“الأعلاف”: قرار كيلو ذرة للدجاجة منصف والمربون يطمعون بالدعم الكامل
دمشق – ميس بركات
لم يشكّل القرار الأخير الذي أصدرته المؤسّسة العامة للأعلاف بتخصيص كيلو واحد من الذرة الصفراء لكل دجاجة (فروج- بياض- جدات- أمات) عن شهرين، مفاجأة لمربي الدواجن، خاصة وأنّهم اعتادوا خلال السنوات العشر الأخيرة على لطمات قاسية وقرارات مجحفة بحقهم وبحق المواطنين الذين تصّب انعكاسات هذه القرارات في مرماهم، ليصطف هذا القرار إلى جانب ما سبقه من قرارات أو صلت البعض لأن يعدموا مصدر رزقهم الوحيد، كما لاقى تخصيص كمية المادة للدجاج الكثير من السخرية على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي واعتبار “الدجاجة العزابية ما بيطلعلا أكل” أسوة بالمواطن الأعزب ممن خفّضت حماية المستهلك مخصصاته من الخبز والمحروقات وغيرها من السلع المدعومة!.
وبين مربي الدواجن ومؤسّسة الأعلاف والدواجن من جهة، ومستوردي الأعلاف من جهة أخرى، باتت هذه المادة من الكماليات، إذ لم يعد البيض والدجاج من المواد الغذائية الضرورية لغذاء جيل كامل من الأطفال، فارتفاع أسعار البيض والدجاج لم يطل في نتائجه السلبية فئة الفقراء فقط، بل تعدّى الإصابة ليصبح مادة كمالية ورفاهية حتى على موائد ذوي الدخل المتوسط، وغدا من قائمة المنسيات لدى الشريحة العظمى في مجتمعنا الذي على ما يبدو سيعاني مبكراً من هشاشة في العظام، ومع غياب الحاضنة الأساسية لمربي الدواجن من مؤسّستي الأعلاف والدواجن وتخبطهما في مكانهما لسنوات عدّة، بات لزاماً عليهما الأخذ بالحلول والمقترحات الكثيرة والحاضرة بأيدي مؤسّستي الدواجن والأعلاف من قبل الخبراء الزراعيين الذين أكدوا أن الحل الوحيد اليوم هو تمويل عاجل للمربين الذين خرجوا من حلقات الإنتاج.
وبرأي أحمد مهنا “مربي دواجن” ضرورة عودة مؤسّسة الأعلاف لعملها وأخذ دورها الذي كانت تمارسه في الثمانينات بتأمين حاجة القطاع من الذرة والصويا والتي حلّ محلها في السنوات الماضية المصانع المحلية والتّجار، فالمؤسّسة هي ملاذ وملجأ المربين، وما نلحظه اليوم تدخلاتها الخجولة في قطاع الدواجن، كذلك لا بد من توسيع مظلة التمويل في المصرف الزراعي وإعادة النظر بجداول الاحتياجات لدى المصرف الزراعي وتوسيع مظلة الإقراض لمن هو بحاجة فعلاً.
في المقابل كان لمستوردي الأعلاف شكواهم الخاصّة بضعف القوة الشرائية والتي لها تأثيرات كبيرة على المنتج، إذ أكد عمار بردان “مستورد للأعلاف” ارتفاع التكاليف عليهم مع ارتفاع سعر الصرف وسعر المحروقات التي أثرت بدورها على تكاليف النقل، ناهيك عن اضمحلال الاستهلاك في سورية، فلم يعد اللحم الأبيض غذاء الفقراء، ما أدى لخسارة معظم المربين الذين لم يتجاوز عددهم اليوم مليوني مربٍ، كذلك التلكؤ بإعطاء إجازات الاستيراد والعقوبات الاقتصادية جميعها لحقت بكارثة حقيقية في هذا القطاع.
في المقابل لم ينفِ عبد الكريم شباط مدير المؤسّسة العامة للأعلاف في حديثه لـ”البعث” استهجان المربين من القرار الأخير الذي أصدرته المؤسسة بتخصيص كيلوغرام واحد فقط من الذرة الصفراء لكل دجاجة على مدار شهرين، رغم أن القرار مُنصف ويجب أن ينعكس بشكل إيجابي على سعر “الفروج والبيض”، إلّا أنه نتيجة الوضع المعيشي الصعب وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج يطمع المربون بتأمين كافة احتياجاتهم من المؤسسة غير القادرة على التدخل إلّا بتأمين 40% من حاجة الدواجن من مادة الذرة بسعر 1120 ليرة للكيلو، في حين تُباع في السوق بـ1400 ليرة للكيلو، مشيراً إلى أن حاجة الطير في الدورة العلفية هي 2.4 كيلو ذرة، وهو ما لا تستطيع تأمينه المؤسسة في ظل الصعوبات التي عانت منها هذا العام، أبرزها المناخ الجاف الذي أثر على جميع المحاصيل الزراعية، فمخلفات المحاصيل وصلت قبل الأزمة إلى 9 ملايين طن وكانت تساهم بسدّ حاجة الدواجن من الأعلاف، في حين كانت هذه المخلفات شبه معدومة هذا العام. وأكد شباط أن المؤسّسة باعت هذا العام 271 ألف طن من مختلف المواد العلفية بقيمة 155 مليار ليرة كان بينها 25 ألف طن ذرة صفراء لمربي الدواجن، في حين وصلت كمية استيراد أعلاف الدواجن إلى 90 ألف طن من الذرة الصفراء بقيمة 29 مليوناً و700 ألف دولار.