تحقيقاتصحيفة البعث

منظومة خدمات النظافة.. تحديات كبيرة ومشاريع تعهدات تلزمها المتابعة والمراقبة

دمشق – عبد الرحمن جاويش

تحديات كبيرة جداً تواجه واقع النظافة في معظم البلديات وخاصة في هذه المرحلة الصعبة، فرفع القمامة وترحيلها والحفاظ على النظافة والوقاية من كورونا بات حديث الشارع في وقت تعاني بعض الجهات من قلة العاملين، والبعض الآخر يتقاعس إلى أن تصل الأمور إلى بؤر من التلوث والمرض، ولأن المواطن دائماً يحمل المسؤوليات لرؤساء البلديات ومجالس المدن والبلدان والبلديات، يبدو أن لدى الجهات المسؤولة حلولا إسعافية لا يمكن أن تحل مشاكل مستعصية، مثل نقص كوادر النظافة ونقص الآليات واهتراء بعضها لاسيما أن أكثر البلديات لا تملك ضاغطات، وتحديداً البلدات التي عاد إليها سكانها بعد تحريرها منذ سنوات.

تراكمات كثيرة يصعب حلها وهوات كبيرة وأعباء ومسؤوليات في ظل إمكانيات متواضعة لا تمكن رؤساء البلديات بالقيام بواجبهم من نظافة وترحيل يومي للقمامة، ومع نقص مادة المازوت التي تشغل الآليات، وتسرب العمال، ورحلة البحث عن عامل النظافة، يتسارع رؤساء البلديات بالحظوظ بعامل نظافة ليبقيه في العمل رغم أجره المتدني، في وقت أن بعض المنشآت تدفع لهذا العامل ثلاثة أضعاف ما تدفع له البلدية، فكيف سيتم تأمين عمال نظافة في هذه الظروف، خاصة أن الواقع يفرض وجود عمال نظافة على مدار الساعة لإبعاد شبح الكورونا وغيره.؟!.

مسؤولية جامعة

باتت النظافة كما يراها البعض مسؤولية جامعة في البلديات التي تعاني من تصرف المواطن وطريقة تعامله مع القمامة من إلقاء عشوائي بعيداً عن المواعيد المحددة وغيرها من قواعد النظافة والتعليمات التي تضعها البلديات، للأسف هذه الثقافة يفتقدها المواطن حسب رؤساء البلديات بدءاً من الدائرة الأضيق في المجتمع وهي الأسرة التي تحمل عامل النظافة مسؤولية نظافة الحي والساحة والشارع، فهناك مشاهد متكررة ومؤذية كالنبش في حاويات القمامة وجمع النايلون وقطع البلاستيك، بعد أن يكون عامل النظافة جمع القمامة لترحيلها، ويحدث هذا بلا أدنى مسؤولية، فما ذكرناه لايبرر على الإطلاق تأخر نقل القمامة إلى المكبات المخصصة وترحيلها من الشوارع، حيث تبقى في بعض الأحيان عدة أيام وما يحمل ذلك معه من روائح كريهة وانتشار للأوبئة والأمراض والقوارض، لكن السؤال الذي يطرح نفسه دائماً، لماذا هذا التقليد المتبع منذ زمن طويل في كافة المناطق المكتظة بالسكان، والمتمثل بوضع أكياس القمامة في زوايا الطرقات وعلى الأرصفة في أوقات محددة سابقاً، بدلاً من قيام المواطنين بحملها ورميها في الحاويات المخصصة، وبالتالي النهوض بواقع النظافة، حيث يجب تحديد مكامن الخلل وتصويبه ووضع الآليات المناسبة للواقع المعاش وليس للواقع الخيالي كما يشتهي الكثير.

استطلاعات

“البعث” استطلعت آراء عدد من المواطنين حول واقع النظافة وإجراءات الوقاية من الوباء في بعض المدن والبلدان في الوقت الراهن، فجاءت الإجابات متباينة بعض الشيء ومشتركة في عدة نقاط، حيث رأى بعض المواطنين أن المسؤولية تشاركية بين الأهالي والجهات المعنية، من حيث قيام الأهالي بالمحافظة على النظافة والتقيد بأوقات جمع القمامة وقيام عمال النظافة بكنس الشوارع وجمعها وضرورة زيادة عدد العمال والآليات وامتلاك الناس الإحساس بالمسؤولية والاهتمام بنظافة أحيائهم، كما يريدون أن تبقى منازلهم نظيفة مع فرض الغرامات بحق المخالفين.‏

وهناك رأي آخر طالب الجهات المعنية والمحافظة بتأمين مستلزمات الحفاظ على النظافة، فأكثر البلديات لا تملك إمكانيات للكم الهائل من القمامة، كما أشار إلى أن عمال النظافة لا يستمرون بعملهم في البلديات نتيجة عدم وجود ميزات تشجعهم على العمل، مواطن آخر اتهم البلديات بالتقاعس في ترحيل القمامة ومواعيد ترحيلها، وأنهم لا يهتمون بالحفاظ على النظافة ولا يقومون بواجبهم المطلوب منهم، في حين وجد البعض من المواطنين أن واقع النظافة مقبول وتحسن عن الفترة الماضية. ويقول آخرون: إن جهود عمال النظافة مشكورة في نقل القمامة، ولكن المشكلة في قلة عدد الحاويات، يضاف إلى ذلك عدم التزام المواطنين بمواعيد رمي القمامة وعدم وضعها بأكياس محكمة الإغلاق.

