحته، وبالحرف الواحد الآتي: “الموضوع الذي طرحته مهمّ جداً جداً.. ومدرج في قانون الهيئة، لكن الاهتمام الحكومي وغير الحكومي – بالمقابل – ضعيف جداً جداً، لذلك أقترح التوسّع به والإضاءة عليه إعلامياً كلما كان ذلك ممكناً”.
ليس هذا فحسب، بل شدد على أن تتكرّر عناوين صحفية وإعلامية بهذا الصدد، مثل: “برسم الحكومة، أين الجهات الحكومية من صناديق الاستثمار..؟! هذه الصناديق أوعية ادخارية وتنموية وطنية.. تجميع للمكتنزات العقيمة الصغيرة.. تمويل مجاني (من دون فوائد) لمشاريع استراتيجية، ترشيد الاستهلاك وعقلنة الاستثمار.. إلخ”.
اليوم ونحن نسمع ما يصل مسامعنا عمّا يتمّ في “مؤتمر الإصلاح الإداري” والرأي في أن يكون لشعاره “إدارة فاعلة ومؤسسات ديناميكية” نصيب قادم من اسمه “نتشاءل”، إن لم نحبط!!. ما يجعلنا نصل لما انتهينا إليه، أن هناك قضايا مهمّة جداً يشكّل حلّها الإصلاح بعينه، ومنها الصناديق الاستثمارية، التي توفر “المال المُموّل” الذي لا تزال الحكومات المتعاقبة تتخذه شماعة لعدم القدرة على “الإصلاح الاستثماري” إن جاز لنا التعبير.
إن الإصلاح الإداري لا يمكن أن يُكتب له النجاح إن لم يتوازَ مع إصلاح المالية العامة لخزينتنا، وفي الوقت نفسه الأموال العامة والخاصة، ولعلّ الصناديق الاستثمارية بالنسبة للثانية أهم منقذ للأولى، لمقدار الكمّ التمويلي الذي توفره، لمشاريعنا عامة وللإصلاح الإداري خاصة.
هنا يغدو السؤال – مثلاً لا حصراً – عن مصير ما تقدّمت به هيئة الإشراف على التأمين منذ سنوات وهو “مشروع إحداث الصندوق الاستثماري التأميني”، الذي يؤمّن نحو 37 مليار ليرة، يمكن ضخها استثمارياً في دعم المشاريع الاستثمارية والمصانع الحكومية المتوقفة عن العمل، والتي تحتاج إلى السيولة المالية لعودة انطلاقها للإنتاج؟.
المشروع تمّ تقديمه سابقاً، والذي كان سيُدعم برأس مال شركات التأمين والمؤسسة العامة السورية للتأمين، كان مزمعاً طرحه للمناقشة مع شركات التأمين وسوق دمشق للأوراق المالية، لوضع الأطر القانونية والفنية لإحداث هذا الصندوق، وبعد عدة سنوات على ما فات “لا حس ولا خبر..!!”، ويبدو أنه أصبح في خبر كان، علماً أن وزارات وجهات حكومية كالكهرباء مثلاً تبحث “بالسراج والفتيلة” عمن يموّل مشاريعها وخططها.
هكذا مشروع هو كغيره، مكتمل كامل، لا يحتاج إلاَّ لقرار، لكن دون القرار قرار بألاَّ تكون، فلماذا لا..؟!، وكيف سيكون الإصلاح إن كان هناك متربص بالإصلاح؟!. حتى أن الاكتمال بالإصلاح وصل إلى أنه، وفيما يخصّ الصناديق الاستثمارية، طرح إحداث الصندوق السيادي، ليكون مرادفاً لهذه الصناديق، تخفيضاً للخطورة عن تلك الصناديق، وليتمّ دعمها في حال الانخفاض الحاد لأسهم الصندوق الاستثماري التأميني والصناديق الأخرى التي يمكن إحداثها في نجاح فكرة هذا الصندوق.
كلمة أخيرة نقولها: إن الخطورة الحقيقية والكبرى، أن نقول ولا نفعل، رغم وجود ما يدعم من إمكانيات وتشريعات، وهذا مقتل أي إصلاح.
Qassim1965@gmail.com