أهمية الاهتمام بالطاقات المتجددة والقديمة معاً
يكثر الحديث عن ضرورة اللجوء لاستخدام الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء نظراً للمعاناة الكبيرة في توليدها من المشتقات النفطية المرتفعة الثمن والقليلة التوفر، وتعمل الحكومة على تشجيع توليدها، فقبل أيام أطلق رئيس مجلس الوزراء العمل بمشروع الطاقات المتجددة لإنتاج /110/ ميغا في المدينة الصناعية بعدرا، والحكومة ستقدم كل الدعم له، وحدد أثناء زيارته الأخيرة إلى مدينة حسياء الصناعية في محافظة حمص، ثلاث مناطق لإقامة مشاريع الطاقة البديلة، وتمت المباشرة بإنشاء محطة كهرضوئية باستطاعة / 23 / ميغا واط، وأيضا تحظى مئات المنشآت بالتشجيع على تأمين حاجتها من الكهرباء، عن طريق إنشاء طاقة شمسية خاصة بها، كما شجعت السلطات الرسمية الأسر على ذلك، من خلال قرارها القاضي بمنح طابق إضافي لكل مبنى يتعهد ساكنيه باستثمار سطحه لغاية طاقة شمسية خاصة بهم، كما يلقى مئات المستثمرين المزيد من تشجيع السلطات الرسمية لإقامة محطات توليد كهرباء عن طريق الأشعة الشمسية، واستعداد وزارة الكهرباء لشراء ما ينتجونه وبالعملة الصعبة، ويتزايد المقبلون على هذا الاستثمار الرابح باضطراد، كل ذلك يتم بالتوازي مع جهود لاستخدام الطاقة الريحية.
مدعاة للسرور أن هذا الاهتمام بالطاقات المتجددة، يتواكب مع جهود لاستئناف عمل العديد من المحطات الكبرى لتوليد الكهرباء، فالأمل قائم بعودة بعض كهرباء سد الفرات إلى سورية..وبشائر بانفراج جزئي للأزمة، فقد أكد وزير الكهرباء أن حل مشكلة الكهرباء بشكل كامل وضع على الطريق الصحيح، لكن المسألة تحتاج إلى وقت فقط، مؤكداً أنه سوف يتم إعادة تأهيل كافة محطات التوليد في سورية، وأنه تم تأمين قيمة العقود الخاصة بتأهيل بعضها رغم أنها أرقام كبيرة، مشيراً إلى أن هناك مجموعات توليد تعمل على الغاز متوقفة حالياً، لعدم توافر الكميات التي تشغلها، وفي حال توافرت فإن التقنين سيكون أقل ما يمكن.
كما أوضح عضو لجنة الإشراف الرئيسية لتنفيذ أعمال مشروع محطة توليد الرستن أن المجموعة الغازية الأولى في المحطة ستكون بالخدمة قبل نهاية العام، والعمل مستمر بوتيرة متسارعة لإنجاز المراحل وفق الجدول المحدد، متوقعاً دخول المجموعة الغازية الأولى الخدمة قبل نهاية العام، ويليها دخول المجموعة الغازية الثانية في بداية العام القادم، ليصار إلى دخول المجموعة البخارية في وقت لاحق، وكشف مدير الإنتاج في المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء عن تفاصيل الإعداد لصيانة محطة تشرين الحرارية ومحطة محردة، واستطاعة كل منهما 200 ميغا واط، وقد تستغرق مدة الصيانة أقل من ستة أشهر.
لا يخفى على أي مواطن أن الإرهابيون أضروا كثيراً بمحطات توليد الطاقة الكهربائية ضمن المناطق التي تواجدوا فيها عن قرب وعن بعد، ولكن الملفت للانتباه أن هذا التدهور ظهر حتى في المناطق الني لم يدخلها الإرهاب، حيث كثيراً ما ضعفت الطاقة المولَّدة بحجم متباين بين فترة وأخرى، في هذه المحطة أو تلك، تارة تحت بند الصيانة وأخرى تحت بند التعطل المؤقت، وتارة تحت بند ضعف أو عدم توفر الوقود النفطي، والسؤال الكبير الذي يحز في نفس كل مواطن، لماذا هذا التدهور الكبير في توفر الطاقة الكهربائية، أما كان على السلطات المعنية أن تأخذ احتياطاتها لدرجة ما، قبل العمليات الإرهابية وأثناءها، وهل أحصت السلطات الرسمية المبالغ الكبيرة التي دفعها المواطنون قيمة المعدات والمولدات الكهربائية المستوردة بالعملة الصعبة خلال السنوات الماضية، وما تطلب ذلك من وقود، والحال نفسه بالنسبة لمولدات الأمبير التي انتشرت في أغلب المحافظات، ومن المؤكد أن هذه المبالغ كانت كافية لإحداث محطات توليد كهربائي كبيرة خاصة أو عامة.
إن اللجوء إلى الطاقة الشمسية والريحية مخرج للأزمة، ولكن لماذا الحضور الضعيف للجهات العامة – بدءاً من وزارة الكهرباء – في هذا الميدان، والقطاع العام يملك الأرض والسماء اللازمة لذلك، وخاصة منطقة بادية الشام، بنت الشمس وأم الرياح، والأسلاك الكهربائية تسمح بنقل الطاقة المولَّدة من أي مكان إلى أي مكان، ولماذا لم تك الجهات المعنية هي المهتمة بتأمين مستلزمات توليد الطاقة الشمسية – للإدارات العامة وللأسر وللمنشآت الصغيرة –من ألواح وبطاريات و…. بأفضل نوعية وأقل سعر، لضمان أن تتناسب مدة خدمتها مع تكاليفها، بدلاً من أن تترك الأمر بين يدي التجار الكبار الذي ثبت حرصهم – وربما من الجائز القول تحايل بعضهم – على جني المزيد من الأرباح، من خلال سعيهم لاستيراد الأقل جودة وبيعه بأعلى سعر، كما يحصل في العديد من المواد المستوردة، لغايات استهلاكية أو إنتاجية.
ولا يغيب عن ذاكرة المواطن أنه تم في السنوات الأخيرة الإعلان أكثر من مرة عن استعادة عمل هذه المحطة الكهربائية أو تلك أو اكتشاف هذا البئر الغازي وذاك البئر النفطي، أكان ذلك ضمن الأراضي التي لم يدخلها الإرهاب، أو تلك التي دخلها بأقدامه أو قذائفه، ولكن رغم كل ذلك، كانت تزداد أزمة الكهرباء وتطول فترة التقنين.
عبد اللطيف عباس شعبان / عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية