أزمة نقل خانقة في حلب والحلول غائبة
“البعث الأسبوعية” ــ معن الغادري
تشهد مواقف الباصات والسرافيس في حلب صباحاً وعند الذروة / عصراً / سباقاً محموماً بين المواطنين وغالباً ما يتحول هذا السباق إلى تدافع وفي كثير من الأحيان إلى شجار وعراك بالأيدي لحجز مكاناً في الباص جلوساً أو وقوفاً لا فرق، للوصول إلى عمله أو جامعته أو العودة إلى منزله ،
وفي وقت تغيب فيه الحلول ويتم غض النظر عن فوضى منظومة النقل ، تتعالى أصوات المواطنين والذين يطالبون بإيجاد مخارج لهذه الازمة اليومية المتفاقمة والتي باتت تؤرقهم وتستهلك وقتهم وجهدهم ومالهم ، حيث يضطر معظمهم إلى الاستعانة بتكاسي الأجرة ودفع أكثر من 5 آلاف ليرة يومياً للالتحاق بأماكن عملهم وجامعاتهم ومدارسهم ، أو الاتكاء على أهل الخير ممن يملكون سيارات خاصة بالإشارة أو القول لهم – وصلني بطريقك – وهي العبارة الأكثر تداولاً هذه الأيام في شوارع حلب .
الحلول غائبة …
كل المعطيات على الأرض تؤكد أن لا حلولاً لهذه الازمة على المدى القريب أو المتوسط في ضوء تراجع قدرة الشركة العامة للنقل الداخلي على تغطية حاجة المدينة من الباصات والتي لا يتجاوز عددها 147 باصاً حسب ما أفاد به – مدير عام الشركة بحلب – بينما حاجة المدينة تتطلب توفر أكثر من 600 باص نقل ، يضاف إلى ذلك عزوف بعض السرافيس وباصات القطاع الخاص عن العمل ، لأسباب عدة منها وحسب قول أصحاب الباصات عدم حصولهم على مخصصات كافية من مادة المازوت المدعوم ، واضطرارهم إلى شراء مادة المازوت من السوق السوداء وبأسعار مرتفعة جداً .
في السياق يقول عدد كبير من المواطنين أن سائقي السرافيس والميكروباصات لا يلتزمون بالتسعيرة الصادرة عن مجلس المحافظة ويتقاضون أجوراً زائدة ، كما لا يلتزمون بخط السير حتى نهاية الخط ويتعمدون تقسيمه إلى أجزاء بهدف زيادة أرباحهم وغلتهم اليومية على حساب المواطن الذي يجد نفسه أمام ضغط الحاجة مجبراً لدفع ضعفي التسعيرة المحددة لتأمين وصوله إلى عمله ومن ثم العودة إلى منزله .
وتشير شكاوى المواطنين إلى أن الباصات العاملة على معظم خطوط ومسارات المدينة، يتعمد أصحابها إلى تجزئة خطوطهم إلى مرحلتين وأكثر ، بهدف مضاعفة الأجور وزيادة غلتهم اليومية .
عدد من طلاب الجامعة المنتظرين عند موقف الباص لأكثر من ساعة أشاروا إلى أن الازمة في تفاقم وبعيدة عن الحلول في ضوء ما يشهده هذا الملف من فوضى حقيقية نتيجة عدم التقيد بمسارات الخطوط وبالتسعيرة الصادرة عن مجلس المحافظة ، يضاف إلى ذلك غياب الرقابة والتساهل الواضح من قبل المراقبين وشرطة المرور مع ارتكابات ومخالفات أصحاب السرافيس ، ما يزيد من جشعهم واستغلالهم .
أمير . ك وهو موظف ويسكن في حي صلاح الدين يقول أدفع يومياً مبلغ 6000 ليرة أجور تنقل لأتمكن من الوصول إلى عملي ومن ثم العودة إلى بيتي وهو حال معظم الطلاب والموظفين الذين يستقلون واسطتي نقل ذهاباً ومثلهما إياباً .
