عون يكلّف نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة
انتهت الاستشارات النيابية المُلزمة التي أجراها رئيس الجمهورية ميشال عون، اليوم، في قصر بعبدا، إلى تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة، وقالت رئاسة الجمهورية: إن الرئيس عون استدعى ميقاتي إلى قصر بعبدا لتكليفه برئاسة الحكومة، بعد نيله 72 صوتاً مقابل صوت واحد لـ نواف سلام، و42 صوتاً لم يسمّوا أحداً، وغياب 3 نواب، فيما أعلن رئيس التيار الوطني الحر في لبنان، جبران باسيل، أن تكتل “لبنان القوي” قرّر عدم تسمية ميقاتي لرئاسة الحكومة المقبلة، قائلاً: “لدينا تجربة سابقة غير مشجعة وغير متناسبة مع المهمة الإصلاحية المطلوبة”، مضيفاً: “نتمنى التوفيق لرئيس الحكومة الذي سيكلّف، وأن يتم تصحيح رأينا بالممارسة، ونتمنّى التأليف السريع وسنكون داعمين ومساعدين”.
يذكر أن ميقاتي، رجل الأعمال والسياسي المخضرم، ترأس الحكومة اللبنانية في السابق مرتين، الأولى عام 2005 والثانية عام 2011.
ودعا ميقاتي، عقب تكليفه، إلى تعاون الجميع والابتعاد عن المناكفات، وقال: “لم أكن لأقبل التكليف لولا حصولي على ضمانات خارجية”، وأضاف، في كلمة له من القصر الرئاسي في بعبدا، أنه يسعى “لتأليف حكومة وفق المبادرة الفرنسية، وأخذتُ على عاتقي ألا أتحدّث. وخير الكلام ما دلّ”.
وأكدت مصادر بعبدا أن عون توافق مع رئيس الحكومة المُكلّف على الاسراع في تشكيل الحكومة من دون الدخول في تفاصيل توزيع الحقائب أو تفاصيل أخرى. ونفت المصادر وجود “أي خلافات حول حقيبة معينة، فالبحث لم يتطرق الى هذه المسألة، لكن ثمة أجواء متعمدة للإساءة الى عملية التأليف والتسويق لنقاط خلافية بين الرئيسين غير موجودة”.
وحتى الساعة، كل تصريحات ميقاتي واجتماعاته تقود الى رغبة في التعاون، بدءاً بما عبّر عنه لدى اجتماعه برئيس الجمهورية، حيث أعرب عن استعداده للتعاون والتوافق “لتشكيل الحكومة المطلوبة التي ستنفذ المبادرة الفرنسية لمصلحة لبنان والاقتصاد اللبناني كي ننشل البلد من الانهيار”، مؤكداً أن لديه الضمانات الخارجية المطلوبة للخروج من الأزمة.
وخلال عام، فشلت محاولتان لتأليف مجلس للوزراء وسط دوامة الانهيار الاقتصادي المتسارع، إذ أخفق سلفه سعد الحريري في المهمة ذاتها، وقبله الدبلوماسي مصطفى أديب، في خضم تعقيدات سياسية ومعارك على الحصص الوزارية بين القوى السياسية.
وقبل أن يصدر التكليف رسمياً، كان ميقاتي قد بدأ مشاورات التأليف، مستنداً إلى دعم دولي واضح، من دون أن يعني ذلك سهولة تأليف الحكومة.
وفي الغرف المغلقة، يؤكد ميقاتي أنه في حال تمكنه من تأليف حكومة، فإن أولوياتها ستكون في الفترة الفاصلة عن موعد الانتخابات النيابية هي “ضمان حصول اللبنانيين على الدواء والمحروقات والكهرباء”. ويعوّل على الزخم الدولي الذي وُعِد به، من أجل ضمان تطبيق اتفاقية استيراد الغاز من مصر، ما يؤدي إلى خفض فاتورة الكهرباء وضمان استمرار الانتاج. وفي المقابل، يحذّر سياسيون من الإفراط في التفاؤل بإمكان حل أزمة الكهرباء في غضون أشهر، رغم أن دولاً كثيرة تمكّنت من ذلك في أقل من عام واحد.
وفي أول موقف دولي من تكليف ميقاتي، تمنّت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جوانا ورونيكا، لميقاتي “النجاح في مهمته، وأن يحظى بدعم جميع الأطراف لتشكيل الحكومة الجديدة، بشكل عاجل”.
من جانبها، لم تنتظر فرنسا طويلاً قبل إصدار “أمر اليوم” للبنان، فقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية: إن “فرنسا أخذت علماً بتكليف نجيب ميقاتي من جانب البرلمان اللبناني في منصب رئيس الوزراء”، مضيفة: “يبقى الأمر الملح تشكيل حكومة كفوءة وقادرة على تنفيذ الإصلاحات التي لا غنى عنها لنهوض البلاد”. وأكدت أن “فرنسا تدعو جميع المسؤولين اللبنانيين إلى التحرّك في هذا المعنى في أسرع وقت ممكن… إن مسؤوليتهم واضحة”.
كذلك أتى “أمر” آخر من الاتحاد الاوروبي، الذي أبلغ لبنان “ضرورة تشكيل حكومة ذات مصداقية وتخضع للمحاسبة من دون تأخير”.
ويأتي تأليف ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة بعد أن دعا عون اليوم الاثنين إلى استشارات نيابية ملزمة إثر اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة، بعد 9 أشهر من تكليفه بهذه المهمة، التي جاءت إثر استقالة حكومة حسان دياب عقب الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت يوم 4 آب من العام الماضي، والذي أدى إلى مقتل أكثر من مئتي شخص وإصابة أكثر من 6500 بجروح.
وعقب الإعلان عن الاستشارات النيابية شهدت العملة اللبنانية تحسناً في السوق الموازية حيث بلغ سعر تداول الدولار نحو 16500 ليرة مقارنة بالمستوى الذي تجاوز 22 ألفاً في ذروة الجمود السياسي لتشكيل حكومة.