اقتصادصحيفة البعث

“الصناعة” تعول على “البحث العلمي” لتنمية القطاع النسيجي.. بانتظار التمويل

دمشق – بشار محي الدين المحمد

ضمن سعي وزارة التعليم العالي لتحقيق الدعم والتشاركية لوزارة الصناعة عبر تحديد الأولويات البحثية لتطوير كافة المشاريع الصناعية في إطار التشاركية البحثية بين الجهات العلمية والجهات الخدمية والتنفيذية، أقيمت اليوم ورشة عمل حول الأولويات الوطنية للبحث العلمي والتطوير التقاني لقطاع الصناعات النسيجية لما لها من أهمية خاصة، على اعتبارها البوابة لأي بلد يرغب في تطوير صناعاته بعد تحقيق التحول من المجتمع الزراعي إلى الصناعي، وبهذه الفعالية بين وزير الصناعة زياد صباغ أننا نعول على هذا القطاع نظراً لأهميته في رفع معدلات التنافسية، والنمو في كافة القطاعات التي تصب جميعها في عملية التنمية بغية زيادة الناتج المحلي الإجمالي، ورفع المستوى المعيشي للمواطن الذي عانى ويعاني من الحرب المستمرة التي تستهدف سورية، وأشار صباغ إلى أننا في سورية نمتلك كافة حلقات هذه الصناعة ابتداء من الزراعة وإنتاج المواد الأولية، وصولاً للنسيج والأقمشة والألبسة المتنوعة المفضلة عربياً وحتى عالمياً، إضافة للبعد التاريخي لهذه الصناعة، حيث اشتهرت سورية منذ القدم بصناعة الحرير والبروكار وغيرها من الأقمشة، ونوه صباغ إلى أن هذا القطاع يعاني اليوم من صعوبات جمة تحول دون تمكينه من تحقيق التنافسية، وعدم قدرته على الاستحواذ على حصة في الأسواق العالمية بسبب المنافسة الشرسة من قبل العديد من الدول والعقوبات الاقتصادية المفروضة علينا، وعدم تمكننا من مواكبة تكنولوجيا التصاميم الحديثة، أو تطوير التصاميم وآليات العمل، وبالتالي فإن هذا يحتم علينا ضخ المزيد من الاستثمارات، والاستفادة من تكنولوجيا البحث العلمي في هذا القطاع لإحداث نقلة نوعية، وزيادة الصادرات بالتعاون مع الهيئة العليا للبحث العلمي.

وأمل صباغ الوصول لمخرجات من خلال هذه الورشة حتى لو كانت بحثين أو ثلاثة تحقق الاستفادة في عودة المنشآت للعمل في القطاعين العام والخاص.

ويرى صباغ أن تطور القطاع العام مرتبط بتطور الخاص وقطاع رجال الأعمال، عبر إشراف الصناعيين على صنع القرار من خلال الغرف الصناعية، وتعاونها مع المؤسسة العامة للصناعات النسيجية، ووجود الشفافية في الأرقام والمعطيات عبر إزالة العقبات التي تكتنف واقع الاستثمار، كما يجب الاستفادة من التجارب الغنية الموجودة لدى القطاع الخاص وتراكم الخبرات الذي تم تحقيقه لديهم.

وتجدر الإشارة إلى أنه تتبع للمؤسسة العامة للصناعات النسيجية 24 شركة، كانت تشكل 24% من ناتج وزارة الصناعة، ووصل إنتاجنا من القطن إلى مليون ومئتي ألف طن ما قبل الأزمة، وتراجعت حالياً تلك المؤشرات بسبب توقف 11 شركة عامة، وقلة المساحات المزروعة بالقطن.

