اقتصادصحيفة البعث

أسعار الفائدة.. “كابوس الدول الفقيرة”

تتابع الدول النامية والفقيرة بقلق بالغ الأحاديث المتكرّرة عن احتمالات بدء زيادة أسعار الفائدة وتشديد السياسة النقدية في الدول الكبرى، لما لذلك من انعكاسات مباشرة على تكلفة الاقتراض وتدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى تلك الدول النامية والفقيرة. ولكن المحلّل الاقتصادي دانيال موس يرى أن أسعار الفائدة المنخفضة في الدول الغنية والكبرى سوف تستمر لسنوات ولن تعود قريباً إلى مستوياتها قبل جائحة فيروس «كورونا»، وهو ما يمثل رسالة اطمئنان لأغلب الدول النامية والصاعدة. فالمعروف أن زيادة أسعار الفائدة أو تقليص كميات السيولة النقدية التي يتمّ ضخها في الاقتصادات المتقدمة، ستؤدي إلى خروج رؤوس الأموال من الدول النامية والصاعدة بدرجة أو بأخرى.

ويقول موس في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ إنه من غير المحتمل أن تندفع البنوك المركزية نحو اتخاذ إجراءات بالغة القوة لتحفيز النمو الاقتصادي ودعم الأسواق، فالعالم يتجه نحو تسجيل أقوى نمو له منذ عقود خلال العام الحالي، وذلك بعد أن مرّ في العام الماضي بأسوأ أزمة اقتصادية منذ قرن كامل تقريباً. ولكن هذا النمو ليس من النوع الذي يبرّر تشديد السياسات النقدية. ويقول موس المتخصص في الاقتصادات الآسيوية إن أي عودة -إلى ما كان يعتبر أمراً عادياً بالنسبة للسياسات النقدية قبل الجائحة- لن تحدث قبل سنوات على الأقل. فالبنوك المركزية الثلاثة التي تسيطر على السياسة النقدية للعالم وهي مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي والبنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان المركزي، لا تبدو متعجلة للتخلي عن السياسة النقدية فائقة المرونة في الوقت الراهن. وحتى الصين التي لم تشهد معاناة من ركود شديد، تتحرك بحذر نحو تشديد السياسة النقدية.

إن السياسات النقدية فائقة المرونة التي تبنّتها الدول الكبرى أوائل 2020 لن تستمر إلى الأبد بالتأكيد، لكن الأموال الرخيصة لم تنته بعد، وبالتالي لا يجب الخلط بين الحدث الرئيسي والحوادث الهامشية عند النظر إلى تطورات السياسة النقدية في العالم.