وفر الاستجرار المركزي للأدوية يصل إلى 40%.. و”الصحة” تتحضر لاعتماد آلية جديدة
دمشق- محمد زكريا
بدأ القرار القاضي بحصرية ومركزية شراء الأدوية البشرية “محلية الصنع “بوزارة الصحة وبعد مضي أكثر من عامين على تطبيقه، يحقق أهدافه، ولاسيما المتعلقة بالوفر المالي، وتأمين أغلب المواد الأساسية من الأدوية والمستلزمات الطبية، ولعلّ الجديد في الموضوع عمليات التقييم المرحلية التي تجريها الوزارة على القرار المذكور، حيث تشمل هذه العمليات العديد من المراجعات والمكاشفات لبعض الصعوبات التي تعترض تنفيذ هذا القرار، ولاسيما المتعلقة بتحديد احتياجات المشافي من الأدوية، والتأخير أحياناً بوصولها إلى المشافي الحكومية، واللافت في الأمر هو عدم تحفّظ أو تخوّف وزارة الصحة من تسليط الضوء على السلبيات والعراقيل التي تعيق تطبيق القرار، وهذا ما نراه ونلمسه في تصريحات وزير الصحة الدكتور حسن الغباش عن وجود ملاحظات وعقبات في آلية عمل الاستجرار المركزي للأدوية، وأن العمل جارٍ لتذليلها من خلال توحيد الرؤى والفهم الصحيح لتطبيق القرار المذكور، معتبراً أن الاستجرار المركزي للأدوية والمستلزمات الطبية خطوة في الاتجاه الصحيح، وهو حاجة وضرورة يجب العمل على تدعيمها لتخدم عملية ترشيد وتأمين الأدوية والمستلزمات الطبية للمشافي الحكومية بالسرعة المطلوبة.
سلبيات
وبحسب المذكرة الصادرة عن الوزارة -التي حصلت “البعث” على نسخة منها– فإن عمليات المراجعة والتقييم لعملية الاستجرار الموحد لا تزال مستمرة، حيث أظهرت هذه العمليات عدداً من السلبيات، منها تنفيذ القرار بشكل مباشر وعدم ترك مجال للجهات العامة لتأمين احتياجاتها خلال المدة الأولى من تنفيذه على أقل تقدير “ستة أشهر”، إضافة إلى عدم وجود مخزون كافٍ لدى الجهات العامة المشمولة بالقرار، إلى جانب ممانعة التغيير من بعض الجهات العامة وعدم وجود تعاون كافٍ بالمرحلة الأولى، مع عدم دقة تحديد الاحتياجات من بعضها الآخر، فضلاً عن عدم منح التسهيلات اللازمة لتنفيذ الاستجرار الموحد مثل التأخير بتصديق العقود وغيرها من الإجراءات الإدارية ذات الصلة، وقلة الكادر البشري في الوزارة، ومن بين السلبيات التي تطرقت إليها المذكرة عدم كفاية المستودعات لاستيعاب جميع العقود المبرمة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه تمّ إبرام جميع العقود مركزياً، وتم التسليم أواسط العام الفائت، وحسب المذكرة، فإن هذا الأمر أدى إلى عزوف بعض الشركات عن التقدم لمناقصات الأدوية للعام الفائت.
تذليل
وتشير المذكرة إلى أنه على الرغم من كثرة الصعوبات التي اعترضت آلية الاستجرار الموحّد، إلا أن الوزارة استطاعت تذليل أغلبيتها، وتمكنت من تأمين أغلب المواد الأساسية من الأدوية والمستلزمات الطبية وتحقيق وفر وصل إلى 40% في بعض أصناف الأدوية، وسرعة الإنجاز من ناحية وقت الإعلان والفض المالي وتنظيم الإحالات، وتقديم خدمة طبية متساوية لكل المواطنين في مشافي الجهات العامة بمختلف المحافظات. وأوضحت المذكرة أن من بين الإيجابيات أيضاً مركزية التعاقد، حيث تمّ إبرام أقل عدد ممكن من العقود، وتم توفير مواد ذات جودة ومواصفات عالية مقارنة مع السنوات السابقة، وتوفير نظرة شاملة عن بيانات إحصائية لما تمّ تأمينه للقطاع الصحي بالقطر، وأن جمع البيانات من شأنه تقدير وتحديد الاحتياجات الفعلية لجهات القطاع الصحي، ولم تخفِ الصحة الأسباب التي أدت إلى عرقلة تنفيذ عمليات الاستجرار الموحد في بعض الأحيان، ومنها الحصار والعقوبات الاقتصادية ووباء كورونا العالمي، بالإضافة إلى تقلبات سعر الصرف وعدم منح التسهيلات المصرفية “الكفالات”، ونوهت الصحة بأن تأخير تأمين احتياجات الجهات العامة غير ناجم عن سوء تطبيق قرار الاستجرار من المعنيين بوزارة الصحة، وإنما ناجم عن الوضع الاقتصادي بالبلد بشكل عام وخاصة ما يتعلق بموضوع التمويل.