وبينت المهندسة غنوة رسول مديرة التخطيط والتعاون الدولي في المؤسسة أن قطاع صناعة النسيج يتابع التعافي من خلال إعادة الشركات المتوقفة للعمل عبر تأهيل وصيانة بعض خطوط الإنتاج بشكل مرحلي، أو عبر نقل الآلات من الشركات المدمرة إلى الشركات العاملة لوضعها ضمن نطاق العملية الإنتاجية، ونقل العمال أيضاً من الشركات المتوقفة إلى التي تعمل، وإيجاد بدائل صناعية عن القطن للاستغناء عن الاستيراد، والاستفادة المثلى من العوادم القطنية والأشواك في العمليات التصنيعية الأخرى، كما أكدت رسول سعي المؤسسة للتحول إلى مشروعات الطاقة البديلة لحل مشكلات نقص حوامل الطاقة وغلائها وانقطاعات الكهرباء التي تعرقل عمل الشركات التابعة.

وفي جردة حساب للواقع المليء بالصعوبات الذي تعانيه الصناعات النسيجية اليوم نلاحظ أنها تصارع للبقاء، واستعانتها بالبحث العلمي اليوم هو من باب إيجاد أفضل الحلول للإبقاء عليها، وليس من باب الترف، بالتزامن مع توقف شركات عامة، وتدمير وسرقة العديد من المعامل الخاصة، أو نقلها إلى خارج القطر، وحذر الدكتور في جامعة دمشق باسل يونس من خطورة تحول العديد من أصحاب المعامل النسيجية من الإنتاج إلى الاستيراد، أو حتى التهريب كحل شخصي يضمن ربحهم، إضافة إلى أن النسيج الوطني اليوم يعاني من منافسة شديدة من الأقمشة الأجنبية من حيث الجودة والسعر نظراً لغلاء حوامل الطاقة، أو فقدانها بشكل يزيد تكاليف الإنتاج، ويرى يونس أن قانون الاستثمار رقم 18 سيشكل نقلة نوعية هامة في قطاع الصناعات النسيجية بعد وضعه موضع التنفيذ، ودعا للتركيز على العامل البشري وتطويره باعتباره المحرك الأول لتطوير عملية الإنتاج.

ومن خلال تحديد الأولويات البحثية فإن تطوير وزارة الصناعة يشكل أولوية عموماً، وقطاعي الصناعات النسيجية مع قطاع صناعة الاسمنت يشكل أولوية خاصة حالياً كونهما من الصناعات الإستراتيجية، وبين المدير العام للهيئة العليا للبحث العلمي الدكتور مجد الجمالي رؤية الهيئة في المساهمة في التطوير والتنمية، وتشابكها مع قطاعات المجتمع لتحقيق التنمية المستدامة، وأكد أنه يجب انطلاق البحث العلمي من القطاعات الخدمية لمعرفة المشكلات والتحديات التي تواجه أية جهة، للبحث عن أفضل الحلول بعد إعطاء الأولوية للمشكلات الأهم، ونوه الجمالي إلى أنه ورغم وجود العديد من الصعوبات التي تكتنف واقع البحث العلمي كعدم وجود البنى التحتية وضعف التمويل، إلا أننا نمتلك أكثر من 25 ألف طالب دراسات عليا سنوياً وجميعهم لديهم الحافز للتخرج ونشر أبحاثهم، وكنا نخسر الفائدة العملية لتلك الأبحاث كونها كانت تنطلق بلا توجيه من الجهات الخدمية، وطالب الجمالي بتوخي كامل الشفافية في التقارير الممنوحة للهيئة، وتبني مؤشرات واضحة وصحيحة لطالما عانينا من فقدان هذه الشفافية خلال الحرب، وأشار الجمالي إلى أنه يتم العمل حالياً على إيجاد وحدات بحثية ضمن مديريات التخطيط والتعاون الدولي في كل جهة وبدورها ستقوم المديرية بمتابعة الأبحاث محلياً وخارجياً والتعاون مع هيئة البحث العلمي لترشيح الأبحاث الأهم في كل جهة، وإمداد الباحث بما يلزمه من معلومات، ونوه الجمالي إلى أنه سيتم تخصيص جزء من الميزانية للأغراض البحثية في كل جهة عامة، وتنمية المبالغ المرصودة للبحث عام بعد عام من خلال حصد نتائج هذا البحث على أرض الواقع.