رصد موقع الكتروني تجسسي للتوظيف يدار من تل أبيب.. و”جرائم المعلوماتية” تحذر من الإفصاح العشوائي
دمشق – رامي سلوم
كشف رئيس فرع مكافحة جرائم المعلوماتية العقيد لؤي شاليش، عن رصد موقع إلكتروني، وصفحة على وسائل التواصل، تدعي تأمينها فرص عمل مجزية للشباب في مختلف المجالات، وتدار بشكل احترافي، حيث يطلب الموقع (الصفحة)، معلومات شخصية على أنها جزء من السيرة الذاتية المطلوب ملؤها لاستكمال التسجيل في البرنامج، وتركز تلك المعلومات على الخدمة العسكرية، واستخدام السلاح، فضلاً عن المهارات للعمل في الشركات الأمنية الخاصة (السيكيوريتي)، والتي تبين فيما بعد أن مصدرها الكيان الإسرائيلي من خلال الرمز التعريفي للصفحة.
وأشار شاليش، خلال ندوة خاصة بعنوان: الجريمة الإلكترونية وأثرها في الحرب على سورية، والتي نظمها فرع دمشق للحزب، ضمن فعاليات ملتقى البعث للحوار، إلى أن متابعة الصفحة استمرت نحو 14 شهراً للتمكن من الوصول لمصدرها بدقة وذلك لاتباعها أساليب تضليل احترافية، ليتبين أنها تدار من تل أبيب.
وفي التفاصيل، تعمل الصفحة على نقل الوظائف بصورة عادية، أسوة ببقية الصفحات “الخدمية”، لتحفظ استمراريتها، وتداولها بين الشباب، غير أنها في الحقيقة تعمل على تجميع المعلومات، ليتم تحليلها، وربطها مع معلومات أخرى والوصول إلى نتائج تستخدم بالتأكيد للإضرار بالدولة السورية ومصالحها، وسلامة شعبها، وفقاً لشاليش الذي دعا إلى الوعي قبل الإجابة على التساؤلات، أو إرسال المعلومات لما يسمى مجازاً الأصدقاء الافتراضيين، وتحليل مدى علاقة فرصة العمل بالمعلومة المطلوبة، وغيرها من الأساليب التي لا يمكن حصرها في التضليل واستخلاص المعلومات.
من جهته قال أمين شعبة المدينة الأولى للحزب الرفيق المحامي شادي الخيمي أن جرائم المعلوماتية التي أفرزتها التقنية الحديثة، باتت تشكل ارتفاعاً خطيراً في مؤشر الإجرام على مستوى العالم، وهاجساً يؤرق المشرعين في شتى الدول، بسبب ما تتسم به هذه الجرائم من خصائص تميزها عن الأخرى التقليدية، الأمر الذي يفرض تحدياتٍ كبيرة للسلطات المختصة لمكافحة هذا النوع من الإجرام عن طريق تعديل النصوص التشريعية الحالية، بما يتناسب مع التطور المستمر للوسائل التقنية الحديثة، وبغية محاولة تغطية صور هذه الجريمة.
وأكد الخيمي أن الوعي يشكل أساساً في مكافحة هذه الجرائم العابرة للحدود، وعرض جملة من التوصيات، من بينها تعديل نص الفقرة /ب/ من المادة /28/ من المرسوم رقم /17/ لعام 2012 المتضمن قانون تنظيم التواصل على الشبكة ومكافحة الجريمة المعلوماتية، بحيث يصبح على الشكل الآتي: “تضاعف العقوبة المقررة لأي من الجرائم المنصوص عليها في القوانين الجزائية النافذة الأخرى في حال ارتكبت الجريمة باستخدام الشبكة أو وقعت على الشبكة، أو في حال وقعت الجريمة على جهاز حاسوبي أو منظومة معلوماتية بقصد التأثير على عملها أو على المعلومات أو البيانات المخزنة عليها”.
وكشفت الإجابات على تساؤلات الحضور هواجس كبيرة تتعلق بالخوف من الملاحقة من دون قصد ارتكاب الفعل، حيث أكد القاضي سالم دقماق على أن “النقل لا يعفي من العقوبة”، بمعنى أن نقل معلومة أو تصريح من موقع آخر، أو مشاركتها لا يعفي الناقل من المسؤولية، وهو نقل معلومات كاذبة، والتي تكون وفقاً لكل منشور وطبيعته فقد يصل بعضها إلى إحداث الفوضى أو عدم الاستقرار، داعياً الحضور للتأكد من صحة المعلومة ومصدرها قبل نشرها.
وبين دقماق أن الجرائم الإلكترونية تقع على المعلومة، وليس فقط الأفراد والأموال مثل الجرائم التقليدية، لافتاً إلى أن العصر الحالي هو عصر البيانات، والتي تشكل ثروة يمكن استخدامها وفقاً لنوايا من يجمع هذه البيانات، لافتاً إلى أن القانون جرم جمع البيانات والمعلومات عن طريق الخداع، وهو الأمر الذي تقوم به غالبية صفحات مواقع التواصل، بل مواقع التواصل نفسها.
ومن جهته، اعتبر القاضي المستشار نهاد شحادات أن الأنترنت غير شكل الحياة التقليدي، وأصبحت وسائل نقل المعلومات سريعة وعامة، وبالتالي تشكل ضرراً أكبر على المستهدفين، مشيراً إلى أن انتشار الأنترنت وسع من جرائم انتهاك حرمة الحياة الخاصة، منبهاً أن القانون يمنع نشر أية تفاصيل أو صور عن حياة الآخرين الشخصية حتى لو كانت صحيحة.
وأشار شحادات، إلى أن النوع الآخر من الجرائم المعلوماتية هو الاحتيال الإلكتروني، مبيناً أن القانون لحظ هذه الجرائم ووضع الحدود لها، غير أنه يجب التنبه إلى أن قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية يتضمن مواد خاصة بالاحتيال، والذي يتمثل بالاحتيال عن طريق تلفيق الأكاذيب، أو استخدام صفة كاذبة والتي تتراوح عقوبتها بين 3 – 6 سنوات، بينما تشدد العقوبة في حال وقعت جريمة الاحتيال على 3 أشخاصن أو تجاوز المبلغ مليون ليرة، أو في حال وقوع الاحتيال على جهة حكومية.
ومع أن ثمة أصداء لأهمية المعلومات التي قدمتها الندوة، يأتي تنبيه الخبراء والقانونيين لمرتادي وسائل التواصل الاجتماعي، إلى أهمية التمييز بين المواقع والصفحات وأهدافها الحقيقية، مع عدم الانجرار وراء الإعلانات والمنشورات المضللة، لافتين إلى أن جهل الناس بطبيعة هذه الوسائل، وضعفهم أمام الأساليب الاحترافية للمجرمين عبر الشبكة، يوقعهم ضحايا لتلك العصابات متعددة الأغراض، بسهولة، وسذاجة في بعض الأحيان، في وقت كانت هناك آمال بعدم التركيز على العقوبات والأحكام، وكأن ارتياد مواقع التواصل الاجتماعي بات يشكل تهديداً للمرتادين، داعين إلى تفعيل أدوات التوعية، وأدوات الرد، ومشيرين إلى أنه من الممكن للجهات المعنية متابعة المنشورات المسيئة التي تصدر من داخل سورية غير أنها لا تستطيع متابعتها خارجياً.