دراساتصحيفة البعث

بدء ملء خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2”

هيفاء علي

أعلن مشغل “نورد ستريم 2” عن بدء ملء خط الأنابيب المفترض لجلب الغاز الروسي إلى أوروبا، ويأتي استكمال المشروع بعد تأجيل البناء بسبب التوترات الدبلوماسية بين واشنطن وموسكو. لقد تمّ تشغيل المشروع من قبل شركة “غازبروم” الروسية العملاقة، وتمّ تمويل المشروع من قبل “كونسورتيوم” مكوّن من خمس مجموعات طاقة أوروبية، بما في ذلك شركة “إنجي” الفرنسية.

وكانت روسيا قد أعلنت في أوائل أيلول الماضي عن استكمال خط الأنابيب البالغ طوله 1230 كيلومتراً بتكلفة إجمالية تُقدّر بنحو 10 مليارات يورو، وستضاعف حجم شحنات الغاز الروسي إلى ألمانيا. يأتي التكليف في وقت وصلت فيه أسعار الغاز في أوروبا إلى مستويات قياسية، مما تسبّب في اضطرابات سياسية في جميع أنحاء القارة.

وفي تشرين الأول 2020، منحت الدانمارك رسمياً شركة “غازبروم” الإذن اللازم لتشغيل خط الأنابيب. ووفقاً لوكالة الطاقة الدانماركية، فإن “نورد ستريم 2” قد استوفى جميع شروط السلامة المطلوبة لمرحلة البناء وتشغيل خط الأنابيب، حيث يعبر المسار الذي يتبعه “نورد ستريم 2″ و”نورد ستريم 1” التوءم المناطق البحرية الفنلندية والسويدية والدانماركية قبل أن يصل إلى الساحل الألماني.

وعلى الرغم من تهديدات الولايات المتحدة، فإن العمل في خط أنابيب الغاز الذي سيسمح لشركة “غازبروم” بتزويد أوروبا عبر بحر البلطيق قد اكتمل أخيراً، وسيكون خط الأنابيب الجديد هذا قادراً على نقل 55 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، وهو ما يكفي لتزويد 26 مليون منزل، وفقاً لمشغل “نورد ستريم 2”.

وإذا كان المشروع يمثل تقدماً جيوستراتيجياً كبيراً لموسكو، فإنه يثير استياء واشنطن إلى حدّ كبير، والتي تدّعي أنها تخشى اعتماد أوروبا بشكل أكبر على واردات الطاقة الروسية. وكانت إدارة بايدن قد هدّدت بفرض عقوبات على أي كيان متورط في خط أنابيب “نورد ستريم 2” .

بالعودة الى الوراء، تأسّس المشروع بناءً على الحاجة الأوروبية المتزايدة لاستهلاك الغاز الذي بدأ ينضب في القارة، الأمر الذي دفع دولاً أوروبية عدة للبحث عن مصادر استيراد تكفل الإمداد المتواصل والرخيص. وفشلت مشاريع أوروبية عديدة لنقل الغاز إلى القارة، وظلّ الرهان معلقاً على روسيا التي نجحت بتزويد أوروبا بنحو 40% من حاجتها إلى الغاز. وفي عام 2011 جرى إنشاء أطول خط أنابيب بحري في العالم بين روسيا وألمانيا عبر بحر البلطيق، واسمه “نورد ستريم 1″، والمجهز لضخ 55 مليار متر مكعب من الغاز. وشاركت في المشروع حينذاك شركة “غازبروم” الروسية التابعة للدولة بنسبة 51%، بالإضافة إلى شركتين ألمانيتين وأخرى فرنسية وهولندية.

وتزايد الطلب الأوروبي هو الذي دفع روسيا وألمانيا للبحث عن توسعة لـ”نورد ستريم 1″، وبالفعل جرى توقيع اتفاق إنشاء خط “نورد ستريم 2” الذي سيتخذ مساره الأول في بحر البلطيق، من المدينة الروسية فيبورج إلى لوبمين الألمانية وبطول 446 ميلاً، وذلك بالشراكة بين “غازبروم” و5 شركات أوروبية أخرى ألمانية وفرنسية وبريطانية ونمساوية، وتموّل المشروع إجمالاً بنسبة 50%.

وبحسب مراقبين، قد يمثل الانتهاء من “نورد ستريم 2” صفقة جيوسياسية جديدة في أوروبا، وفي هذا السياق أشارت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم الدبلوماسية الروسية، في حديثها عن الموضوع في 9 أيلول الماضي إلى أنه من الواضح للجميع، بما في ذلك معارضو “نورد ستريم 2″، الذين حاولوا يائسين تعطيل بنائه، أنه لا يمكن ببساطة توقيفه. ودعت إلى أخذ الوضع الجديد في الاعتبار، أي “لقد حان الوقت للاتفاق على معايير معقولة ومفيدة للطرفين لتشغيل خط أنابيب الغاز”.