دراساتصحيفة البعث

خدعة إنهاء مهمة القوات الأمريكية في العراق

الدراسات

بعد الإعلان عن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، أعلنت إدارة الرئيس جو بايدن إنهاء مهمة وحداتها القتالية في العراق بحلول الحادي والثلاثين من أيلول القادم، لكن هل ستكون نوايا واشنطن حقيقيّة؟.

إن الإعلان عن انتهاء المهمة القتالية الأمريكية، يشكّل بادرة رمزية وليس تحولاً في سياسة البيت الأبيض تجاه الشرق الأوسط، فقد نقلت صحيفة “بوليتيكو” عن السفير الأمريكي السابق في العراق ريان كروكر، قوله: “هذه لعبة خادعة أكثر منها حقيقة”. وبدوره، استبعد مساعد وزير الخارجية السابق للشؤون العسكرية والسياسية، العميد المتقاعد مارك كيميت، أن يتغيّر الوضع على الأرض، حيث قال: “إذا استمرت عمليات الاستطلاع غير القتالية والاستشارية واللوجستية بمستوى القوات نفسه، فمن غير المرجح أن يكون لهذا القرار تأثير عملي كبير”.

صحيح أن مستشاري بايدن المقربين يحاولون دحض أن يكون لهذا الإعلان طبيعة رمزية، إلا أن الجميع متيقن أنه لن يكون هناك تحولات حقيقية، ولن يكون هناك تغييرات جوهرية في السياسة الخارجية الأمريكية، وهو الأمر الذي أكده الخبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي، كيريل سيميونوف، بأن الوضع برمته مرتبط بحقيقة أن الأمريكيين لا يريدون مغادرة العراق، هم سيبقون على وجودهم هناك، وسوف يتغيّر شكل المهمة فحسب!.

لذلك إن ما تقوم به إدارة بايدن أقرب ما يكون إلى المناورة منه إلى تجميد العمليات القتالية، والسبب في ذلك يعود إلى تمويه وجود القوات الأمريكية على الساحة العراقية، وهو مخالف لتصريحات بايدن “أن الأمريكيين يجب أن يغادروا يوماً ما”، لأن ما تقوم بها إدارة بايدن هو الإبقاء على القوات الأمريكية وليس الانسحاب، ولكن بشكل مختلف، بمعنى أنه من الممكن في أي لحظة قيام الجانب الأمريكي بعمليات عسكرية. وبحسب موقع “بوليتيكو” فإن الخطة الأمريكية تشمل بقاء عدد من الجنود في العراق لتقديم الدعم اللوجستي والاستشاري، وأن إنهاء المهمة القتالية للقوات الأمريكية لن يشمل انسحابها من العراق.

كما نشر موقع “غلوبال ريسيرش” مقالاً عن وجوب الانسحاب الأمريكي من العراق لإنهاء دور أمريكا المزعزع في الشرق الأوسط، جاء فيه أنه في الوقت الذي بدأ فيه تجار الخردة الأفغان بالبحث عما تبقى من معدات عسكرية أمريكية في قاعدة باغرام الجوية التي كانت حتى وقت قريب المقر الرئيسي للاحتلال الأمريكي، خرج سؤال عن مصير هذه القوات في مسرح الجريمة الآخر، العراق. ويقول المقال: “لا تذكر وسائل الإعلام الأمريكية الخاصة العراق إلا عندما تريد فجأة أن تذكّرنا بأن إلقاء أكثر من 150 ألف قنبلة وصاروخ على العراق منذ 2001 لم يكن كافياً”.

يبدو أن بايدن لم يتعلّم الدرس من أفغانستان والعراق، وعليه أن يتذكّر ضرورة تفكيك القواعد المتبقية في العراق كما تمّ إغلاق قاعدة باغرام في أفغانستان.