انقلاب أمريكي على قمة بوتين – بايدن
تقرير إخباري
هدّد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في مقابلة مع صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية قبل أيام بالقول: “إذا استمرت روسيا في مهاجمتنا أو التصرف كما فعلت مع هجمات “سولار ويند” والتدخل في انتخاباتنا والهجوم على أليكسي فإننا سنردّ”، حسب تعبيره.
هذا التهديد لا شك أنه يدخل في إطار التعقيب على قمة بوتين – بايدن التي عُقدت في جنيف، 16 حزيران الفائت، والهدف منها إيصال ما لم يتمّ مناقشته في القمة، وربما يكون انقلاباً على الاتفاق الذي جرى بين الزعيمين على بدء حوار موضوعي حول الاستقرار الاستراتيجي، وعدم جواز وقوع حرب نووية، وتحقيق تفاهم حول ضرورة عقد مشاورات حول قضايا الأمن السيبراني، ومناقشة قضايا أنشطة البعثات الدبلوماسية، ومصير مواطني روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، ممن يقضون عقوبتهم، وعدد من النزاعات الإقليمية.
الملفت هو قيام المسؤولين الأمريكيين، بمن فيهم بعض ممن شاركوا في اجتماع جنيف، باستخدام نبرة التوجيهات الحادة ليعطوا الانطباع بأن ما تراه الولايات المتحدة صحيح في الشؤون الدولية، وأنه يجب أن يُفرض على الآخرين، وعلى روسيا والصين تحديداً قبل أي أحد آخر. لكن يبدو أن أمريكا من وراء هذا التهديد لا تريد فك رموز القواعد الدولية وسبب الحاجة إليها، وما يعزّز هذه الفرضية هو الحراك الأمريكي في قمم مجموعة السبع، وحلف الناتو، والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، التي ركزت على رمزية عودة الولايات المتحدة إلى أوروبا، واستعادة تعزيز العالم القديم تحديداً تحت جناح الإدارة الجديدة في واشنطن.
هذا العالم القديم الذي أعادت إحياؤه قمم بايدن الأخيرة ارتكز على الأساس الأيديولوجي للعقلية الأمريكية، وما يدلل على ذلك هو إطلاق واشنطن وبروكسل على نفسيهما اسم “مرساة الديمقراطية والسلام والأمن”. وإلى جانب ذلك الإعلان، وعلى هامش قمة مجموعة الدول الصناعية السبع التي جرت في 10 حزيران الفائت، قام جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، بتوثيق ميثاق أنغلو أمريكي أطلسي جديد، وهو ما تمّ تقديمه كنسخة محدّثة من الوثيقة التي وقّعها الرئيس الأمريكي، فرانكلين روزفلت، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ونستون تشرشل عام 1941 تحت الاسم نفسه، دون ذكر حقيقة تاريخية أساسية، وهي انضمام الاتحاد السوفييتي، وعدد من الحكومات الأوروبية في المنفى آنذاك إلى هذا الميثاق “الأولي” قبل 80 عاماً، كما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مقال نشرته صحيفتا “كوميرسانت” و”روسيا في السياسة العالمية” الروسيتان قبل أيام تحت عنوان “القانون والحقوق والقواعد”.
إن انقلاب الإدارة الأمريكية على مخرجات قمة بوتين- بايدن التي ركزت على أن العلاقات يجب أن تكون مستقرة وواضحة بين البلدين هو دليل على أن الولايات المتحدة ما زالت تخفي الضغائن ضد روسيا، وهو ما يفسّر دخول بلينكن على خط التهديد، لأن الاعتبارات البروتوكولية لا تسمح لرؤساء الدول بإطلاق مثل هذه الهرطقات!.