حاكم المركزي يحسم لعبة “القط والفأر” مع قطاع الأعمال: لا مصلحة لكم في تجاوز القانون ولن نرحم أحد
دمشق – ريم ربيع
مفاجئاً كان حديث حاكم مصرف سورية المركزي للتجار والصناعيين، وصريحاً حدّ القسوة في بعض الأحيان، فالمصارحة التي ابتدأ فيها اللقاء الجامع لهم في غرفة تجارة دمشق شبهها البعض بضربة استباقية لخصت عشرات الأسئلة واختصرت عشرات التظلمات والشكاوى “الملتوية” – حسب توصيف البعض – وحديثه الذي “جرح مرة، وداوى مرة” لم يترك المجال لأسئلة أو مداخلات اعتباطية، حيث وصّف وشرح وفسّر وواجه “على بساط أحمدي”، ودون مواربة!!
“دافنينو سوا”، كرّر الحاكم د. عصام هزيمة هذه العبارة عدة مرات، خلال حديثه، في إشارة إلى إدراكه، مسبقاً، كل محاولات البعض لـ “التجاوز” و”التشاطر” والالتفاف بعباءة قانونية أو بدونها، مؤكداً أن لا أحد فوق القانون، والأشهر الماضية أثبتت ذلك، فما كان يجري خلال السنوات العشر الماضية لم يعد مقبولاً الاستمرار به، إذ أن الاقتصاد السوري لم يعد قادراً على تحمل أية هزات ناتجة عن ممارسات فردية خاطئة، فلا يحاول أحد أن يتباهى بقدرته على تجاوز القانون.
وأكد هزيمة أن القرارات التي اتخذت في الفترة الماضية، كلها، تهدف لتأمين المواد الأساسية للمواطن، موضحاً أنه فيما يتعلق باستيراد السكر والأرز والزيت والأدوية، فهي تمول عن طريق المصارف بسعر 2500 ليرة، وتم تحديد الحد الأعلى من العمولات سواء للمصرف أو لشركات الصرافة بـ 10% (إن اقتضى الأمر)، فاصطدمنا بعدها للأسف – يقول هزيمة – بأن جزءا من العملية التجارية انكشف هامش الربح فيه، وهنا بدأت المشاكل، متحدياً أن يكون الهدف من أي قرار إلحاق الأذى بتاجر أو صناعي.
وتساءل هزيمة: “هل يجب أن أصفق لمن يريد التصدير بغير اسمه وانزعجَ من القرارات؟”، موجهاً نصيحة لكل من يتباهى بمخالفة القوانين: “مالك مصلحة بقا”، فاليوم أصبح يوجد شركات صرافة مرخصة وجاهزة للتمويل، ولا يسمح التعامل إلا معها، وبذلك يكون التعامل على المكشوف، ويُعرف سعر الاستيراد الحقيقي ليتم مراسلة وزارة التجارة الداخلية به والتسعير على أساسه فلا ظالم هنا ولا مظلوم، وكفانا من لعبة “القط والفأر” بعد الآن.
وفي محاولة لتخفيف حدة الحديث، اعتبر هزيمة أن العام والخاص قطاع واحد وشركاء، وجميع القرارات تناقش في اللجنة الاقتصادية حتى لا يلحق الضرر بأية قطاع حيث تساهم فيها غرف التجارة والصناعة والزراعة لأخذ رأي من يعمل على الأرض، مؤكداً الانفتاح على أي اقتراح أو تعديل للقرارات الصادرة عن “المركزي” فهي ليست “منزلة”، ودائماً قابلة للنقاش بما يخدم مصلحة المواطن في النهاية فهو بوصلة عمل الحكومة.
وفيما يتعلق بسقف السحوبات من المصارف والذي يشكو التجار والصناعيون منه، بيّن هزيمة أن أي طلب يوجه إلى “المركزي” لرفع سقف السحب يتم الاستجابة له إذا كان متضمناً مبررات واضحة، إذ تم رفع السقف في 54 مليار ليرة بناء على طلبات عدة، مضيفاً: “جربونا وساعدونا لخدمتكم”، كاشفاً في الوقت ذاته أن سقف السحب سيرفع ليتوازى مع إطلاق الدفع الإلكتروني المصرفي الذي بات قريباً جداً “خلال أسابيع” عبر 8 مصارف.
حاكم المصرف المركزي أشار في حديثه إلى تعديل مادتين في القانون 54 المتعلق بالتعامل بغير الليرة، حيث تم توضيح أن الحيازة لا يعاقب عليها القانون، وأنه يسمح للأجنبي أن يسدد ثمن البضائع في المعارض داخل سورية بالدولار، مؤكداً أن ما يملكه المواطن من قطع هو أمر شخصي ولا يحق لأحد محاسبته لكن دون استخدامه في البيع والشراء وغير ذلك “وصحتين على قلبكن”.
وفي توضيح لقرار منع الاستيراد الذي صدر منذ أسابيع لعشرين مادة تقريباً، قال هزيمة إنه من أصل 3400 مادة مسموح استيرادها، اخترنا فئة بسيطة ولم تمنع وإنما طلب من المستوردين شراء القطع من شركات الصرافة عند استيرادها وحسب.! مؤكداً أن اللجنة المسؤولة عن بيع القطع تموّل الإجازات خلال 3 أيام فقط.
أما في ملف الصرافة، فأكد هزيمة أن الهدف اليوم تنظيم سوق عشوائي، وقد ألقي القبض على عشرات الصرافين بدون ترخيص وتبين أنهم أصحاب شركات صرافة بتركيا، مطمئناً التجار: لم يتم القبض على أي تاجر ذكر اسمه عشوائياً في تحقيق، وإلا لم يبق أحد في هذه القاعة! فالهدف ملاحقة الصرّافة وإلقاء القبض عليهم، فيما ألحق طمأنته بالقول: “لكن لن أرحم من يغرد خارج السرب”.
وحول قرار تعهد إعادة القطع التصديري، بيّن الحاكم أن الجميع يدرك أن إجازة التصدير لا تشكل 20% من قيمتها، ومنها 50% يبيعها المصدر لـ “المركزي”، مع علاوة بحيث يأخذ حقه و”حبة مسك”، فلا يفكر أحد أن “يبازر” بحق الدولة والمواطن، لافتاً إلى أن أشطر من نظم عمل هم السوريون.. لكن في الخارج!! فلماذا لا نلتزم القانون في الداخل؟
مداخلات التجار والصناعيين جاءت في معظمها لمنح فترة قبل تطبيق أي قرار، فهناك بضائع قيد الشحن وعقود قيد التنفيذ أصبح مصيرها مجهولاً بعد القرارات، فيما أكد هزيمة أن أي حالة تقدّم إلى المصرف تتم معالجتها، مستشهداً بما جرى مع البرادات التي كانت على الحدود عند إصدار القرارين 1070 و1071 فتم مراسلة الحكومة والجمارك والاقتصاد، واستثنيت، وسمح لها بالدخول.