الكالثتنكس.. لعبة التوازن والقوة العضلية الجديدة تقتحم عالم الرياضة
“البعث الأسبوعية” ــ سامر الخيّر
تكثر الإعلانات الرياضية والترويج للأندية والمدارس الصيفية في فصل الصيف أكثر من غيره كموضة تتجدد كل عام، وتلعب هذه الإعلانات دوراً إيجابياً في جذب الجمهور إلى الرياضة، وربما بنسبة أكبر من يمارسون الرياضة اقتداءً بنجم ما، ولكن المعضلة التي يواجهها المتلقي هي نوع الرياضة التي يجب أن يمارسها، خاصة إن كان كبيراً في السن أو منقطعاً عن الرياضة لسبب ما، فالبعض يفضل القيام بتمارين اللياقة البدنية في الهواء الطلق لأسباب صحية، في حين يفضل البعض الآخر التسجيل في ناد لتقوية العضلات. لكن مع انتشار فيروس كورونا العام الماضي إضافةً لغلاء أسعار اشتراكات الأندية الرياضية، خاصةً في منطقتنا، جرى البحث عن وسائل بديلة لممارسة الرياضة، سواء في المنزل أثناء الحجر أو في الهواء الطلق. ومن هذه النقطة، لاحظنا خلال الأشهر الماضية زيادةً كبيرة في عدد مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تروج لأنواع جديدة من الرياضة، أبرزها تلك التي يقوم أبطالها بحركات دقيقة وقوية شبيهة بالجمباز والآيروبيك، ولكن بشكل استعراضي وجذاب أكثر بكثير، وتكون أجسام المؤدين منحوتةً. فما هي هذه الرياضة؟ وهل هي رياضة بحد ذاتها أم هم رياضيون لألعاب أخرى يؤدون حركات بهلوانية؟ وما هي فوائدها وأوجه الاختلاف بينها وبين شقيقاتها من رياضات القوة؟
كل هذه الأسئلة وغيرها، سنحاول الإجابة عنها من خلال تعريفنا برياضة الكاليثتنكس متتنامية الشعبية، حيث أصبحت من الرياضات التنافسيّة، وقد تمّ تشكيل اتحاد خاص بها في لاتفيا، عام 2011، يستضيف بطولات ممارستها. وحتى في وطننا العربي، أصبح لها اتحادات خاصة في الإمارات ومصر ودول المغرب العربي، وبطولات تؤهل لبطولة العالم، وهذه السنة تستضيف مصر بطولتها العربية.
الكاليثتنكس – تعريفاً – رياضة وظيفية تتطلب الحد الأدنى من المعدات، ما يبرر شعبيتها الكبيرة خلال جائحة كورونا، وهي مجموعة من تمارين المقاومة المركبة التي تستخدم وزن الجسم مع الجاذبية للتحكم في العضلات وتنشيطها وتعزيز القوة والتنسيق وخفة الحركة كتمارين الضغط والمتوازي والعقلة؛ وعرفت بدايةً بـ “تمارين الشارع”، لأنها بدأت مع أشخاص على قضبان معدنية في الشوارع والحدائق، ثم تمت إضافة مهارات أخرى تدريجياً. ولكن يجب التدرج في ممارستها وزيادة صعوبتها دائماً، سواء بزيادة صعوبة التمرين أو بوضع أوزان لضمان استمرار النتائج؛ وأهم ما يميز هذه الرياضة هو التجديد المستمر، حيث يقول أينشتاين إن “اللعب هو أعلى أشكال البحث”، وهذا ما تحققه هذه الرياضة فلا مجال للملل في ممارستها.
والسبب الرئيس في ظهور الكاليثتنكس أن بعض الأشخاص لا يستطيعون الذهاب للصالات الرياضيّة بسبب عدم وجودها في أماكن سكنهم، أو بسبب عدم قدرتهم على دفع تكاليفها. وقد ظهرت خصوصاً في أحياء نيويورك الفقيرة؛ لذلك استطاع هؤلاء الأشخاص استخدام البيئة المحيطة بهم من أسوار وأبواب ومقاعد وملاعب للقيام بالتمارين. وفكرة رياضة تدريب الشارع تتضمن العديد من تمارين الجمباز مع تطوير صعوبتها بهدف تمرين كامل الجسم، إذ يبدأ اللاعب بتدريب ذراعيه من خلال تمارين السحب، ورفع الذقن، وشدّ العضلات على القضبان أو الأسوار؛ وإذا كنت تبحث عن أرجل أقوى فإنّ القرفصاء طريقة رائعة لزيادة قوة عضلاتك، وبمجرد إتقان هذه التمارين، يمكنك الانتقال إلى عمليات التعليق الثابتة، أو ما يُعرف بالقياسات المتساوية، وهو تمرين أصعب من سابقه، ولكنه يعمل على جسمك بالكامل وليس فقط ذراعيك أو ساقيك.
