دراساتصحيفة البعث

حكومة الكيان الصهيوني.. لا تغيير!

عناية ناصر

تتولّى الحكومة الإسرائيلية الجديدة السلطة وهي بالفعل مشلولة إلى حدّ كبير، بائتلاف ثمانية أحزاب متنوعة، اتفقت على أمرين فقط: أولاً، التخلّص من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وقد تمّ ذلك. وثانياً، عدم الرغبة في التوصل إلى اتفاق بشأن أي تغييرات سياسية رئيسية مع الاستمرار في الوضع الحالي للاحتلال والفصل العنصري تجاه الفلسطينيين.

إن استمرار الوضع الراهن يشكّل مشكلة، فعلى الرغم من وجود وسط، ويسار وسط ومكوّن فلسطيني صغير، فإن الحكومة الجديدة تكمن في أقصى اليمين، وخاصةً بعد تفاخر رئيس الوزراء الجديد نفتالي بينيت، وهو زعيم قديم للمستوطنين الإسرائيليين، بأنه على يمين معلمه اليميني المتطرف نتنياهو. وقد سبق له أن تفاخر في عام 2013 بالقول: “لقد قتلت الكثير من العرب في حياتي، ولا توجد لدي مشكلة في ذلك”!.

تتوضع القوة في كلتا كتلتي الكنيست: ائتلاف “التغيير” الجديد، والمعارضة بقيادة الليكود ونتنياهو على يمين اليمين المتطرف، لتعبّر عن  مسار اليمين الفاشي للسياسة الإسرائيلية بشكل عام، فكلتا الكتلتين تؤيدان الحفاظ على الوضع الراهن فيما يتعلّق بالفلسطينيين.

لذا مهما كانت التغيّرات في اللغة أو اللهجة التي قد تظهر مؤقتاً من قادة الكيان الإسرائيلي ما بعد نتنياهو، فلن يكون هناك تحوّل في ظروف حياة الفلسطينيين، لن يكون هناك تغيير بالنسبة لأولئك الذين يعيشون تحت الاحتلال العسكري في الضفة الغربية والقدس، ولا تغيير بالنسبة لأولئك الذين يعيشون تحت الحصار الذي دام 15 عاماً في غزة وعواقب العدوان الإسرائيلي الإجرامي الأخير هناك، ولا تغيير بالنسبة لأولئك الذين يعيشون كمواطنين من الطبقة الثالثة أو الرابعة داخل أراضي عام 1948، ولا توجد فرصة لأولئك الذين يعيشون كلاجئين من الجيل الثالث أو الرابع في الشتات الفلسطيني.

بعد سنوات أخرى من القمع والسلب والفصل العنصري نفسه للفلسطينيين، هناك خطر أن يحظى الكيان الصهيوني بالدعم القوي من البيت الأبيض والكونغرس، خاصةً وأن الدعم اللا محدود مستمر مع منح مليارات الدولارات من المساعدات الأمريكية مباشرة لقوات الاحتلال الإسرائيلي، ودعم “إسرائيل” بلا تحفظ في الأمم المتحدة، وحماية القادة الإسرائيليين من المساءلة في المحكمة الجنائية الدولية.

لا يزال الكثيرون محرجين في واشنطن من نتنياهو، وهو الذي بدا لهم استنساخاً إسرائيلياً لترامب يشاركه العنصرية العلنية، وكراهية الأجانب، والاستبداد اليميني الصريح، وازدراء الديمقراطيين والصحافة والديمقراطية.

كان نتنياهو، قد بدأ بالطبع هذا المسار قبل عقود من ظهور ترامب، لكن السنوات التي قضاها ترامب في منصبه مكّنت نتنياهو من الصعود داخل الكيان وفي الساحات الإقليمية وحتى العالمية، من المرجّح أن يكون بعض هؤلاء من بين سماسرة السلطة وصنّاع السياسة الحاليين في واشنطن ممتنين للغاية لإبعاد نتنياهو عن الطريق، لدرجة أنهم سيرحبون بـ بينيت وشريكه في الائتلاف يائير لابيد كبداية جديدة، في “إعادة تمهيد” لترسيخ علاقة واشنطن بالكيان، وهذا أمر خطير جداً، لأن هذه الحكومة الجديدة ليس لديها نيّة لتغيير سياساتها القائمة على أساس ما تسميه منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية “بتسيلم” “نظام التفوق اليهودي”، ولا تنوي إنهاء الجهود الإسرائيلية لتقويض عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الإيراني حتى لو كانت الحرب هي النتيجة، كما لا ينوي هؤلاء القادة الجدد تحميل أنفسهم المسؤولية عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان في غزة أو في أي مكان آخر.

إنه مجرد تغيير لبعض الوجوه، بدءاً من الشخص الذي يتفاخر: “لقد قتلت الكثير من العرب في حياتي”!.