دراساتصحيفة البعث

سيكتب التاريخ كل ما فعله رامسفيلد

تقرير إخباري 

رحل دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي السابق ملاحقاً بإرثه في احتلال العراق الذي خطط له وأداره، هذا الاحتلال التي كلّف واشنطن مقتل 4400 أمريكي، ومبالغ ضخمة بقيمة 700 مليار دولار، وسمي بمستنقع الولايات المتحدة، واستشهاد مئات آلاف العراقيين، وإصابة وتشريد ملايين آخرين، عدا عن تدمير هذا البلد وبناه التحتية.

لقد أظهرت الوثائق بعد الاحتلال الأمريكي للعراق أن رامسفيلد كان مدركاً تماماً للكذب الكبير في المعلومات الاستخباراتية حول أسلحة الدمار الشامل العراقية، لكنه أصر على الاستمرار في تقديم المزاعم والفبركات كما لو كانت حقائق مؤكدة، وقد أدانه مركز الحقوق الدستورية بنيويورك باعتباره مهندس البرنامج الأمريكي للتعذيب، واتهم بسماحه للجنود باستخدام الكلاب، وأبشع أنواع التنكيل والإذلال في معتقل غوانتانامو.

وحسب مسؤولين أمريكيين، فقد رامسفيلد مصداقيته مع القيادة والقوات والكونغرس والشعب الأمريكي بشكل عام، وفشلت استراتيجيته، وعلى الرغم من أن اللوم على الإخفاقات في العراق يقع على عاتق وزير الخارجية، لكن الإخفاقات الحقيقية تقع على القيادة العسكرية التي تتحمّل العبء الأكبر في الفشل، وأكد المسؤولون أنه بعد إصابته بخيبة الأمل من فشل أجهزة المخابرات الأمريكية في التوصل إلى تقارير تؤكد مزاعمه بوجود أسلحة كيميائية، أطلق آلية جمع معلومات استخبارية موازية في البنتاغون تأثرت بشدة بـ “المعارضين العراقيين”.

ولا يزال إرث رامسفيلد في خليج غوانتانامو يثقل كاهل حكومة الولايات المتحدة لعقدين من الزمن، فهو من جادل في ذلك الوقت بأنه المكان الأقل سوءاً لاحتجاز أسرى ساحة المعركة بعيداً عن متناول الحماية القانونية الأمريكية، حتى بات المعتقل مصدر إحراج وعقبة أمام تحقيق العدالة نتيجة استخدام التعذيب أثناء الاحتجاز، الأمر الذي أدى إلى تشويه الأدلة، ومنع بدء محاكمة المتهمين الرئيسيين في أحداث 11 أيلول.

وفي مذكراته، اعترف رامسفيلد على مضض بأنه وقع في بعض الأخطاء حول مواقع أسلحة الدمار الشامل العراقية، وقال إنه متفاجئ ومضطرب لمعرفة حقيقة المدى الذي ذهب إليه المحققون الأمريكيون، ووصف الانتهاكات في سجن أبو غريب في بغداد بأنها أحلك ساعة في حياته المهنية في البنتاغون.

سيكتب التاريخ كل ما فعله رامسفيلد، ولن يذكره بخير بسبب المآسي التي صنعها للشعب العراقي، وسيظل اسمه مرتبطاً إلى الأبد بأكبر إخفاق عسكري في تاريخ الولايات المتحدة بحثاً عن أسلحة دمار شامل غير موجودة في الأصل، إلى جانب الاستخدام واسع النطاق للتعذيب الذي ألحق الضرر بسمعة أمريكا. وبكل تأكيد لن يكون التاريخ متسامحاً معه كلما ذكر اسمه، وسيضرب به المثل في الفشل والخداع وتزييف الحقائق التي قادت لأسوأ الحروب وأكثرها سوداوية في التاريخ الحديث.

عائدة أسعد