أردوغان يحتفي بـ “الديمقراطية” وسط حملة قمع غير مسبوقة
تقارير:
افتتح رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان “متحفاً للديمقراطية”، تخليداً واحتفاء بإفشال محاولة الانقلاب!، وسط موجة قمع لم يسبق لها مثيل في تركيا، والتي تشهد منذ صيف العام 2016 موجة اعتقالات ومحاكمات ومصادرة للحريات، يجري تسويقها من قبل حزب العدالة والتنمية الحاكم ومن أردوغان تحت مسمى “حماية الديمقراطية ومكافحة الإرهاب”.
وبقدر ما عكست محاولة الانقلاب حالة الاحتقان والتمرّد على سياسات وحكم الحزب الواحد والنزعة التسلطية لأردوغان، بقدر ما كانت هدية للأخير لتنفيذ مخطط إحكام قبضته على السلطة عبر قمع لا ينتهي، وتوتر مع الدول الغربية بسبب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان وحملة تطهير عشوائية، اكتظت على إثرها السجون بنزلاء من مختلف القطاعات من آلاف العسكريين السابقين والأكاديميين والإعلاميين ومعارضين.
والأرقام تتحدّث عن نفسها؛ فمنذ منذ العام 2016، أوقف النظام التركي أكثر من 300 ألف شخص في إطار محاربة حركة غولن، وحكم على قرابة ثلاثة آلاف شخص بالسجن مدى الحياة. وبالإضافة إلى ذلك، أقال أكثر من 100 ألف موظف في مؤسسات عامة، بمن فيهم حوالى 23 ألف جندي وأربعة آلاف قاض، في عمليات تطهير على نطاق غير مسبوق.
أردوغان- والذي أطلق العنان خلال السنوات الخمس الماضية لحملة سياسية واسعة واعتقالات جماعية أعادت تشكيل تركيا بشكل جذري- أكد، الأربعاء، أن محاربة حركة غولن ستستمر “حتى يصبح آخر عضو لديه غير قادر على القيام بشيء”.
كذلك، فإن المطاردة مستمرة في الخارج حيث نفذت استخبارات أردوغان العديد من العمليات في بلدان آسيا الوسطى وإفريقيا والبلقان لإعادة مؤيدين مزعومين لغولن بالقوة إلى تركيا. وأعلنت أنقرة في أوائل تموز أنها “أعادت” مدرّساً تركياً يعيش في قرغيزستان، هو أورهان إيناندي، والذي اختفى قبل أسابيع قليلة، بزعم أنه من أحد كوادر حركة غولن.
وفي ليلة 15 إلى 16 تموز 2016، نشر عناصر من الجيش دبابات في الشوارع، فيما حلّقت طائرات فوق اسطنبول وأنقرة وقصفت مواقع مهمة مثل البرلمان؛ ومنذ ذلك الحين، ظهر تأثير الليلة المشؤومة في كل جانب من جوانب الحياة التركية تقريبًا، بما في ذلك التعليم والقضاء والقيادة”، حسبما يقول رازية أكوج مع غوكان غانيس. فقد ساعدت الحملة على مدبري الانقلاب المزعومين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين أردوغان على تعزيز سيطرته على تركيا منذ صعوده إلى السلطة في عام 2003.
وبالنسبة إلى العديد من المحللين، أدى “الانقلاب الفاشل” قبل كل شيء إلى تسريع الاتجاه الاستبدادي لأردوغان، الذي عزّز سلطاته بشكل كبير عام 2017 من خلال استبدال النظام البرلماني بنظام رئاسي قوي.
واتهم أردوغان حليفه السابق، الداعية فتح الله غولن، بالتخطيط للانقلاب، كما بدأ حملة قمع بلا هوادة لمؤيديه الذين يشتبه بهم، امتدت إلى المعارضة ووسائل الإعلام الناقدة. وأوضح سونير كاغابتاي، الخبير في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن محاولة الانقلاب سمحت لأردوغان بـ”تبرير حملة القمع ضد المعارضة”، زاعماً أن “جماعات معادية تسعى باستمرار إلى إلحاق الضرر” بتركيا.
ورفض أردوغان بشكل منهجي انتقادات الاتحاد الأوروبي بشأن تدهور سيادة القانون في البلاد منذ الانقلاب الفاشل، مستنكراً “عدم التعاطف”!، فيما أشار دبلوماسي غربي إلى أن تراكم النفوذ بعد الانقلاب الفاشل له “جانب سلبي” لأردوغان، موضحاً “عندما تسوء الأمور، يصعب إلقاء اللوم على الآخرين”.
وتعاني تركيا من ارتفاع مستمر في معدلات التضخم، وخسرت الليرة ثلثي قيمتها مقابل الدولار منذ أسبوع محاولة الانقلاب، كما أدت حملة القمع، التي أعقبت الانقلاب، إلى تدمير صفوف الجيش التركي.