رياضةصحيفة البعث

التحكيم الكروي بين النظرة المتفائلة والواقع المتشائم

ناصر النجار

مع بداية الدوري الكروي الممتاز، سبق أن استعرضت “البعث” واقع الدوري الكروي الممتاز من الناحية التحكيمية في حوار مع أحد مسؤولي لجنة الحكام ليشرح واقع التحكيم المحلي، واستعداد الحكام للدوري، وجاءت الإشارة مطمئنة وإيجابية، والتصريحات مملوءة بالتفاؤل، ولكن على ما يبدو أن الحديث كان نظرياً فقط لأننا شاهدنا واقعاً مغايراً على أرض الملعب، فالأخطاء التحكيمية المؤثرة التي غيّرت نتائج المباريات كانت متعددة، وفي حالات شتى تدل على الجهل في القانون أولاً، وعلى الإهمال واللامبالاة ثانياً، والجهل المطبق وجدناه في افتتاح الدوري عندما سمح الحكام والمراقب ببدء مباراة الكرامة والشرطة دون جاهزية الملعب لعدم وجود رايات ركنية، وهذا الأمر ليس له تفسير إلا أن يكون طاقم المباراة جاهلاً بالقانون، وهذه مشكلة، أو أنهم تعاملوا مع هذه الحالة بلامبالاة، والمشكلة هنا أعظم!.

الحكم نفسه أفسد مباراة الوحدة والكرامة بقرارات ظالمة لا تمت لقانون كرة القدم، وإذا كان هذا الحكم قادماً على اختبارات آسيوية، فعلى تحكيمنا السلام، فالكرامة يستحق أن نرفع له قبعاتنا احتراماً لأنه تحلّى بالروح الرياضية، ولولا صبره لفسدت المباراة، وكان من المستحيل أن تستكمل، حكم آخر أخطأ في مباراة بقرارات غيّرت معالم المباراة، خصوصاً حالة ركلة الجزاء الممنوحة للفتوة على الاتحاد، وقامت لجنة الحكام بتكليفه في الأسبوع الذي يليه بديربي اللاذقية الأكثر حساسية وصعوبة، ولا ندري إن كان هذا التكليف مكافأة له أم لتحدي ناقدي الأخطاء التحكيمية؟.

كلنا شاهد المهزلة الكروية في مباراة تشرين والشرطة من ناحية قتل الوقت بالنسبة لفريق الشرطة، من حق فريق الشرطة أن يلعب بأسلوب دفاعي على الشكل الذي يريده، ولكن ليس من حقه قتل المباراة لأنه بذلك يقضي على جمالية كرة القدم، ويقتل الروح التنافسية التي هي من أهم مبادئ كرة القدم، الشاهد في هذه الحالة أن الحكم بقي متفرجاً طوال المباراة وكأنه منح الإذن للاعبي الشرطة للوقوع على أرض الملعب فرادى وجماعات، بمناسبة وبغير مناسبة، لدرجة أنك تجد أحياناً أكثر من لاعب على الأرض يدعي الإصابة، والغريب أن كل هذا التمثيل لم يردعه الحكم حسب نصوص القانون، واكتفى بثلاث بطاقات صفراء، بعضها ليست له علاقة بحالات إضاعة الوقت.

مهمة الحكم تطبيق القانون، وحماية اللاعبين من الأذى ضمن شعار اللعب النظيف، وحماية المباراة من هدمها وقتل جمالها، هذه الحالات قد تكون الأبرز، وقد سلّطت عليها الأضواء، وهناك حالات أخرى كثيرة لا نود استعراضها حتى لا نصل إلى مرحلة التشاؤم التام، وحتى لا نكون سلبيين باستعراضنا هذه الحالات فإننا نؤكد أن هناك العديد من المباريات التي كان نجومها من حكام قادوها باقتدار، وهذا الكلام لا يدل على أن كل تحكيمنا سيىء، ونحن بشكل عام مع الحكام لأنهم أصل نجاح المباريات والدوري، وكل ما نطلبه المزيد من العناية بالحكام والمسألة التحكيمية، وأن نشاهد العدالة في التقييم والتكليف، وأن نتخلص من التبعية والولاء، وألا يكون التعامل مع الحكام على أساس الروابط الشخصية، وأن تكون الخبرة والنزاهة والكفاءة المقياس الحقيقي في التعامل مع كل الحكام.

موضوع التحكيم مؤثر وفاعل، ولدينا الكثير من المواهب التحكيمية التي لها مستقبل واعد، وبلدنا مملوء بالمواهب الفطرية التي لا تحتاج أكثر من الصقل والعناية والرعاية والإحساس بالعدالة وتهيئة الأجواء المريحة من الدعم المعنوي والنفسي والمالي، والشعور بالحماية التامة، ولجنة الحكام تعتبر الراعي الرسمي للحكام، ومن المفترض أن يشعر كل الحكام بهذا الشعور، فبعض الحكام يشعرون أنهم أيتام، وهذه حقيقة!.