الصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

السفير حداد لـ “البعث”: سورية لن تدّخر أي وسيلة مشروعة لاستعادة جميع أراضيها المحتلة

البعث – سنان حسن 

شدد السفير السوري في روسيا الاتحادية الدكتور رياض حداد في حوار خاص مع “جريدة البعث” أن سورية تؤكد دائما أن النظام التركي محتل للأراضي السورية ويجب إنهاء هذا الاحتلال دون قيد أو شرط، موضحاً أن سورية وروسيا تنسقان تحركاتهما بهدف القضاء على الجماعات الإرهابية المسلحة، واستعادة وحدة الأراضي السورية، مؤكداً أن سورية ماضية في مسيرة استعادة سيادتها على جميع الأراضي المحتلة في أسرع وقت ممكن، ولن تتنازل عن هذا الحق ولن تتدخر في سبيل تحقيقه أي وسيلة من الوسائل المشروعة. وكشف السفير حداد أن المحادثات التي أجرها المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرينتييف ونائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فريشنين في جنيف، مع مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي بريت ماكغورك، هي الأولى من نوعها بعد فوز السيد الرئيس بشار الأسد في الانتخابات، وكذلك بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان.

وفيما يلي نص الحوار :

سعادة السفير.. ما هو مستقبل العلاقات السورية الروسية وأفاق تطويرها بعد زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى موسكو؟ 

– بداية أود أن أشير إلى أن سيادة الرئيس بشار الأسد والرئيس فلاديمير بوتين على تواصل وتنسيق دائم في جو تسوده الثقة المتبادلة، سواء فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية أو القضايا الدولية والإقليمية.

ولاشك أن لزيارة الرئيس الأسد الأخيرة إلى موسكو أهمية خاصة كونها أتت بعد الفوز الكبير لسيادته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بالإضافة إلى ذكرى مرور ست سنوات على مشاركة القوات العسكرية الروسية إلى جانب الجيش العربي السوري في حربه على الإرهاب وتحرير الأرضي السورية من الإرهابيين.

كما تبعها لقاء المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرينتييف ونائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فريشنين في جنيف، مع مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي بريت ماكغورك، حيث تعتبر هذه المحادثات الأولى من نوعها بعد فوز الرئيس الأسد في الانتخابات، وكذلك بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان.

وسورية اليوم ليست كما كانت قبل سنوات، حين اجتمعت عليها مجموعة كبيرة من الدول الغربية والإقليمية بهدف تدمير الدولة الوطنية السورية، ونهب ثرواتها، وتفتيت وحدة أراضيها،  وسورية اليوم تتعافى، ومثلما كان للجيش العربي السوري الدور البطل في إحباط ذلك المخطط التدميري، كان للقوات الروسية الصديقة دورها المهم في قلب المعادلة العسكرية لصالح الدولة السورية.

نعم يمكن أن نقول أن الزيارة أتت تلبية لرغبة الجانبين بتكثيف مستوى التنسيق الوثيق أصلا، لما فيه مصلحة وفائدة تصب في مستقبل العلاقات السورية الروسية، وبما يتناسب مع المتغيرات الجديدة، بهدف تحرير الأراضي السورية المحتلة من قبل ما تبقى من المجموعات الإرهابية المسلحة والقوات الأجنبية المتواجدة على الأراضي السورية بشكل غير شرعي، إضافة لبحث آفاق تطوير التعاون المشترك في المجالات الاقتصادية والتجارية وكسر الحصار الاقتصادي المفروض على سورية من خلال العقوبات التي وصفها السيد الرئيس بأنها “لا إنسانية ولا شرعية”. وكما تعلمون، وكما ذكر الرئيس بوتين، فإن التبادل التجاري بين روسيا وسورية ازداد بمقدار 3.5 مرة في النصف الأول من العام الجاري، وتم تسليم أولى شحنات لقاحات “سبوتنيك V”، و”سبوتنيك لايت”، لسورية.

