النحات هشام المليح في صالة زوايا: تأثيث المستقبل بالجمال
تعرضُ حالياً في صالة زوايا بدمشق أعمال النحات الشاب هشام المليح الذي قدّم مجموعة من أعماله المتنوّعة الخامات والمذاهب الفنية، محاولاً تأكيد ذات النحات التي تبحث عن خصوصيتها بين مجموع النحاتين السوريين، وخاصة الشباب الذين يحاولون الخروج بصيغ ومفاهيم نحتية ممكنة التنفيذ والتداول رغم ظروف النحت الصعبة عموماً، حيث لا مشاغل كافية أو محترفات وأسواق تستوعب هذه المنتجات من الأعمال الفنية، ومن الضرورة الاعتراف بأن هذا الفن المكلف مادياً يتحمّل مصاعبه الفنان وحده في تأمين الخامة والمواد الأولية والمعدات اللازمة والمكان المناسب للعمل، ما خلا بعض الملتقيات النحتية التي ترعاها وزارة الثقافة أو بعض الجهات الخاصة المحلية والدولية، مما يجعل من الصعوبة على النحات المحافظة على عمله اليومي ضمن محترفه الخاص دون تغطية تلك النفقات العالية. وقد وجد البعض من هؤلاء، وخاصة الشباب، سبلاً جديدة اتجهت نحو إنتاج المنحوتة الصغيرة والاستعاضة عن الخامات المكلفة والعنيدة مثل الحجر والرخام أو سكب البرونز والمعادن الأخرى، واستبدالها بخامة مطواعة ونبيلة كالخشب بأنواعه، وقد وجد هشام المليح ضالته في إنتاج هذا المعرض، علماً أن هذا الشاب يمتلك مقومات كثيرة تجعل منه نحاتاً مميزاً، فقد شهدنا له قبل سنوات محاولات طيبة في تجسيد عدد من الوجوه والبورتريهات لمجموعة من الشخصيات الفنية السورية، ونفذ أعمالاً تقارب النصبية مثل الوردة الدمشقية في ساحة الأمويين، وشارك في أنشطة المركز الوطني للفنون البصرية وأنشطة وزارة التربية، كما يجتهد من خلال مجموعة علاقات اجتماعية في ترويج منتجه مثابراً على حضوره الفني، إلا أن منتجه عموماً لم يصل إلى حالة الاستقرار الفني التي تتوضح من خلالها معالم شخصيته الفنية، وقد بدا واضحاً من خلال معرضه الحالي بذلك التردّد بين الخامات وطريقة عرضها أو دعمها بعناصر استخدامية أو بتلك التقليدية والمشابهة لطرق عرض سابقة.
المهمّ أن هذا الفنان المجتهد يحاول وبلياقة الحرفي الماهر التجريب في تتبع معالم النحت المعاصرة والتي ينتمي بعضها إلى فنون الحجرة أو المكان، والتقرب من المفاهيمية نوعاً ما، وخاصة في ذلك العمل المعدني الغريب عن بقية الأعمال والذي يشي بفكرة تعبيرية كان من الضرورة عرضها لتأكيد استيعاب هذا الفنان لأغلب المحاولات الفنية المحلية الجديدة، ولا نغفل جانباً مهماً في منتج هشام المليح التجريدي، وخاصة في تلك الأعمال المتضمنة للتأليف واستنطاق الحركة من خلال التكرارات المجاورة في القطعة الخشبية الأفقية وكأنها تختزن ميكانيكية الحركة والدوران.
معرض يقع ضمن قائمة المعارض الجادة في محاولة إثبات الذات الخاصة للفنان الشاب والتي تمنحها هذه الصالة الجديدة التي لا يخلو موسمها التشكيلي من أكثر من اسم وتجربة جديدة ورافدة للتشكيل السوري.
أكسم طلاع