إنهاء معاناة المئات من أهل كار السياحة يستوجب السرعة في تأمين الكهرباء والمحروقات للمنشآت
منذ أن بدأت أزمة المحروقات والكهرباء والمعنيون بالقطاع السياحي يدعون إلى حلّ عملي وسريع، كي لا يصل القطاع إلى ما وصل إليه بسبب الأزمة، ورحلة البحث مستمرة لتأمين احتياجات المنشآت من المحروقات والسعي للتخفيف من التقنين القاسي للكهرباء.
ويبدو أن أصحاب المنشآت السياحية لم يتركوا وسيلة إلا واستعملوها في سبيل استمرار عملهم خلال هذا الموسم، والقضية بين أخذ وردّ ومراسلات واجتماعات ووعود متكررة، ومازال المعنيون في شركة محروقات يحاولون قدر المستطاع تزويد بعض المنشآت بالمحروقات.
ووفق ما أوضح مدير محروقات ريف دمشق المهندس منصور طه لـ”البعث” فإن جميع المنشآت تحصل على مخصصات المازوت من شركة ps وبسبب عدم قيام الشركة بتزويدهم بمخصّصاتهم، تمّ مؤخراً إرسال كمية إسعافية مقدارها 24 ألف ليتر، مشيراً إلى أن هناك جهوداً لمعالجة الأزمة منذ بداية شهر أيلول، في ظرف لا تكاد منطقة من دمشق وريفها تخلو من ازدحامات خجولة من الزوار، وبسبب أزمة المحروقات والكهرباء اقتصرت الزيارات بأيام الجمعة والأعياد على الاستراحات والمتنزهات والطرقات، فابتعاد الزبائن عن المنشآت والمطاعم يأتي لعدم توفر الكهرباء نظراً لموجة الحرّ التي تضرب البلاد، ويفضّلون الجلوس في الهواء الطلق مع أكلهم وشربهم، وبقيت المطاعم الكبيرة والفنادق شبه خالية من زبائنها، وهذا ما أثر على أدق التفاصيل في الحياة السياحية والعمل في الموسم.
أسباب مجتمعة
وحسب مختصين اجتمعت أسباب ارتفاع الأسعار ونقص مواد المحروقات وتقنين الكهرباء الذي لا يتحمّله منطق، وللرجوع لما قبل أزمة المحروقات والكهرباء لا تخلو منطقة سياحية من زوارها مثل بلدة بلودان السياحية التي كان يؤمّها أيام الجمعة نحو 30 ألف زائر، وحالياً على مدار الأسبوع أصبحت بلودان فارغة، فالواقع اليوم مأساوي بامتياز، لأن جميع المنشآت تتعلق ولو بقطرة غيث من المحروقات، لتستمر في عملها من حيث تشغيل المولدات والأجهزة، علماً أن الأزمة طال أمدها وأشرف الموسم السياحي على نهايته، والحلول على ما يبدو تبقى رهينة الدراسة وانتظار القرارات. ويقول مختصون إن تنشيط السياحة الداخلية يلزمها تأمين مستلزماتها، وأكثر المواقع المتضررة بقطع الكهرباء ونقص مواد المحروقات هي الأكثر جذباً ولديها مقومات كبيرة وتقع في محافظة ريف دمشق.
وإذا كان النشاط السياحي الداخلي مزدهراً قبل الأزمة، فمن وجهة نظرهم أن هذا النشاط سيشهد تراجعاً في حال استمرار أزمة المحروقات، لأن تنشيط سياحتنا الداخلية مرتبط بتوفير أدق التفاصيل في الحياة السياحية، وأهمها مادة الغاز والمازوت، حيث يبحث عنها أصحاب المنشآت ولا يجدونها إلا في السوق السوداء وبالسعر الحر المرتفع جداً، ويقول أصحاب المنشآت إن مخصّصاتهم من الغاز والمازوت قليلة وبالقطارة ولا تلبي احتياجات العمل، وحسب قولهم فإن الأزمة انعكست على خطط تنشيط السياحة الداخلية التي وضعتها وزارة السياحة ومديرياتها.
تشخيص الواقع
وانطلاقاً من تشخيص الواقع الراهن ونقاط الضعف نجد أن هناك معاناة منذ بداية الموسم من ارتفاع المواد ومستلزماتها ونقص المحروقات وصعوبة تأمينها وحتى بالسعر الحر. وبرأي معظم أصحاب المطاعم والفنادق ليس هناك آمال في توفير احتياجات الموسم، فلا مخصّصات تكفي ولا عدالة بتقنين الكهرباء، ما انعكس على عملهم السياحي الذي كانوا يتوقعونه موسماً مميزاً ومزدهراً، كتعويض عن سنوات الحرب وكورونا وغيرها، واصطدمت هذه التوقعات بأزمة لم تكن بالحسبان!.