إجراءات
كما أشارت المذكرة إلى جملة من الإجراءات والمقترحات التي تعمل عليها الوزارة لاستمرار العمل بالاستجرار الموحد، منها البدء بإعداد هيكلية جديدة للاستجرار الموحد، وإعداد الأنظمة المالية والقانونية اللازمة التي تتلاءم مع طبيعة العمل انطلاقاً من السلبيات التي اعترضت آلية التنفيذ خلال السنتين الماضيتين، إلى جانب إعطاء المرونة لكافة الجهات العامة المشمولة بالقرار لتأمين حاجتهم من المواد المطلوبة بقوائم الاستجرار، وذلك ضمن حالات مدروسة ضماناً لعدم انقطاع أي مادة أو مستهلك طبي. وأوضحت المذكرة أنه من الضروري إعادة النظر بقائمة تأمين التجهيزات التي تمّ تأمينها مركزياً انطلاقاً من نوعية الجهاز وقيمته تطبيقاً للقرار المذكور، مع تقديم التسهيلات اللازمة لتسهيل آلية العمل ومنها إعطاء الأولوية في تصديق العقود بمجلس الدولة ورئاسة مجلس الوزراء لعقود الاستجرار، ومنح التسهيلات المصرفية للمتعهدين “الكفالات” لإتاحة المجال للتقدم للمناقصات لأكبر عدد من المتعهدين، ونوهت المذكرة بإمكانية اعتماد آلية جديدة لتلبية احتياجات القطاع الصحي بعد أخذ الموافقة على الإجراءات المذكورة من قبل الجهات الوصائية، وبالتالي تتشكل هيئة تُعنى بمتابعة الاستجرار الموحد.
نص القرار
يُشار إلى أن قرار الاستجرار المركزي نصّ على أن تتولى وزارة الصحة تحديد قوائم الاحتياجات المطلوبة وتأمينها مركزياً من قبل الوزارة، بحيث تقوم الوزارة بتعميم قوائم الاحتياج المعتمدة على الوزارات الأخرى المعنية (الداخلية والدفاع والتعليم العالي)، لتحديد احتياج الجهات التي تتبع لها من هذه المواد وعلى مسؤوليتها وتلتزم باستلامها، على أن ترد هذه القوائم إلى وزارة الصحة موثقة بتوفر الاعتمادات اللازمة في موازنة تلك الجهات خلال فترة أسبوعين كحدّ أقصى. وجاء في نص القرار تكليف وزارة الصحة القيام بجمع وتنسيق البيانات واعتمادها بحضور ممثلي الجهات المعنية، وإعداد قوائم تجميعية نهائية موثقة للاحتياجات الفعلية من كل مادة، مع بيان بتوفير الاعتمادات اللازمة، وحجز تلك الاعتمادات لحين تأمين الاحتياجات، على أن تتمّ إحالة القوائم التجميعية النهائية الموثقة من الاحتياجات الفعلية إلى المديريات المعنية في الوزارة حسب التخصص لإعداد دفاتر الشروط الفنية الخاصة بكل مادة بشكل أصولي، كما تضمّن القرار الموافقة على العمل بالتعليمات الفنية المرافقة للقرار والمتمثلة في أن تشكل لجان إعداد دفاتر الشروط الفنية بقرار من وزير الصحة، وذلك باقتراح من قبل المديرية المعنية في الإدارة المركزية من كوادر وزارة الصحة، وممثل عن كل وزارة معنية، وذلك وفق ما هو ضروري للإيفاء بالغرض المطلوب.
وتنصّ التعليمات التي وضعتها وزارة الصحة بهذا الخصوص على إحالة دفاتر الشروط الفنية إلى مديرية العقود بعد المصادقة عليها من قبل وزير الصحة، على أن تعمل مديرية العقود في الإدارة المركزية لوزارة الصحة بالإجراءات اللازمة للإعلان بعد التأكد من حجز الاعتمادات اللازمة وفق آلية تكون نواتها تشكيل لجنة لوضع دفتر الشروط المالية والحقوقية برئاسة معاون وزير الصحة للشؤون المالية والإدارية وفق ما هو معمول به حالياً، إلى جانب تشكيل لجان المناقصة من العاملين في وزارة الصحة وفقاً لأحكام قانون العقود، إضافة إلى تشكيل لجان فنية تدرس العرض بحيث تكون برئاسة أحد العاملين الفنيين في وزارة الصحة، وعضوية اثنين من وزارة الصحة وممثل عن كل وزارة معنية، وتقوم لجنة المناقصة باستكمال إجراءات فض العروض وتنظيم محضر لجنة المناقصة ومصادقته أصولاً من قبل وزير الصحة وتنظيم كتب إلى الوزارة المعنية، مرفقاً به نسخة مصدقة عن محضر لجنة المناقصات ونموذج معتمد لمشروع عقد مدقق فنياً من أعضاء اللجنة الدارسة ليصار إلى تنظيم الإحالات، كما نصّ القرار على إلزام الجهات المعنية بنتائج لجنة المناقصة المصدقة من وزير الصحة، وتلتزم بإبرام العقد مع المتعهد المرشح خلال المدة القانونية بحيث تقوم هذه الجهات بموافاة وزارة الصحة بصورة عن أمر المباشرة.
وأوضح القرار أنه في حال التأخر في تنفيذ العقد لأي سبب كان، يحقّ للجهات الطالبة للاحتياجات تأمين حاجتها من المواد بنسبة لا تتجاوز 10% من قيمة الاحتياج بعد موافقة الوزير المختص ووزير الصحة دون تغيير بالكميات المطلوبة.
mohamd zkrea11@yahoo.com