دراساتصحيفة البعث

انتصار تموز.. معركة الوعي

الدراسات

من الطبيعي جداً أن يكون انتصار المقاومة اللبنانية في حرب تموز 2006 تحولاً مفصلياً في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني، لأن المعركة التي خاضتها المقاومة كانت الأولى مع الكيان بعد الطرد المذلّ من الجنوب في العام 2000، ولأن هذه الحرب التي أشعل فتيلها الكيان في 12 تموز قلب معادلتها المقاومون في لبنان باستخدام تكتيك نقل المعركة إلى عمق العدو من خلال تحويلها إلى نمط الحرب العسكرية التقليدية، والتي كان لها الدور الكبير في كسر العقيدة العسكرية الصهيونية التي ترتكز على الحرب الخاطفة والحسم السريع، وبهذا التكتيك يمكن القول: إن حرب تموز أسفرت عن نتائج ثقافية مهمّة جداً في معركة الفهم والإرادة والوعي.

انتصار تموز لم يكن لبنانياً فقط بل كان انتصاراً لمحور المقاومة، لأن الحرب لم تكن حرب الكيان الصهيوني وحده، بل كانت حرب المحافظين الجدد بزعامة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن، ومشروعهم “الشرق الأوسط الجديد”، الذي جاهرت به وزيرة خارجية أميركا آنذاك كوندوليزا رايس، ومن لبنان تحديداً. واليوم تتجلّى الحقيقة بأن الانتصار هو للمحور كاملاً بانتصار سورية على الإرهاب الذي صدّره ذاك الغرب المتصهين لضرب المحور من العمق، لكن الدولة السورية وحلفاء المحور استطاعوا قلب المعادلة وأثبتوا أن معركة الفهم والإرادة والوعي لا يمكن أن تهزمها الآلة العسكرية والمشاريع الهدامة على مختلف مسمياتها وأدواتها.

كما لا يمكن أن تكون المقاومة الفلسطينية بعيدة عن هذا المحور، وخلال 15 عاماً، وبعد معركة تموز 2006، خاضت المقاومة الفلسطينية 4 مواجهات عسكرية، آخرها معركة “سيف القدس” في أيار 2021 التي شكلت فارقاً لافتاً يعكس تطور أداء المقاومة من حيث التكتيكات العسكرية، ومبادرتها بالهجوم على عمق العدو، والانتقال من مرحلة المعارك الدفاعية إلى مرحلة المعارك الهجومية والمباغتة، كما فعلت المقاومة اللبنانية في حرب تموز.

لا شك أن تجارب الحروب مع العدو الصهيوني أكسبت المقاومة خبرة مكّنتها من تحسين أدائها في كل جولة، وهو ما سيكون الرافعة لتعزيز حلف المقاومة وزيادة قوته وصلابته، وبالتالي فتح الأبواب على مصراعيها لتفاهمات جديدة ووضع استراتيجيات لمواجهات قادمة مادام العدو الصهيوني ممعناً في احتلاله وتوسيع مستوطناته.

لذلك من الضروري أن تذوب الاعتبارات الجيوسياسية لمصلحة محور المقاومة، وهذا لا يتطلب مواقف وسياسات متشابهة، بل كل ما تحتاجه تفاهم في إطار التنسيق والعمل المشترك.