أقـل مـا يـقـال .. ماذا لو تم دعم التمويل السكني؟
“البعث الأسبوعية” حسن النابلسي
لم تضطلع المصارف العاملة في سورية حتى الآن بأهم دور اجتماعي كفيل بحل مشكلة تأمين السكن المناسب من خلال طرح منتج تمويل سكني بشروط يستفيد منها المحتاج فعلا لمسكن يأويه وأسرته..!.
عدم اضطلاع المصارف بهذا الدور وضعها موضع اتهام بتوجهها نحو القروض التي تحقق الربحية السريعة على حساب نظيرتها التنموية بشقيها الاجتماعي والاقتصادي، وأنها “أي المصارف” وجدت لاستنزاف المدخرات عبر تشجيعها للعملاء على القروض الاستهلاكية، وإحجامها عن طرح منتجات تمويل سكنية بشروط ميسرة تتناسب والشريحة العظمى ذات الدخل المتدني في مجتمع بات فيه الحصول على منزل من أعتى التحديات..!.
رغم وجود 19 مصرفا ما بين عام وخاص بشقين تقليدي وإسلامي، لا يزال التمويل السكني غير ملبي لاحتياجات الشريحة المفترض أن تكون مستهدفة، ولا متوائم مع واقع أسعار العقارات ولاسيما في ظل ما تشهده الأخيرة من مستويات عالية من التضخم، ومرد ذلك يعود إلى طول فترة السداد الطويلة التي تمتد عادة من 10 – 15 سنة، إلى جانب ارتباط هذا الأمر بمتوسطي الدخل، وعدم قدرتهم على مجاراة ما تتطلبه المصارف من شروط تتعلق بالأقساط والضمانات وغيرها..!.
في هذا السياق تبرز لدينا مفارقة من نوع خاص مفادها أنه إذا ما أراد مصرفا ما إعطاء قرضا سكنيا فإن ذلك يتوقف على مدى قدرة العميل على الاستغناء عن نسبة من دخله ليدفع قسط البيت بحيث لا تزيد عن 40%، وما يزيد المشكلة تعقيدا هو ارتفاع أسعار العقارات بشكل جنوني.. بمعنى آخر في حال مول البنك شراء بيت سعره 100 مليون ليرة سورية، فإنه يدفع 50% من ثمنه أي (50 مليون ليرة) تقسط من قبل العميل على 15 سنة بمعدل حوالى 300 ألف ليرة شهريا متضمنة الفائدة، وهنا يجب ألا يقل الدخل الشهري للعميل عن 900 ألف ليرة شهريا حتى يحصل على القرض إن لم يكن أكثر..!.
في ضوء ارتفاع أسعار العقارات في سورية لا بد أن يكون هناك دعما مباشرا أو غير مباشر من الدولة لهذا النوع من القروض شريطة أن يوجه لشريحة الدخول المتدنية حصرا، وذلك إما عن طريق دعم الفوائد أو عن طريق تحرير الاحتياطات مقابل قروض الإسكان، فهذا من شأنه تشجيع المصارف للدخول في هذا المضمار، لاسيما إذا ما علمنا أن قروض الإسكان مجدية وتحقق ربحية جيدة للمصرف.