اقتصادصحيفة البعث

البلدان النامية تقع في مصيدة مراكمة احتياطيات النقد الأجنبي

تعاني منظومة النقد الدولي -بشكلها الحالي- من عدة اختلالات تعزّز انعدام الاستقرار النقدي للاقتصاد العالمي، فمنذ انهيار النظام النقدي المنبثق عن اتفاقية “بريتون وودز” عام 1971 إثر إعلان الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون عدم قابلية الدولار للتحويل إلى ذهب، ثم توقيع اتفاقية “جامايكا” عام 1976 التي أنهت بشكل رسمي عقوداً من أسعار الصرف الثابتة بين العملات الدولية الكبرى، أصبحت العلاقات النقدية الدولية مرادفاً لانعدام الاستقرار.
وقد اختبرت العديد من البلدان -عبر العالم- أزمات نقدية مالية تمخّضت عن هذا اللا استقرار خلال العقود الأخيرة. وفي ظل العولمة المتفلتة والانفتاح المالي اللذين عرفهما العالم منذ تبني التوجّه النيوليبرالي في ثمانينيات القرن الماضي، أصبحت حركة رؤوس الأموال أكثر شدة ومرونة بالنظر إلى تحريرها من كل القيود التي كانت تقي البلدان من الخروج الكثيف والفجائي للرساميل الدولية، مما يؤدي إلى انهيار العملات المحلية أمام العملات الدولية، كما حصل خلال الأزمة المالية الآسيوية عام 1997 مثلاً. ويترتب عن ذلك مشكلات اقتصادية جمّة مثل التضخم الجامح وارتفاع عجز الميزانية والمديونية بسبب تزايد قيمة المديونية الخارجية مُقوَّمة بالعملة المحلية، مما يفرض على الدول غالباً خيار التقشّف في الإنفاق الحكومي كحلّ سريع، يفضي إلى مشكلات اجتماعية وسياسية. ومن أجل الحدّ من انعدام الاستقرار النقدي، كان من اللازم تأهيل المصارف المركزية للتدخل في أسواق النقد الأجنبي والحيلولة دون حصول تقلبات كبيرة لأسعار الصرف، فسرعان ما أصبح ذلك مطلباً ملحاً ورهاناً كبيراً للعديد من البلدان وخصوصاً النامية منها. ولهذا فهي مضطرة أن تراكم احتياطيات مهمّة من النقد الأجنبي، لكي تستطيع المصارف المركزية التدخل في سوق الصرف كلما اقتضت الحاجة ذلك ودعت إليه الضرورة، وذلك من خلال زيادة العرض من العملات الدولية وتقليل الضغط على العملة المحلية، فتحول بذلك دون انهيار هذه الأخيرة أو تراجعها إلى مستويات تفضي بشكل حتمي إلى استيراد التضخم.
(وكالات)