رأيصحيفة البعث

انتخابات مفصلية و واعدة

علي اليوسف

مرحلة مفصلية ينتظرها حزب البعث العربي الاشتراكي لاختيار ممثلي الحزب إلى اجتماع اللجنة المركزية الموسّع بعد سنوات طويلة تكرر فيها التعيين أكثر من مرة. وما دامت مسارات التصحيح تسري على مفاصل الدولة تحت عنوان الإصلاح الإداري، من الطبيعي جداً أن يتم التصحيح في المسار الانتخابي الحزبي ضمن رؤية الحزب لدوره في الدولة والمجتمع، ومن المؤكد أن دورة الانتخابات الحالية لن تكون نسخة عن سابقاتها، فالنية صادقة في التغيير العميق لتكريس مفهوم الدولة الحديثة.

وللتدليل على ذلك، كان لافتاً خلال اجتماع اللجنة المركزية للحزب، حرص الرفيق الأمين العام الدكتور بشار الأسد على إيصال رسالة للداخل والخارج مفادها أن التغيير آتٍ في البلاد ضمن ما أسماه منظومة الإدارة، وأن لحزب البعث دوره في مجاراة التطور والتغيرات داخل وخارج البلد، أي أن التغيرات القادمة ستطال بشكل أو آخر بنية الحزب التنظيمية والفكرية بما يتلاءم مع الواقع الجديد ضمن منظومة عمل جديدة.

ولعل عملية الترشح والانتخاب الواعي والمدروس والمسؤول، كما هو منتظر، ستكون من أهم المؤشرات على إعادة هيكلة البنية القيادية للحزب بما يتناسب مع النهج المتطور، بما يتطلبه ذلك من من الدفع بكوادر مُهيأة لخوض الانتخابات والاستحقاقات القادمة في سورية، وبالتالي تكريس سمة الاستمرارية والتطور في سياق التفاعل الحي والمتواصل مع الواقع بكل تجلياته، فبينما تراجع دور الأحزاب والتنظيمات الأخرى التي ظهرت على ساحة الوطن العربي منذ مطلع القرن العشرين، استطاع حزب البعث العربي الاشتراكي مواجهة التحديات التي تفرضها المراحل المختلفة، وتخطي العوائق والصعوبات، وتطوير ذاته باستمرار.. صحيح أن عطاء الحزب لم يكن دائماً في أفضل أحواله، إلا أنه سرعان ما كان الحزب يتغلب على كل الصعوبات ليعود وينطلق مرة أخرى مؤكداً السمة العامة لنهجه، أي سمة التطور المتصاعد والمستمر، وهذا هو الشيء عينه الذي نراه اليوم، لأن من يقرأ مسيرة الحزب منذ تأسيسه قراءة موضوعية يلاحظ هذه القدرة الكبيرة على التطوير الذاتي عند كل مرحلة.

واليوم، مع كل الإرهاصات الدولية، وما تعرضت له سورية من تدمير ممنهج على يد شراذم الإرهابيين وداعميهم، ينتفض حزب البعث على ذاته، ويعيد تجديد نفسه وفق ما بنيت عليه أدبياته لجهة مواجهة ومواكبة تطورات المرحلة، بل الانتفاض على من أراد إلغاء التنظيم الحزبي الأعرق في المنطقة، وذلك إدراكاً من القيادة الحزبية بأن الحاجة باتت ملحة الآن لتطوير الحزب فكرياً وتنظيمياً للنهوض بالدولة والمجتمع في ضوء معطيات الواقع ومتطلباته.