أقـل مـا يـقـال.. تخطيط ولكن..!.
“البعث الأسبوعية” ــ حسن النابلسي
أغلب مشاكلنا العقارية تعود إلى انعدام التخطيط السليم والرؤية المستقبلية لهذا القطاع خلال العقود الماضية، حيث لم يؤخذ بالحسبان النمو الطبيعي، وتزايد عدد السكان – خاصة وأن سورية من أعلى نسب التزايد في العالم – إضافة إلى الهجرة من الريف إلى المدينة، تبعاً للمواسم الزراعية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ما شكل ضغطاً كبيراً على مراكز المدن، وأوجد المضاربة على المتوافر من السكن.
كل الدول الحديثة تقوم بوضع مخطط هيكلي عام للدولة، وتحدد البنى التحتية اللازمة والمحاور المطلوبة لتنمية القطاعات الاقتصادية، وتأمين الأراضي المتاحة للتطوير العقاري والسكني.. إلخ.
رغم أن بداية سوء التخطيط – إن صح القول – تعود إلى ستينيات القرن الماضي، إلا أن الدولة لم تستدرك ذلك عملياً، تاركةً الأمور تسير بشكل عفوي دونما تدخل يصحح مسارها وتوجهها نحو هدف محدد.. وهنا نستحضر القانون رقم 60، الصادر عن حكومة عبد الرؤوف الكسم، والخاص بالتنظيم العمراني، لنبين أنه منع توسع المدن وإحاطتها بحزام أخضر بهدف المحافظة على خصوصية كل مدينة، ولكن هذا القانون لم يطرح مناطق عقارية تنموية بديلة لتأمين السكن واستيعاب الطلب المتنامي عليه، ما أدى بالنتيجة إلى انتشار المخالفات في محيط المدن وخاصة دمشق، وهذا يعود لغياب التخطيط الجيد..!
ومن الشواهد على عدم التخطيط السليم أيضاً هو الارتفاع المذهل لأسعار العقارات التجارية في مدينة دمشق، ما دفع بكثير من أصحاب الأبنية السكنية لتحويلها إلى تجارية للاستفادة من هذه الفورة السعرية.. يضاف إلى ذلك الاحتكارات الصغيرة منها والكبيرة، وما جلبته من إشكاليات أطاحت بمحتاجي السكن إلى العشوائيات وما يكتنفها من سوء خدمات وضنك معيشي.
ما سبق يؤكد أهمية التخطيط، وما ينتج عنه من نتائج تتناسب إيجابياتها طرداً مع حُسن مستوى ما خُطط، وما دُرس، فهو – أي التخطيط – بمثابة البوصلة التي تحدد مسارات التوجه الصحيحة.. أما سوء التخطيط فيؤدي إلى نتائج لا تُحمد عقباها، فكيف إذاً بغياب التخطيط.. فحتماً ستكون النتائج كارثية..!
أخيراً.. أن تصل متأخراً أفضل من ألا تصل أبداً.. فعلينا التعلم من المطبات التي تواجهنا وأن نجعلها دروساً لنا نستفيد منها وأجيالنا اللاحقة، فما عجز الأولون عن تخطيطه ودراسته كما يجب علينا استدراكه علّنا نضع أقدامنا على الطريق الصحيح لدروب التنمية.