المطلوب من منظمة شنغهاي إزاء الوضع في أفغانستان
إعداد: هيفاء علي
أصبح الغموض يشوب مستقبل أفغانستان أكثر من أي وقت مضى، إذ يتوقع معظم المراقبين اشتداد الحرب الأهلية في حال لم تتوصل طالبان وكابول إلى تسوية سياسية بينهما. وهنا يشير المراقبون إلى دور منظمة شنغهاي للتعاون في مساعدة أفغانستان لإرساء الأمن والاستقرار وإحلال السلام فيها.
تضمّ هذه المجموعة معظم جمهوريات آسيا الوسطى باستثناء تركمانستان، وتحمل أفغانستان ضمن هذه المجموعة صفة المراقب إلى جانب كلّ من بيلاروسيا وإيران ومنغوليا، في حين أن أرمينيا وأذربيجان وبنغلاديش وكمبوديا ونيبال وسريلانكا وتركيا شركاء في الحوار. وتتمثل إحدى مهام منظمة شنغهاي في التصدي المشترك لتهديدات الإرهاب الانفصالية والتطرف، فضلاً عن تعزيز التعاون الاقتصادي بين أعضائها. وفي ضوء الأحداث التي تطورت مؤخراً، فإن من مصلحتها العمل معاً بشأن أفغانستان، ويمكن أن يتخذ هذا التعاون أشكالاً أمنية وسياسية واقتصادية.
البعد الأمني
تشير التقارير إلى فرار ما يقرب من 1600 جندي أفغاني إلى طاجيكستان، وهذا العدد قد لا يشكل تهديداً لطاجيكستان أو أي جمهورية أخرى في آسيا الوسطى، لكن غموض المشهد الأفغاني قد يدفع إلى تدفق هائل للاجئين، خاصة إذا ما استغل تنظيم “داعش” الوضع في خراسان. ولهذا السبب تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنظيره الطاجيكي بالدعم الكامل لضمان أمن حدوده، خاصةً وأن القاعدة العسكرية الروسية في ذلك البلد أكثر من قادرة على تنفيذ هذه المهمة إذا طُلب منها ذلك، لكنها مع ذلك توفر فرصة لأعضاء منظمة شنغهاي للتعاون عن كثب على الجبهة الأمنية.
حتى الآن، لم يشهد الهيكل الإقليمي لمكافحة الإرهاب التابع لمنظمة شنغهاي أي إجراء حقيقي، كما أن معظم الأعضاء يفتقرون إلى التنسيق الهادف في مسائل السلامة بصرف النظر عن التدريبات الرمزية في الغالب التي تُجرى من وقت لآخر. لذلك المطلوب في هذا الوقت هو زيادة تبادل المعلومات الاستخباراتية من خلال هذا الهيكل، وكذلك من خلال توفير الدعم المادي الكافي، ووضع خلافات التنافس -الهند في تنافس مع الصين وباكستان- جانباً من أجل اكتساب خبرة أمنية متعدّدة الأطراف يمكن الاستفادة منها في الأزمات الإقليمية المستقبلية، سواء كانت تتعلق بأفغانستان أو بدول أخرى.
البعد السياسي
يجب أن يشمل البعد الثاني لخطة منظمة شنغهاي للتعاون بشأن أفغانستان قيام جميع أعضائها بكل ما هو ممكن لتشجيع التوصل إلى تسوية سياسية بين كابول وطالبان. وقد ذكرت مصادر مطلعة أنه يتمّ الإعداد لخطة سلام في محادثات الشهر المقبل.
البعد الاقتصادي
وهنا يكمن البعد الثالث لما يجب أن تفعله منظمة شنغهاي للتعاون لمساعدة أفغانستان، وهو وضع الأساس لاقتراح للتكامل الاقتصادي الإقليمي الشامل من أجل إظهار جميع أصحاب المصلحة الوطنيين أن السلام سيكون حقاً في مصلحة الجميع. والاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في شباط الماضي بين باكستان وأفغانستان وأوزبكستان لبناء خط سكة حديد ثلاثي يمكن أن يطلق العنان لإمكانية التكامل الفائق لهذا البلد الذي مزقته الحرب من خلال توحيد وسط وجنوب آسيا أخيراً.
وقد يؤدي هذا إلى إنشاء محور اقتصادي جديد يمتد من روسيا في أوروبا الشرقية إلى الهند في جنوب آسيا، والذي يمكن تسميته مبدئياً بممر منظمة شنغهاي للتعاون. لذلك يجب تقديم هذا الاقتراح الطموح إلى كابول وطالبان من قبل منظمة شنغهاي للتعاون ككل، بمساعدة جميع أعضائها، في الجولة التالية من محادثات السلام الجارية.
صحيح أن الوقت ينفد، ولكن لا يزال بإمكان كل دولة الالتزام بهذه الخطة من خلال تعهدات واسعة بالمساعدة المالية على شكل منح أو قروض. والأهم من ذلك، أن يدرك الطرفان المتحاربان أن التسوية البراغماتية من شأنها أن تخدم مصالح كل أوراسيا، وليس مصالحهما فقط.
إذاً تحتاج منظمة شنغهاي للتعاون إلى المضي قدماً في الحديث، ومن هنا تأتي الحاجة الملحة إلى تنحية الخلافات بين بعض أعضائها من أجل تقديم خطة موثوقة بشكل مشترك لتحقيق هذه الغاية، وحتى النوايا الحسنة والثقة التي طال انتظارها والتي يمكن أن تسهل هذه الخطوة يمكن تعزيزها بشكل كبير من خلال الاقتراح لتقديم المساعدة الأمنية المتعدّدة الأطراف لـ طاجيكستان.
ولضمان أن كلّ شيء يسير على ما يرام، تتحمل منظمة شنغهاي للتعاون مسؤولية أخذ زمام المبادرة في ضمان ألا يخرج الوضع في أفغانستان عن نطاق السيطرة بسرعة ويخلق أرضاً خصبة للتوسع الإقليمي لـ”داعش” في إقليم خراسان.