يقول صاحب منشأة بالسيدة زينب يملك فندقاً سياحياً يستقبل مجموعات سياحية: كانت مادتا الغاز والمازوت تصلنا بانتظام وبدأت تتراجع وتنقص إلى أن انقطعت نهائياً وأصبح الملاذ الوحيد لنا السوق السوداء التي تباع فيها مادتا الغاز والمازوت بكميات كبيرة، أما الكميات التي تصلنا من شركة ps فهي قليلة ولا تحقّق المطلوب ولا تكاد تكفي أسابيع، وبعد أن نقوم بشراء الأطعمة واللحوم والمستلزمات الأخرى تتوقف البرادات والأجهزة ويفسد كل شيء ويترك الزبون الفندق، فهناك خسارات فادحة في الطعام والمواد الغذائية التي تحتاج لتبريد، وحسب قوله، فإن كل هذه الاتجاهات كانت سلبية علينا ولا نرى أي مؤشرات تبشّر بحلّ الأزمة ورحلة البحث مستمرة لتأمين مستلزمات تشغيل المنشآت، خاصة وأن أزمة المحروقات والكهرباء الحالية أثرت بشكل سلبي على الصناعة السياحية، ولاسيما السياحة الداخلية في المواقع الاصطيافية في معلولا وصيدنايا والزبداني وبلودان المواقع الأكثر تضرراً والتي تنقطع فيها الكهرباء 12 ساعة بساعة وصل فقط، فالسياحة وفق برنامج التقنين الجائر تشهد خسارات مؤلمة لأهل الكار، عدا عن التكاليف الباهظة التي يتكبّدها صاحب المنشأة في استخدام الطاقات البديلة، وتأمين مادتي الغاز والمازوت عن طريق السماسرة وتجار المواد بأسعار لا ترحم، فأكثر الفنادق والمطاعم اليوم تعتمد على الكهرباء ومحركات الديزل والمكيفات وأنظمة التبريد والمولدات، وبعض المنشآت تعمل 30% وبعضها لن يفتح هذا العام، فالوعود كثيرة والمنشآت أصبحت مهدّدة عدا عن صرف المئات من العاملين!.
يد واحدة لا تصفق
رغم الإجراءات التي تتخذها الجهات المعنية ومديريات السياحة وغرف السياحة بالسعي لتأمين ما أمكن من مخصّصات القطاع السياحي من مادتي الغاز والمازوت وزيادة الكميات، والتخفيف ما أمكن من تقنين الكهرباء، إلا أن هذه المساعي تذهب هباء منثوراً وتبقى مجرد سعي فقط.
كما أشار مدير سياحة ريف دمشق محمد وائل كيال في تصريح لـ”البعث” إلى أن المديرية تسعى جاهدة لتأمين المواد وإمكانية الانتهاء من الأزمة، وعلى هذا الأساس شكلنا لجنة مختصة لدراسة احتياجات المنشآت من المواد، وفعلاً اللجنة بدأت أعمالها من خلال عمليات الإحصاء الميدانية لكافة المنشآت في ريف دمشق، إلا أن بعض الجهات لا تتعاون معنا لحلّ تلك المعضلة، حيث اعترف الكيال أن فقدان ونقص مادتي الغاز والمازوت والتقنين الظالم للكهرباء أدى إلى تعطل الكثير من الطموحات بتنشيط الواقع السياحي، كما تلعب الغرف السياحية دوراً مهماً في سبيل استمرار عمل الكثير من المنشآت، وباعتبار المنشآت السياحية في ريف دمشق الأكثر تضرراً والتقنين الكهربائي يمتد لساعات طويلة، لعبت غرفة سياحة ريف دمشق الدور الأكبر بالتحول من تعطل بعض المنشآت إلى الاستمرار بعملها رغم نقص مواد المحروقات، وتميّز هذا الدور بإيجاد حلول جديدة لمشكلات طارئة أو الحدّ من الإغلاقات في حال حدثت.
وحسب رئيس غرفة سياحة ريف دمشق حسام الحلبي، فإن نظرة الغرفة تظهر بوضوح معاناة كبيرة تواجه أصحاب المنشآت والفنادق، وقد تطوّرت الأزمة لتشمل القطاع بمجمله، فأكثر المنشآت باتت اليوم تعاني من نقص مواد المحروقات وتضررها من الانقطاعات الكهربائية. ويرى الحلبي أن الحلّ ليس صعباً كما يتصوره البعض، فبوجود التعاون والتنسيق يمكن أن نحلّ أكبر مشكلة لأن يداً واحدة لا تصفق، ولا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي، فالحياة السياحية يجب أن تستمر خاصة وأن محافظة ريف دمشق تمتلك أكبر المقومات السياحية وتوجد أعداد كبيرة من المنشآت، وأمل الحلبي من محافظة ريف دمشق التعامل مع الأزمة بجدية والتعاون والتنسيق السريع مع شركة ps من أجل تأمين مخصصات كافية من مادة المازوت.
عبد الرحمن جاويش