دراساتصحيفة البعث

الصلح سيد الأحكام

تقرير إخباري

كانت وما زالت العلاقات بين كوريا الديمقراطية وجارتها الجنوبية تسير في طريق مسدود، نتيجة دعم الولايات المتحدة الأمريكية لكوريا الجنوبية، وتحريضها على خصومة جارتها الديمقراطية طيلة سبعين عاماً.

لم تتوقف المشادات بين الجارتين، وكانت تصل في بعض الأحيان إلى توتر يتطور إلى مناوشات عسكرية على بعض نقاط الحدود بين البلدين، لكنها لم تتصاعد إلى حرب عسكرية شاملة بينهما. لقد كان للدبلوماسية حيّز كبير في بنية ذلك الصراع، حيث تقاربت الدولتان مراتٍ عديدة، وفي الغالب كان يتمّ ذلك التقارب تحت المظلة الأمريكية التي كانت تريد نزع السلاح النووي لكوريا الديمقراطية بأي  طريقة أو أي وسيلة كانت.

وعلى الرغم من تلك التوترات، إلا أن الكوريتين اتفقتا على تحسين علاقاتهما الثنائية، واتخذتا مجموعة من المواقف والإجراءات لتخفيف حدة التوتر مع إعلان عودة قنوات الاتصال التي كانت مقطوعة بينهما منذ أكثر من عام كامل، وعودة تبادل الرسائل بين مسؤولي البلدين بشكل دوري، والاتفاق على اتخاذ خطوة عملية وكبيرة نحو استعادة الثقة المتبادلة وتعزيز المصالحة بين البلدين.

هذه الخطوة هي الحلّ الرئيسي والأفضل في التوصل إلى تهدئة دائمة أو شبه دائمة قد تفضي إلى إنهاء حالة التأهب والحذر بين الكوريتين، كما يعتبر هذا الإعلان أول مؤشر إيجابي بعدما كانت المحادثات بين البلدين متعثّرة جداً، منذ فشل ثلاث قمم عُقدت عام 2018 في تحقيق أي تقارب سياسي أو دبلوماسي يذكر، إلى أن وصلت العلاقات بين البلدين إلى القطيعة في شهر حزيران عام 2020 بعد اتهام بيونغ يانغ ناشطين من جارتها الجنوبية بإرسال منشورات مناهضة لها ولقيادتها العسكرية والأمنية.

ومع تصاعد التوتر، عاد الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى السير على خطا الرئيس السابق دونالد ترامب الذي تقارب مع الرئيس الكوري كيم جونغ أون، فالرئيس الديمقراطي بايدن الذي جاء ببرنامج مدروس بعناية فائقة، وجّه انتقادات لاذعة لسلفه ترامب حول طريقة تعامله مع الملف الكوري الشائك.

بمعنى آخر، يبدو أن الرئيس الأمريكي اقتنع بأن أسلوب التهديد والوعيد وحدهما لا يجديان نفعاً على الإطلاق، وخاصة مع تأكيد العاصمة بيونغ يانغ استعدادها للحوار أو التصعيد إلى أبعد مدى في حال استدعى الأمر ذلك، لذا فإن مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى كوريا الديمقراطية سونغ كيم خلال زيارته لكوريا الجنوبية قبل عدة أيام، أبدى استعداده للقاء قيادة بيونغ يانغ في أي مكان وزمان وبلا شروط مسبقة، وأشار إلى آمال الولايات المتحدة في الحصول على ردّ إيجابي بالقول: “لا نزال نأمل ونرغب في أن تستجيب كوريا الديمقراطية بشكلٍ إيجابي للتواصل معنا وعدم انقطاع الحوار”.

ريا خوري