ما هي الانطباعات في الإعلام الروسي والنخبة السياسية عن زيارة الرئيس الأسد إلى موسكو؟ 

– أولت وسائل الإعلام الروسية اهتماماً مميزا لزيارة السيد الرئيس إلى موسكو، وغطت تلك الوسائل الزيارة بكل التفاصيل المعلنة. وتحدثت وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الروسية عن الحفاوة التي استُقبل بها السيد الرئيس، وجو الود الذي كان طاغياً على الزيارة، في إشارةٍ إلى تهنئة الرئيس بوتين للرئيس الأسد بمناسبة عيد ميلاده وبمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية، قائلا “أن نتائج هذه الانتخابات تؤكد ثقة السوريين بكم وعلى الرغم من كل الصعوبات ومآسي السنوات السابقة، فإنهم يعولون عليكم في عودة الحياة الطبيعية”. كما تناقلت وسائل الإعلام هذه العبارة على نطاق واسع تأكيداً على اهتمام الرئيس بوتين الشخصي بضيفه الكبير، وبشكل عام فإن معظم المحللين الصحفيين والكتاب الروس وصفوا هذه الزيارة على أنها تأكيد لالتزام روسيا الاتحادية بدعم حليفها السوري على كافة المستويات، سواء فيما يخص الاستمرار بمكافحة التنظيمات الإرهابية حتى القضاء النهائي عليها، أو فيما يتعلق بالتنسيق والتعاون حتى جلاء آخر جندي أجنبي من على الأرض السورية، وأيضا على المستوى الاقتصادي، حيث حازت اجتماعات الوفد الاقتصادي السوري مع الحكومة الروسية التي عقدت بالتزامن مع القمة بين الرئيسين على اهتمام لافت من قبل وسائل الإعلام الروسية.

شهدت سوتشي منذ أيام لقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس النظام التركي رجب أردوغان.. ما هي انعكاسات هذا اللقاء على سورية في ظل صدور بيان من الكرملين يؤكد التزام الطرفين بتنفيذ الاتفاقات المبرمة حول مدينة إدلب؟ هل سنشهد عودة إدلب إلى كنف الدولة السورية قريبا؟ 

– تؤكد سورية دائما أن النظام التركي محتل للأراضي السورية ويجب إنهاء هذا الاحتلال دون قيد أو شرط، ولطالما حذرت سورية من خطر سياسة التتريك التي يتبعها نظام أردوغان في المناطق التي يحتلها، حيث يفرض الاحتلال التركي تداول العملة التركية داخل تلك المناطق إضافة لإنشاء المدارس التركية وفرض المناهج  التركية على المواطنين السوريين من خلال استخدام عناصر المجموعات الإرهابية المسلحة لسياسة الترهيب وقوة السلاح. بالمقابل أعلنت روسيا رفضها لتلك السياسات في إدلب وغيرها من المناطق المحتلة. ولكن لا يزال الحوار والتعاون قائما بين الجانبين، حيث تنطلق روسيا في حوارها مع الجانب التركي على أساس مبدأ احترام سيادة الجمهورية العربية السورية وسلامة أراضيها، ويتم التأكيد على ذلك دائما في كل بيانات الدول الضامنة لأستانا. ومن الضروري التذكير أن الاتفاقات الروسية التركية بشأن إدلب التي تم التوصل إليها بين الرئيس الروسي ورأس النظام التركي في آذار عام 2020، في موسكو، نصت على مشاركة أنقرة في مكافحة الإرهابيين في إدلب، إلا أن قوات الاحتلال التركي لم تلتزم بتنفيذ هذه الاتفاقيات،

وتنسق سورية وروسيا تحركاتهما بهدف القضاء على الجماعات الإرهابية المسلحة، واستعادة وحدة الأراضي السورية، كما أن سورية ماضية في مسيرة استعادة سيادتها على جميع الأراضي المحتلة في أسرع وقت ممكن، ولن تتنازل عن هذا الحق ولن تتدخر في سبيل تحقيقه أي وسيلة من الوسائل المشروعة.

هل من مبادرات روسية قادمة بخصوص سورية تتصل بلقاء أستانة القادم وعمل لجنة الدستور المقررة في جنيف؟ 

 – من الطبيعي أن تكون القمة الروسية السورية قد تطرقت لمسار أستانا ولجنة مناقشة الدستور، وهذا ما أشار إليه السيد الرئيس بشار الأسد في الكلمة التي ألقاها أثناء استقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين له في الكرملين حين قال أن “تحرير الأرضي المحتلة وبالتوازي مع العملية السياسية في سوتشي وأستانا وجنيف قد ساهمت بإعادة اللاجئين الى مدنهم وقراهم، إلا أن السبب في توقف العملية السياسية منذ حوالي السنتين إلى اليوم هو أن دولا معينة تدعم الارهابيين وليس لها مصلحة بأن تستمر هذه العملية بالاتجاه الذي يحقق الاستقرار في سورية”.

