الفائز هو الفيروس وليس الولايات المتحدة
إعداد: عائدة أسعد
مضى ما يقرب من ثمانية أشهر منذ أن تولى بايدن منصبه ولم يتحسن الوضع الوبائي للولايات المتحدة خلال هذه الفترة، بل أصبح أسوأ في العام الماضي على الرغم أن بايدن حث في حملته الانتخابية على إجراء اختبارات فيروس كورونا المنتظمة التي يمكن الوصول إليها على نطاق واسع، ووقع في اليوم الأول لدخوله المكتب البيضاوي على سلسلة من الأوامر التنفيذية للتعامل مع الوباء المدمر.
لقد وصل عدد الوفيات الناجمة عن كوفيد 19 في الولايات المتحدة في هذه الفترة إلى 650 ألفاً متصدرة العالم، وتجاوز عدد الإصابات 40 مليوناً ويعتبر ذلك تناقضاً صارخاً مع حقيقة أن الولايات المتحدة تملك أكثر التقنيات الطبية تقدماً في العالم وموارد الصحة العامة.
وعند الحديث عن مكافحة الوباء لن يفكر الناس في جميع أنحاء العالم في أي إجراءات فريدة اتخذتها الولايات المتحدة أو أي مساهمات قدمتها لهذه المعركة العالمية، وما يمكن أن يفكروا فيه هي تلك الأعداد المذهلة من الإصابات والوفيات والاتهامات التي لا أساس لها ضد الصين، والأنانية في توزيع اللقاحات وهذا هو أكبر فشل لمكافحة الوباء في الولايات المتحدة.
إذا تمكنت الولايات المتحدة من التغلب على قصر نظرها السياسي وحساباتها غير المسؤولة وإيمانها بالعلوم فقد يكون من الممكن أن تخفف من حالة الوباء المحلي لديها، بل وتساهم في هذا المسعى العالمي، ولكن للأسف تركز حكومة الولايات المتحدة سواء بقيادة الجمهوريين أو الديمقراطيين اهتمامها على تتبع الأصول التي تعتبرها ورقة مساومة سياسية في منافسة القوى الكبرى.
لقد ألقى الجمهوريون باللوم على فريق بايدن في هذا الفشل الأمريكي، بينما زعم الديمقراطيون أن فريق ترامب الذي لم يكن لديه أبداً نية لمحاربة الوباء ترك لهم الفوضى. والحقيقة هي أن الفشل جاء نتيجة عمل مشترك لفريق ترامب وفريق بايدن وعدم تمكن الحكومتين من محاربة الفيروس بسبب خلل في النظام السياسي الأمريكي في أعقاب أزمة الصحة العامة وعدم قدرة النظام على التصحيح الذاتي بعد سنوات من التراكم من المشاكل.
وفي هذا الشأن، يقول تشانغ تنغيون، زميل باحث مساعد في معهد الصين للدراسات الدولية: “إن الولايات المتحدة منقسمة سياسياً لدرجة أنه يصعب تشكيل سياسة مكافحة الفيروسات ابتداءً من الكونغرس، كما فشلت إدارة بايدن في إظهار التصميم على الابتعاد عن القيم الراسخة للولايات المتحدة والتي تعيق المجتمع الأمريكي عن قبول تدابير مكافحة الفيروسات، ولم تظهر قيادة فعالة وإرادة سياسية قوية ولا تزال تستخدم مكافحة الوباء كورقة في الانتخابات”.
إن عدد وفيات كوفيد 19 في نهاية المطاف سيكون رقماً ضخماً وهو آخر الأولويات لدى الحزبين، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة هي أقوى دولة في العالم سياسياً واقتصادياً وعسكرياً فهي ليست بأي حال دولة تخدم شعبها وهذا هو السبب في أن الفيروس التاجي يمكن أن يهاجم الأمريكيين بشدة.
لقد أصبح الوباء الذي يصعب السيطرة عليه سمة بارزة في أسلوب الحكم الأمريكي، ولن تكون الإجراءات المتسرعة التي ستتخذها إدارة بايدن مجدية إلا في معالجة الوباء بالإضافة إلى مشاكل الحوكمة الأمريكية فالفائز هو الفيروس وليس الولايات المتحدة على الإطلاق.