قمة الأسد – بوتين . . اتفاق الحلفاء
د . مهدي دخل الله
هناك أنواع ثلاثة للقمم بين الرؤساء ، ثنائية كانت أو جماعية : النوع الأول هو القمة بين الحلفاء ، الثاني بين دول متقاربة في السياسة الدولية ، أما الثالث فهو بين دول تسود علاقاتها خلافات أو اختلافات معينة ، كبرت هذه الخلافات أم صغرت ..
ما يهمني هنا هو النوع الأول والثالث ، وأمثلته القريبة جداً . لقاء بين الأسد – بوتين يوم أمس هو قمة بين الحلفاء ، أما لقاء بوتين – بايدن قبل فترة فهو من النوع الثالث . ولعل ما يميز النوع الأول هو مناخ اللقاء حيث تسود المشاعر الإنسانية والود ولغة الجسد الإيجابية بين الطرفين . وتبدو الإبتسامة المرسومة على وجهي الرئيسين من أهم مؤشرات هذا المناخ ..
وتكتسب قمة الحلفاء أثناء الحرب ضد العدو المشترك أهمية إضافية ، لأن نتائجها تغير في الأوضاع الناتجة عن الحرب وفق إرادة الطرفين في القمة . ومن جهة ثانية ، لا يضعف الود المتبادل من الإهتمام بالعناوين الساخنة المطروحة ، وإنما يسهم في التركيز على القضايا العملية المحددة . .
والأهم من هذا كله أن القمة السورية الروسية تستند الى تقاليد راسخة تجعل التقدم الى الأمام بشكل مشترك ممكناً وعملياً . لا ينقص من هذه الحقيقة العدد الكبير من المواضيع المطروحة ذات الأهمية الراهنة ، بعيداً عن المجاملات والشعارات ..
لا يلتقي الحلفاء لتأكيد توجهات عامة مشتركة ، لأن هذه التوجهات مؤكدة بوجه طبيعي . يجتمع الحلفاء لبحث سياسات ، بل واجراءات ، محددة لمواضيع ساخنة ، لذا غالباً ما تظهر النتائج بسرعة بعد القمة ..
ويلتقي الحلفاء ليتخذوا قرارات صعبة ونوعية ، خاصة عندما تكون الحرب على أشدها ، سواء كانت حرباً ميدانية أو اقتصادية أو ديبلوماسية .. أو كلها مجتمعة كما هو الوضع مع الحرب على سورية ..
وما يربط سورية وروسيا ليس حلفاً تكتيكياً كالحلف الذي كان قائماً بين موسكو والدول الغربية أثناء الحرب العالمية الثانية . إنه – على العكس من ذلك – حلف مبدئي . . حلف الدفاع عن مبدأ الإستقلال وحرية الشعوب في تقرير مصيرها ، لذا فإن الإجراءات تكون مستندة الى قاعدة مبدئية في إطار السياسات الواقعية . .
هل سنرى قريباً عملية مركزة لتحرير طريق سراقب اللاذقية بعد أن نفد الصبر في التعامل الروسي – التركي ، تماماً كما أدى نفاد الصبر الى تحرير طريق حماة حلب بالقوة في الفترة السابقة ؟ هل سيكون إغلاق ملف درعا عاملاً مساعداً في هذا الإتجاه؟ . .
هل ستكون هناك إجراءات داعمة للوضع الإقتصادي والمعيشي في سورية بعد أن أعلن الرئيس الأسد في خطاب القسم أن هذا الوضع يحتل الأولوية؟ ..
كلها قضايا هامة وحساسة .. ولا شك أن ما بعد القمة لن يكون مثل قبلها . . فالتوظيف السوري الروسي المشترك للتطورات الأخيرة على الصعيدين الميداني (درعا) والسياسي ( مشروع الغاز والكهرباء عبر سورية الى لبنان) أصبح أمراً راهناً .. وضرورياً .