أهمية انضمام إيران لمنظمة شنغهاي
محمد نادر العمري
مسار جديد تخطوه الجمهورية الإسلامية الإيرانية في كسر الحصار الاقتصادي المفروض عليها وتحرّرها أكثر من القيود المتمثّلة بالتعامل مع الغرب، وذلك بقبولها بشكل رسمي كعضو كامل في منظمة شنغهاي الاقتصادية أثناء القمة التي انعقدت قبل أيام في الذكرى العشرين لتأسيس المنظمة بمدينة دوشانبي عاصمة طاجيكستان.
من حيث التوقيت والتوجّه، هناك أكثر من دلالة في تحوّل إيران من عضوية المراقب التي استمرت خمسة عشر عاماً وخاصة منذ نهاية 2005، إلى قبولها اليوم كعضو كامل. ومن حيث مكان انعقاد القمة، أي طاجيكستان، هناك رمزية في قبول إيران واستقبالها في هذا البلد الذي شهد علاقات متوترة مع جيرانه وخاصة إيران منذ انهيار الاتحاد السوفييتي. إذ ينطوي وجود الرئيس الإيراني الجديد في طاجيكستان، في أول زيارة خارجية له، على معنى ومغزى لتطوير العلاقات بين الدولتين، ما سينعكس حتماً على منابع الغاز في بحر البلطيق، وسيزيد التعاون حول الاستخراج والنقل، كما ينطوي حضور اجتماع الدول الأعضاء في المنظمة على أهمية بالغة نظراً لدور المنظمة وتأثيرها في آسيا الوسطى نتيجة امتداد أعضائها وتوزعهم من الشرق الأدنى ممثلاً بالصين والهند، وصولاً لآسيا الوسطى والمحصورة في كازاخستان وقيرغيزستان وباكستان وطاجيكستان، وانتهاءً بأقصى الشمال الآسيوي والتي تكمن بالجانب الروسي. وهذا الامتداد الحيوي يشكّل عمقاً جيواستراتيجياً واقتصادياً وأمنياً و”طاقوياً” مهماً لإيران مع استمرار الغرب في سلوكه التهربي تجاه إيران واستمرار فرض العقوبات والتمسّك بها لمنع نمو القدرات الإيرانية.
كما أن من أبرز الدلالات ذات الأهمية لإيران هو الثقل السياسي لهذه الدول ليس في إطار آسيا فحسب، بل في إطار المنظمات الدولية وخاصة مع وجود مندوبين دائمين في مجلس الأمن وهما روسيا والصين. ومن الناحية الاقتصادية جاءت الموافقة على عضوية إيران الكاملة في المنظمة بعد توقيع الاتفاق الاستراتيجي مع الصين، وهو ما يعني أنه استكمال الجهود الصينية لوضع مقومات وإرساء أسس ومرتكزات ضمان توفر بيئة متينة لمشروع “الحزام والطريق” من خلال ربط منظومة دول آسيا وخاصة الوسطى منها بعلاقات متينة مكملة لبعضها البعض من حيث المصالح والأهداف ونقاط الالتقاء وتقاطع الحاجات، وهو ما ألمح إليه الرئيس الإيراني بالقول أثناء القمة: “إنَّ إيران يمكن أن تكون حلقة وصل لأوراسيا عبر ممر يربط الشمال بالجنوب”، وربما هذا هو السبب الذي دفع بالرئيس الصيني شي جين بينغ للتعجيل بإعلان موافقة المنظمة على منح إيران العضوية الكاملة فيها، حيث قال الرئيس الصيني: “سيتمّ اعتبار إيران عضواً كاملاً في منظمة شنغهاي في اجتماع اليوم”.
ومما يؤكد على أهمية هذا الإعلان في هذا التوقيت، سواء للمنظمة أو لإيران، أنه جاء بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان بعد مضي 20 عاماً على وجود قوات الأطلسي في هذه المنطقة، وقبول إيران في المنظمة قد يساعد الدول الأعضاء على تكريس الهدوء والاستقرار في أفغانستان والتي بدورها تعتبر عضواً مراقباً في هذه المنظمة.
وفي الوقت الذي تسابق به واشنطن لعقد الاتفاقات وتضغط بكل الإمكانات بهدف احتواء الصين، يبدو أن سياسات التكامل والتعاون والإغراء كفيلة بنجاح الصين في توسيع مشاريعها التنموية، ما من شأنه دفع إيران وغيرها من الدول التي عانت من ويلات الحصار الإرهابي الاقتصادي عليها للوقوف إلى جانب الصين وروسيا في مشاريعهما المناهضة للمصالح الأمريكية، وربما تصبّ مماطلة الغرب فيما يتعلق بالعودة لاتفاق 5+1 في مصلحة إيران في النهاية. ولا شك أن التوسّع الإيراني في العمق الآسيوي لبيع النفط والمنتجات الإيرانية يشرع أبوابه مع دخول إيران للمنظمة، وسيعزّز من ضمان أمن إيران القومي نظراً لأن أعضاء المنظمة يتوجّب عليهم التعهد والتعاون فيما يتعلق بالقضايا الأمنية بما فيها الإرهاب، وهم ملزمون بذلك.