وتوازن تمارين الكاليثتنكس أيضاً بين قدرة العضلات والمرونة مع الكفاءة العقلية لتحفيز الجسم للوصول إلى أقصى قدر من اللياقة، ففي التمارين العادية يمكن تشغيل 70 بالمائة من العضلات، بينما مع الكاليثتنكس، يتم تشغيل ما يصل إلى 90 بالمائة منها. وفي المراحل المتقدمة يجري التركيز على تمارين الحديد وتمارين توازن اليد وتمارين تعليق الأثقال المزدوجة أو تمارين رفع الأثقال للساق.
وأحد أهم النقاط التي زادت من سرعة انتشار هذه الرياضة هو اختلافها عن غيرها من الرياضات في المدة الزمنية التي تتطلبها في التمارين، فعلى عكس شقيقاتها فإن تمارينها لا تحتاج إلى معدات أو تكرارات كثيرة، وخاصةً في البداية، فمثلاً رياضتا الملاكمة وبناء الأجسام يصاب أغلب ممارسيهما بتضخم في عضلة القلب نتيجة الضغط الكبير على القلب من وراء تكرار الضربات في الملاكمة، وعدم كفاية الأوكسجين الداخل إلى الجسم؛ والأمر نفسه مع رفع الأثقال، الرياضة المتعبة بكل تمارينها والتي تستهلك طاقة الجسم كاملةً؛ أما مع الكاليثتنكس فلا يجب أن نستخدم كامل الطاقة في التمرين من أجل الاستمرار في باقي التمارين بالقوة نفسها.
ولأن ظاهرها يوحي بالاستعراض، جرى مقارنتها بالجمباز واليوغا، ولكن الفرق كبير في نسبة الكتلة العضلية إلى المرونة، فرياضة الجمباز تدور حول إتقان ثماني حركات باللياقة البدنية، بينما تتميز ألعاب الكاليثتنكس بالعديد من الحركات، كما يمكنك الارتجال فيها بحركات جديدة باستمرار، ودائماً هناك المزيد. أما في حالة رياضة اليوغا، فهناك العديد من أوجه التشابه باستثناء أن الأولى لها قيود معينة في تقوية الجسم، في حين أن تمارين الكاليثتنكس ليس لها حدود.
ومن ناحية أخرى يجادل البعض بمردود الكاليثتنكس العضلي مقارنةً بممارسة رفع الأثقال في الأندية، وهنا سنستعرض بسرعة أهم الفروقات والفوائد:
الكاليثتنكس مجانية ولا تحتاج إلى دفع عضوية للصالة الرياضية، أو إلى معدات، وكل ما علينا هو إيجاد فسحة للتدريب سواء في حديقة أو في المنزل، أي يمكننا القيام بها في أي وقت وأي مكان.
ويشغل الجانب الإبداعي حيزاً كبيراً فيها، فنحن غير مرتبطين بالتدريبات الأساسية مثل تدريبات رفع الأثقال في الصالة الرياضية، ويمكن لجميع الأعمار ممارستها دون خوف، ويمكن للفتيات ممارستها مثل الشباب، وأهم شي أنها تضخم العضلات وتنحت الجسم.
كما تتميز بنقطة مهمة أخرى عن جميع ألعاب القوة الأخرى، وخاصة بناء الأجسام، بعدم وجود آثار جانبية كثيرة لتركها، كالزيادة السريعة في الوزن، والانخفاض الملحوظ في اللياقة البدنية للجسم، وفي بعض الحالات الضمور في العضلات.. وهذا بسبب طبيعة تمارينها التي تعطي شكلاً بدنياً يمكن الحفاظ عليه لمدة أكبر بمراعاة الطعام والحركة في أسلوب الحياة اليومية.