كان الهدف السوري الروسي المشترك – ولا يزال – يتمثل بالقضاء على التنظيمات الإرهابية والحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية، من خلال عدة مستويات؛ الأول عسكري يتمثل بالعمليات العسكرية المشتركة ضد الجماعات الإرهابية، والثاني سياسي سواء من خلال مسار أستانا الذي  يدعمه الأصدقاء الروس، إذ تشكل روسيا دولة ضامنة في هذه العملية، أو من خلال لجنة مناقشة الدستور التي تعقد اجتماعاتها بشكل دوري في جنيف، والتي بدورها انبثقت عن مؤتمر الحوار السوري – السوري في سوتشي. وكما يعلم الجميع فإن سورية ملتزمة وتعمل بشكل جدي على إنجاح المسار السياسي سواء في أستانا أو جنيف أو على صعيد اتفاقات المصالحة الوطنية التي رأينا آخر نتائجها في إعادة الأمن لمحافظة درعا، وبالتأكيد فإن سورية تقارب المسار السياسي من زاوية أن أي حوار سوري – سوري يلتزم بالثوابت الوطنية المتمثلة بالحفاظ على استقلال سورية ووحدة أراضيها هو حوار مفيد للبلاد.

على هامش معرض إكسبو في دبي حصل لقاء سوري روسي.. ماهي آفاق تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين؟ 

إن علاقاتنا التجارية والاقتصادية تتطور وتتقدم بشكل مضطرد وهي تعد استمرارا للدعم السياسي والعسكري الذي تقدمه روسيا للحكومة السورية، فقد بذلت روسيا جهودا كبيرة وقدمت الدعم للسوريين إلى جانب الحكومة السورية حتى يتمكنوا من العودة إلى منازلهم التي هجرتهم منها المجموعات الإرهابية المسلحة، و يساهموا في إعادة بناء الاقتصاد الوطني وإزالة الآثار السلبية التي حلت بمناطقهم. تشارك سوريا في معرض “إكسبو 2020 دبي” المنعقد في هذا الشهر، حيث ستقدم رؤية شاملة عن التاريخ والثقافة والفنون والاقتصاد السوري. وكذلك سيتم التركيز على تقديم سوريا كعنصر فاعل ومؤثر في تاريخ وثقافة وفنون واقتصاد العالم. وتهدف مشاركة سورية في المعرض إلى مد جسور من التعاون المثمر مع الجهات المشاركة والزائرة لهذا المعرض العالمي المهم، حيث سيكون جناح سورية نافذة تعرض حضارة ثرية، ومن الطبيعي ان يلتقي الصديقان الحليفان في دبي للتباحث والتنسيق في مستقبل العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، كما أن الاجتماعات بين المسؤولين الروس والسوريين مستمرة وتقام بشكل دوري للتنسيق على كافة المستويات، بما في ذلك الاقتصادية منها، حيث يتم العمل على تنفيذ المشاريع المتفق عليها بين الجانبين سواء في إطار اللجنة السورية – الروسية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والفني التي عقدت اجتماعها الأخير في موسكو بالتزامن مع القمة بين الرئيسين، أو على مستوى المؤسسات والوزارات المعنية.

إضافة لذلك تستمر الجهود المشتركة على الصعيد الاقتصادي لكسر الحصار الجائر المفروض على سورية وإزالة آثاره السلبية على حياة المواطنين السوريين، وذلك من خلال تأمين تدفق المواد الهامة لحياة الشعب السوري، والعمل على وضع مشاريع اقتصادية مشتركة تعود بالخير على المواطنين السوريين، وتساهم في دفع عملية إعادة إعمار البلاد نحو الأمام. إن آفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين واعدة وكبيرة، وذلك بسبب وجود رغبة لدى الجانبين لتعزيز هذه العلاقة الاقتصادية لترقى إلى مستوى العلاقات الثنائية على الصعيدين السياسي والعسكري، لذلك نرى اليوم نشاطا كثيفا من قبل المعنيين في الجانبين لوضع توجيهات قائدي البلدين برفع مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري السوري الروسي موضع التنفيذ.