كرتنا مهددة بالتوقف من جديد واتحادها يغض البصر عن تجارب الدول الأخرى!!
“البعث الأسبوعية” ــ سامر الخيّر
هجمةٌ جديدة يتعرض لها اتحاد كرة القدم على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد قراره تأجيل الجولة الخامسة من الدوري الممتاز بحجة حرصه على مشاركة لاعبي المنتخب الأولمبي مع أنديتهم وهم بكامل الجاهزية، حيث تلقى كوادر المنتخب الأولمبي لقاح كورونا، وقد ظهرت آثار التعب عليهم بعد تلقي جرعة اللقاح!!
الهجمة سببها تأخر اتحاد اللعبة في التعامل مع تفشي الوباء بشكل هو الأشرس حتى الآن من حيث عدد المصابين، وخاصةً بين لاعبي كرة القدم، وكلنا نذكر خروج سيطرة الاتحاد تماماً على الجماهير عندما سمح بالعودة المحدودة لها لحضور المباريات بنسبة 40% من الطاقة الاستيعابية للملاعب، بحسب تعميم أصدره في 19 من تشرين الأول 2020.. وقتها، قلنا سلاماً لكل الإجراءات الاحترازية بعد اعترافات غير رسمية لمسؤولي الاتحاد بعدم قدرتهم عل إيجاد حلول وآليات تضبط الجمهور، فما الذي ينتظر كرتنا بعد هذا الأسبوع؟ هل سيستأنف الدوري وكأن شيئاً لم يكن؟ أم سنكون أمام إجراءات صارمة تضمن عودة آمنة للاعبين والجمهور؟ أو سيكون التأجيل مرة أخرى هو المهرب الأفضل؟
بلدان كثيرة تعرضت تاريخياً للأوبئة لكنها استطاعت متابعة عيشها وتقدمها بفضل الاستفادة من تجارب غيرها للتغلب على مصابها، فلم لا ننظر بجدية للطرق التي تعاملت معها الاتحادات الأوروبية مع كورونا، وعودة الجماهير للملاعب؟ حيث استطاعت، رغم تتالي الهجمات وتطور الفيروس، بسرعة انتقاله في متحوره الرابع دلتا، أن تتابع دورياتها بوجود محدود للمشجعين واتباع كامل لكل التعليمات المفروضة لسلامة الجميع؛ على عكس ما حصل عندنا، فكلما زادت قوة انتشار الفيروس كلما رفعنا أيدينا أكثر معلنين تسليمنا الأمر للقضاء والقدر.
وحتى نحيط بكل ما قام به الاتحاد الأوروبي والاتحادات التابعة له، سنعود إلى أول مباراة سمح فيها بحضور الجمهور في أوروبا، وتحديداً في 20 أيلول من العام الماضي، والتي جمعت لايبزيغ بنظيره ماينز في افتتاح الدوري الألماني؛ وكانت أول مرة تشهد فيها الملاعب الأوروبية عودة الجماهير في بطولة دوري محلية، حيث سمح بحضور 8500 متفرج، وتمّ توزيع المتفرجين بحسب البروتوكول الصحي الذي تفرضه رابطة الدوري الألماني لكرة القدم، بطريقة مشجع في كل 5 مقاعد، مع إلزامية ارتداء الكمامات والمحافظة على التباعد الاجتماعي بين الجماهير، وحظر بيع المشروبات، كما اقتصر من يحق لهم الدخول إلى الملعب على جمهور الفريق المضيف. ومن ثمّ، منح اتحاد اللعبة الضوء الأخضر للسلطات الصحية والبلديات المحلية، في كل مدينة على حدة، لاتخاذ القرارات التي تراها مناسبة في ظل غياب توافق داخل أروقة الاتحادات الفيدرالية على اتخاذ قرار بشأن عودة الجماهير من عدمها.
أما أول دولة أوروبية سمحت بعودة الجماهير بشكل رسمي فهي المجر، التي سمحت بحضور الجماهير إلى الملاعب شرط إبقاء صف فارغ بين المشجعين، وأن تبقى ثلاثة مقاعد شاغرة بين كل شخص وآخر. وسارت بولندا على خطا المجر، لكن البداية كانت بتحديد عدد الحضور بربع سعة الملعب، وكانت الفرق البولندية المعروفة بصخبها ابتكرت طرقا فريدة لتشجيع فرقها، فترة حرمانها من دخول الملاعب؛ فقد قام مشجعو بوغون شتشيتين بتوزيع حراس شرف حاملين مشاعل كل 10 أمتار على الطريق المؤدي إلى الملعب، فيما اعتمد ليشيا غدانسك على طباعة صور نحو 200 مشجع على خلفيات بلاستيكية، ووزعوها في المدرجات، وانتشرت عندها ظاهرة الصور في أكثر من بلد أوروبي.
وفي مهد الكرة، إنكلترا، تأخر قرار عودة الجماهير حتى آخر جولتين تقريباً، خلال الموسم الماضي، بسبب معاناة البلاد أكثر من غيرها من موجات كورونا المتتابع؛ وسمح بدايةً بعودة نحو 10 آلاف متفرج، ومن ثم حضر قرابة 21 ألف مشجع نهائي كأس الاتحاد بين فريقي تشلسي وليستر سيتي في ملعب ويمبلي، ليأتي الدور بعدها على بطولة دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي، حيث سمح بملء الملاعب بحد أقصى 30 في المائة من سعتها. وطبعاً، كل هذا مصحوب بإجراءات متشددة جداً المخل فيها لا يجد له مكاناً، فالكمامات من نوعية جيدة، ويجب ارتداؤها منذ الاصطفاف لدخول الملعب إلى ما بعد الخروج منه، واللاعبون والكادر الإداري والفني يسري عليهم نفس القوانين، وكلنا يذكر تفاصيل إقامة “يورو 2020″، الصيف الماضي، والنجاح المستحق للمنظمين رغم كثرة المخاوف والمشككين، لكن التزام الجماهير بشروط الاتحاد الأوروبي كان السبب الرئيس في هذا النجاح.
آخر الأمثلة سيكون من بلد عربي، وهو المغرب الذي غابت فيه جماهير الساحرة المستديرة عن المدرجات منذ آذار من العام الماضي وحتى الشهر الحالي، وسترتبط عودة الجماهير بالحصول على جواز التلقيح، بالإضافة إلى اتخاذ الإجراءات الاحترازية آنفة الذكر.
فإذا أردنا إسقاط التجربة الأوروبية علينا، مع الأخذ بعين الاعتبار فارق الإمكانات، نستطيع استئناف المسابقات المحلية بحضور جماهيري لكن ضمن شروط يجب الالتزام بها تحت أي ظرف كان؛ فبعد الحملة الوطنية للتطعيم، نستطيع السماح لمن تلقح بحضور المباريات – ويمكن أن يشجع هذا الإجراء على ضرورة أخذ اللقاح مستغلين عشق جمهورنا لأنديته – أو من حصل على اختبار “pcr” سلبي، أما من لم يفعلوا فعليهم ارتداء الكمامة والتباعد المكاني وتكون نسبتهم قليلة لا تتجاوز ١٠٪ من الحضور ممن تلقوا التطعيم، وكل هؤلاء يكونون من المدينة المضيفة حصراً.