صفعة ماكرون الثانية
تقرير إخباري
أعلن ادوار فيليب، رئيس الحكومة الفرنسية عن موعد إجراء الجولة الثانية من الانتخابات البلدية وذلك في 28 حزيران المقبل، وقد تباينت ردود فعل الأحزاب والشخصيات السياسية عقب الإعلان عن تحديد هذا الموعد، بعضهم رحب بها، والبعض الآخر لم يرحب بها لجهة أنه سيقابل بانتقاد الشديد من الفرنسيين، لأنهم يدركون أن عدد الناخبين سيكون أقل في شهر حزيران مقارنة بشهر آذار، بحسب رئيس بلدية مدينة ” تور” وسط فرنسا، “كريستوف بوشيه” الذي أشار إلى أن كل الناخبين الذين التقاهم في وسط المدينة قالوا أنهم لن يذهبوا إلى مكاتب التصويت وبالتالي سوف يقاطعون الانتخابات.
وكانت نتائج الجولة الأولى قد جاءت لصالح حزب الجمهوريين فيما تلقى حزب الرئيس الفرنسي الجمهورية إلى الأمام، والجمعية الوطنية التي تتزعمها مارين لوبان، صفعة كبيرة في هذه الانتخابات قبل أقل من عام من موعد الانتخابات الرئاسية. وبحسب مراقبين، كان هذا هو خطئه في الانتخابات البلدية والإقليمية الأخيرة حيث حاول بكافة الوسائل إضفاء الشيطانية على اليمين المتطرف من أجل تقسيم جميع القوى التي ليست على اليسار.
ويجمع المحللون الفرنسيون على أن ماكرون يتظاهر بأنه من يمين الوسط مع كونه قابل للذوبان في تطلعات اليسار البيئي التقدمي المناهض لليبرالية ومع العلمانية، ما زاد من سعة الفجوة بين الحكومة والناخبين. كما تسبب السجل السيئ للحكومة في إحداث صدمة داخل جمهور الناخبين الذي فقد ثقته بالرئيس.
لم يعر ماكرون اهتماماً بميزان القوى، بل على العكس يواصل حملته بنشاط كبير، ودائماً بتلك اللمسة الشخصية التي ستذكرها كتب التاريخ يوماً ما: “لم يعمل يوماً من أجل مصلحة فرنسا والشعب الفرنسي، وإنما من أجل مصالحه ومصالح طبقة الأثرياء”.
وتقول المعلومات أنه في اليوم التالي للضربة الانتخابية، خطط الرئيس لإعادة افتتاح النوادي الليلية، واستقبل المغني الكندي جاستن بيبر لاستحضار شريحة الشباب، وأعاد افتتاح متجر ” لا سمارتين” الأسطوري في شارع دي ريفولي، ونظم أيضاً أمسية في الإليزيه كجزء من” عيد الموسيقى”.
هذه التصرفات تشكل إهانة أخرى للناخبين الذين عانوا، في غضون أربع سنوات من حكمه، من أزمة اجتماعية كبيرة ، والعديد من عمليات الحجر الجذرية، وسوء إدارة أزمة الوباء، وانعدام الأمن، وما زاد الطين بلة هو الركود الاقتصادي العميق الذي تعاني منه البلاد والتي لا تزال تغرق في سيطرة الدولة المدمرة وذات النتائج العكسية، حيث فرضت التدابير ضد الوباء عقوبة صحية واقتصادية مزدوجة، فيما وصل انعدام الأمن إلى آفاق جديدة مع تراجع العلمانية واستمرار الأعمال الإجرامية في الارتفاع. لذلك لا يأسف أعضاء حزب الجمهورية إلى الإمام والحكومة سوى على مرونة اليمين الجمهوري التي من الواضح أنهم لم يتوقعوها لأنهم بكل بساطة كانوا يعتمدون على استقطاب النقاش السياسي وشيطنة الجبهة الوطنية.
هذا الفشل في الرؤية يضع ملامح الانتخابات الرئاسية لعام 2022، حيث تم بالفعل الإعلان عن زلزال كبير الحجم، داخل الشبكات الاجتماعية، وبعض وسائل الإعلام الحرة وفي خطاب أكثر السياسيين شجاعة. فهناك أصوات كثيرة علت ضد ما لم يكن مسموحاً به حتى قبل بضعة أشهر.
هيفاء علي