على وقع التقدّم السريع لطالبان.. روسيا تحذّر من ازدياد التوتر على حدود طاجكستان
ما إن بدأت أميركا بسحب قواتها من أفغانستان، حتى شرعت حركة “طالبان” في التوسع والسيطرة على مناطق واسعة، وقاد عناصرها هجومات متعددة على قوات الجيش الأفغاني ومراكزه. وفي كثير من المناطق، ترك الجنود الأفغان مراكزهم وهربوا، حتى أنها باتت تسيطر على 85% من أراضي البلاد، وفق روايتها، فيما أفادت وسائل إعلام أفغانية بأن مواجهات تدور حالياً بين قوات حركة “طالبان” والحكومة الأفغانية، في ثاني أكبر مدن البلاد قندهار.
وأكدت قناة “طلوع نيوز” الأفغانية، نقلاً عن مصادر أمنية، أن مسلحي “طالبان” هاجموا اليوم الجمعة المنطقة السابعة واستولوا على نقطتي تفتيش، فيما أعلنت الشرطة عن وصول تعزيزات أمنية إلى المنطقة لصد الهجوم.
من جانبها، نقلت وكالة “نوفوستي” الروسية عن مصدر مطلع تأكيده أن قوات “طالبان” دخلت مدينة قندهار، مشيراً إلى سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين جراء مواجهات دارت بين عناصر الحركة والقوات الحكومية في محيط السجن المركزي. وتابع المصدر أن المواجهات تتواصل حتى الآن في منطقة السوق في المدينة.
في غضون ذلك، أعلن حاكم ولاية قندهار، روح الله خان زاده، أن الوضع الأمني في المدينة تحت السيطرة ومسلحي “طالبان” يتراجعون.
في وقت سابق اليوم، نشرت حركة “طالبان” مشاهد تظهر سيطرة الحركة على أكبر قاعدة عسكرية في إقليم زابول، مؤكدة بذلك استمرارها في بسط سيطرتها على أفغانستان بشكل متسارع.
حركة “طالبان”، التي استولت منذ أيار على مناطق ريفية واسعة واقتربت من عدة مدن كبرى، دخلت مدينةَ “قلعة نو” التي يسكنها نحو 75 ألف نسمة، كما أعلنت سيطرتها على مقاطعة بدغيس.
قلق روسي
سياسياً، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو لن تتخذ أي خطوات إزاء الوضع في أفغانستان، ما لم تخرج الأعمال القتالية الجارية هناك عن حدود البلاد، فيما قالت وزارة الخارجية الروسية، إن التوتر على الحدود الأفغانية – الطاجيكية ازداد بشكل حاد، وأكدت أن روسيا ستتخذ مزيدا من الإجراءات لمنع وقوع أي عدوان أو استفزاز.
وصرح لافروف، أثناء مؤتمر صحفي مشترك عقده في موسكو اليوم الجمعة مع نظيره الهندي سوبرامانيان جيشانكار، رداً على سؤال عما إذا كان العالم قادرا على التسامح مع سيطرة “طالبان” مجددا على أفغانستان دون أي اتفاقات مع حكومة كابل، بأن هذا السؤال يجب توجيهه بالدرجة الأولى إلى الأفغان أنفسهم. وتابع: “بوساطة الولايات المتحدة تم ترسيم الخطوات الواجب اتخاذها من أجل استقرار الوضع وإطلاق عملية سياسية والتوصل إلى اتفاق بخصوص المرحلة الانتقالية، ثم تحديد المعايير النهائية لمستقبل أفغانستان. من الواضح أنه ليس بإمكان أحد سوى الأفغان أنفسهم حل هذه المسائل، لكن الاتفاقات المبرمة بين واشنطن و”طالبان” استدعت ترحيب جميع الأطراف، ونحن نؤيد تطبيقها”.
في الوقت نفسه، أكد لافروف أن التطورات الأخيرة في أراضي أفغانستان تثير قلق موسكو إزاء خطر “امتداد المشاكل إلى أراضي حلفائنا”.
وفي معرض تعليقه على سيطرة “طالبان” على معابر حدودية عند حكومة أفغانستان مع طاجيكستان وإيران، قال لافروف: “طالما يحدث ذلك في أراضي أفغانستان، لا نعتزم اتخاذ أي إجراءات سوى تكرار نداءاتنا الملحة إلى إطلاق العملية السياسية التي أيدتها جميع الأطراف الأفغانية في تصريحاتها الشفهية في أسرع وقت ممكن”.
وأكد الوزير الروسي أن التطورات في أفغانستان ستطرح على أجندة الاجتماع الوزاري الذي ستعقده منظمة شنغهاي للتعاون في عاصمة طاجيكستان دوشنبه الأسبوع القادم مع عقد جلسة منفصلة لمجموعة العمل المشتركة بين المنظمة وأفغانستان، مضيفا: “سنستمع إلى خطط أصدقائنا الأفغان بشأن تقديم العملية السياسية”.
كما لفت لافروف إلى أن عاصمة أوزبكستان طشقند ستستضيف الأسبوع القادم أيضاً مؤتمر آسيا الوسطى والجنوبية، مبديا أمل موسكو في أن يوجه كافة المشاركين في كلا الفعاليتين “رسالة قوية إلى جميع الأفغان بشأن ضرورة الشروع في التوصل إلى اتفاقات على نحو جاد”.
من جانبها أعربت الرئاسة الروسية عن قناعتها بضرورة التواصل مع حركة “طالبان”، على خلفية آخر مستجدات الأوضاع في أفغانستان وحولها.
وأكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، للصحفيين اليوم الجمعة، تعليقا على الزيارة الحالية لوفد من المكتب السياسي لطالبان إلى موسكو، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوتين على دراية بخصوص المباحثات في أثناء هذه الزيارة، وتابع: “مثل هذه الاتصالات ضرورية على خلفية تطورات الوضع والتوترات القائمة في أفغانستان وعند حدودها مع طاجيكستان. هذه المباحثات ضرورية”.
ورفض المتحدث باسم الكرملين الإجابة عن سؤال حول ما إذا كانت روسيا ستعترف بـ”طالبان” كحكومة رسمية في أفغانستان إذا أحكمت الحركة سيطرتها على كافة أراضي البلاد، مشيرا إلى أن أي افتراءات بهذا الخصوص غير مقبولة في الظروف الحالية.
وطالبت حكومة طاجيكستان مؤخرا دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي بمساعدتها في تأمين حدودها مع أفغانستان، على خلفية توسيع “طالبان” رقعة الأراضي الخاضعة لسيطرتها في هذا البلد المجاور لطاجيكستان، بالتزامن مع انسحاب قوات حلف الناتو منه.
وكانت وزارة الخارجية الأفغانية أشادت في وقت سابق بالدعم الروسي لتسوية الأزمة في أفغانستان من خلال مفاوضات سلام بناءة بين الحكومة وحركة طالبان.