وفيما يتعلق بحملات النظافة والتي تتبارى البلديات بتنفيذها، وحتى لا نبخس الأشياء حقها يأتي كعرض عضلات وتصوير، بدوره يقول أحد عمال النظافة: نعمل واجبنا، ولكن لا يقدم أي شيء لنا لا حوافز ولا مكافآت ولا ألبسة واقية، على الرغم أن هناك تعليمات صارمة بضرورة ارتداء ألبسة خاصة وقفازات للوقاية من الأمراض.

عمال آخرون يقولون: نقوم منذ الصباح بكنس الشوارع وإزالة مخلفات الأتربة والحدائق، مع العلم أنها ليست من اختصاصنا، بل توجد جهات أخرى مسؤولة عن الحدائق والردميات ومخلفات البناء، كما يجب أن تكون عمليات ترحيل القمامة بواسطة السيارات وتفريغ الحاويات وتعقيمها ليتم نقلها إلى المكبات المخصصة،

وفي وقت يطالب فيه بعض عمال النظافة بالمكافآت والتعويضات، كونهم على تماس مباشر مع القمامة، ويقول الكثيرون: إن بعض الشوارع لا تُرحل منها القمامة، إلا بعد أن تتفسخ وينتشر التلوث والأمراض، معتبرين أن الواقع الحالي يستحق الأفضل، وخاصة في ظل هذه الظروف الصعبة حيث بات يوجد مصيبة اسمها انعدام النظافة في كافة المناطق، وأصبحت مكبات القمامة على الطرقات.

ويختلف رأي متعهدي النظافة تماماً عن رأي المواطن، فأحد المتعهدين يتهم المواطنين بتراكم القمامة في الأزقة لوقت طويل لعدم تقيدهم بمواعيد ترحيل القمامة، والآليات تمر في وقت معين وواحد لجمع القمامة وترحيلها، واشتكى متعهد آخر من التأخر بصرف الكشوف، مما يؤدي للتأخير في صرف رواتب العمال.

رأي مسؤول

بين عضو المكتب التنفيذي في محافظة ريف دمشق لقطاع المدن والبلديات بريف دمشق المهندس محمد مضاوية في توضيح ل”البعث”، أن عماد العمل في هذا الشأن يتركز على ثلاثة أمور هي الآليات، والعنصر البشري، وتعاون المجتمع المحلي، وهذا المثلث يعاني من ضعف في أضلاعه الثلاثة، مؤكداً أنه في السابق كانت الآليات قديمة ومهترئة، وبالرغم من ذلك فقد تعاملت البلديات معها وأجرت لها الصيانة، لكن الطامة الكبرى الآن هي في صعوبة تأمين عمال النظافة والسائقين.

وفي موضوع التعيين أوضح أنه لا يمكن التعيين إلا عن طريق مسابقات، مشيراً إلى أنه في السابق كان هناك عقود سنوية، وقد تم إيقافها مؤخراً، وحالياً التعيين بعقود موسمية ثلاثة أشهر فقط، نظراً للحاجة الماسة لعمال النظافة، حيث ترفع البلديات القوائم بالمواطنين الراغبين بالتعاقد إلى المحافظة وبدورها إلى وزارة الإدارة المحلية وموافقة الوزير ويتم صرف رواتبهم عن طريق الموازنة في المحافظة حسب القانون المالي.

وفيما يتعلق بإجراءات المحافظة لسد النقص في بعض البلديات بين مضاوية أن المحافظة تعمل على إجراء مسابقة لكافة الفئات وسيتم إعلانها قريباً وبدء استقبال الطلبات، وهناك تعيين جرى للمسرحين من الخدمة العسكرية، وبهذه الخطة يمكن سد جزء من النقص في البلديات، والأمل المنتظر لحل مشاكل البلديات هو إجراء المسابقة وتعيين أعداد كافية من العمال، والتغلب على التحديات، حيث أن مسألة النظافة في هذه الظروف مسألة مهمة تتطلب جهداً إضافياً للوصول إلى نظافة كاملة.

وطالب مضاوية بتشديد العقوبات بحق المخالفين، وتحسين واقع النظافة عبر توكيل النظافة إلى متعهدين مع العمال وهذا المشروع يلزمه التعاون والمتابعة والإشراف الجيد من قبل مراقبي البلديات، إضافة لتحمل المسؤوليات من قبل المتعهد مع فرض خصم في حال وجود تقصير ما في بلدية ما، أما فيما يتعلق بتأمين احتياجات البلديات جمع وترحيل القمامة أشار مضاوية إلى أن هناك مشروع قيد التنفيذ بالتعاقد مع مؤسسة الإنشاءات العسكرية بتصنيع حاويات قمامة لتزويد البلديات الأكثر احتياجاً وسكاناً وضغطاً وسنقوم بتوزيع الحاويات وفق الإمكانيات على البلديات.