واشتكى عدد من المواطنين من تقاضي ضعف التسعيرة المحددة للخطوط المتوسطة وللخطوط الطويلة .
ويطالب المشتكون من الجهات المعنية ضبط هذه المسألة واتخاذ إجراءات صارمة بحق الذين يتقاضون أجوراً زائدة .
قلة في عدد الباصات …
مدير عام الشركة العامة للنقل الداخلي بحلب المهندس حسين السليمان أوضح
أن باصات الشركة ملتزمة بالمسارات المحددة لها وهي تعمل بكامل طاقتها وعلى كافة الخطوط ، مشيراً إلى مجموع عدد الباصات العاملة فعلياً في حلب من القطاعين العام والخاص حوالي 200 باص منها 147 تابع لشركة النقل الداخلي وقسم كبير من هذه الباصات تقوم بتخدم العديد من القطاعات العامة في المدينة والريف وتحديداً المعلمين والمدرسين المندبين إلى الريف .
وأضاف السليمان بالإمكان حل هذه الأزمة بزيادة عدد الباصات وسابقاً أي قبل الحرب الإرهابية كانت الشركة تملك 1500 باص ، أما الآن تعمل الشركة بطاقة 147 باصاً بينما الحاجة الفعلية لتغطية حاجة المدينة والريف إذا استثنينا القطاع الخاص والوسائط الأخرى فإننا نحتاج إلى 600 باص نقل داخلي ، وهو لا يمكن تحقيقه على المدى القريب .
وبين السليمان أن الشركة بحاجة أيضاً إلى تدعيم كادرها البشري بفنيين وسائقين وإلى تأمين قطع تبديل لصيانة الباصات وإصلاح الأعطال ، لضمان استمرار عمل الشركة .
نقاط مراقبة …
من جانبه أكد سمير جعفر عضو المكتب التنفيذي المختص في مجلس المحافظة أن يتم التنسيق بشكل يومي مع كافة الجهات المعنية لتنظيم حركة النقل في المحافظة والتخفيف ما أمكن من حالة الإزدحام وضبط المخالفات والارتكابات من قبل أصحاب السرافيس والباصات لجهة تقاضي أجوراً زائدة أو عدم التقيد بالمسارات المحددة وتجزئة الخطوط ، ولضبط هذه المسألة تم التنسيق مع نقابة النقل البري لوضع نقاط مراقبة في مناطق عدة من المدينة لمراقبة خطوط السرافيس والمسارات الطويلة وإلزام أصحابها بالعمل على الخطوط المقررة، وسيتم التعامل بحزم مع أي مخالفة بهذا الشأن وسيعرض صاحب السرفيس المخالف للمساءلة وحرمانه من تعبئة المازوت المحدد للسرفيس.
يذكر أن محافظة حلب شكلت مؤخراً فريق عمل مشترك، من شركة محروقات حلب ومديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بإشراف عضو المكتب التنفيذي المختص بمجلس المحافظة، وذلك لتنظيم حركة النقل ومراقبة توزيع مادة المازوت المخصص للنقل العام في محطات الوقود العاملة في المدينة والريف، على خلفية وجود مخالفات في بعض محطات الوقود وقيام أصحابها بالعمل خلافاً للأنظمة والقوانين النافذة.
وبالرغم من تنظيم أكثر من 9000 ضبط خلال الفترة الماضية بحق السيارات التي تستجر مخصصاتها من مادة المازوت ولا تعمل فعلياً ، ما زالت قضية تهريب المادة وبيعها في السوق هي الأكثر رواجاً ، والمطلوب من المكتب التنفيذي عدم الإكتفاء بتشكيل اللجان ، بل المطلوب تحركاً فاعلاً وناجزاً على أرض الواقع من شأنه ضبط هذا الملف وتشعباته وفرض أقصى العقوبات بحق كل من يحاول استغلال المواطن والتعالي على الأنظمة والقوانين .