النظام التركي يحول إدارات الجامعات إلى أجهزة استخبارات
كشفت وثائق سرية حصل عليها موقع “نورديك مونيتور” السويدي أن جامعات تركية تعمل سرا مع الشرطة لفتح تحقيقات بشأن طلابها.
وأظهرت الوثائق أن 1350 طالبا جامعيا من كلية واحدة زعم جهاز الاستخبارات الوطنية التركي أنهم حملوا تطبيق “ByLock” تمت ملاحقتهم قضائيا.
وذكر “نورديك مونيتور” أنهم لم تتم ملاحقتهم قضائيا فحسب في اتهامات جنائية، وإنما أيضا واجهوا عقوبات إدارية من قبل جامعتهم، التي عملت سرا مع السلطات التركية.
وتقدم الوثائق دلائل بشأن إدارات الجامعة التي كانت حريصة على إفشاء معلومات الطلاب الذين زعمت استخدامهم أو تنزيلهم للتطبيق.
وذكرت الوثائق تحديدا جامعة غازي، وهي جامعة حكومية في العاصمة التركية، وتضمنت بلاغا رسميا من رئيس الجامعة آنذاك إبراهيم أوسلان ختم عليه “سري للغاية”.
ويعتقد أنه تم تطبيق ممارسات مشابهة في جامعات أخرى، حكومية وخاصة، في شتى أنحاء تركيا.
وفي بلاغ رسمي عاجل مصنف سري للغاية، أبلغ أوسلان رئيس بلدية أنقرة حينها إرجان توباجا بأن جامعته شاركت معلومات بشأن 1350 طالبا مع مكتب المدعي العام، مطالبا باتخاذ إجراءات قانونية ضد الطلاب.
وذكر البلاغ، المؤرخ في 27 نيسان عام 2017، أن الإجراء ضد الطلاب، الذين لم يدانوا أبدا في أي جريمة، صادق عليه مجلس التعليم العالي.
وبعد تلقي المعلومات من الجامعة، أمر رئيس البلدية في 18 أيار عام 2017 الشرطة لبدء إجراءات جنائية ضد الطلاب، وطلب إبلاغه بنتيجة التحقيق. وأحيل التحقيق إلى مكتب مكافحة الإرهاب بإدارة شرطة أنقرة.
وطبقا لتوجيهات رئيس البلدية، كتب إبراهيم بوزكورت، رئيس مكتب مكافحة الإرهاب، رسالة إلى مكتب المدعي العام في أنقرة في 2 حزيران لعام 2017، يقول إن الجامعة شاركت معلومات تتعلق بالطلاب مع الشرطة، وطلب الإذن لمواصلة تحقيق قانوني.
ومسجل لدى جامعة غازي 44 ألف طالب في عدة كليات وتخصصات، وهذا يعني أن 3% من الطلاب كان تجري تحقيقات بشأنهم ببساطة بسبب تحميل واستخدام تطبيق للرسائل المشفرة.
وكان “نورديك مونيتور” قد أورد في وقت سابق كيف جرمت السلطات التركية استخدام تطبيقات تراسل أخرى، مثل: “سيجنال” و”واتساب”، بالإضافة إلى تطبيقات شهيرة، مثل: “فيسبوك” و”تيك توك”.
وبالرغم من عدم وجود قانون يحظر استخدام التطبيقات المشفرة في تركيا، كثيرا ما تتعامل السلطات التركية مع تنزيل أو استخدام مثل تلك التطبيقات على أنها أدلة في التحقيقات الجنائية.
في سياق متصل، يتصاعد العنف الذي يستهدف نساء تركيا ويهدد حياتهن وسط تهاون حكومي لافت في ردع الجناة وتطبيق القوانين.
وفي هذا الصدد، أعلنت منصة حقوقية معنية بحقوق النساء، الأربعاء، أن 26 امرأة قتلن خلال شهر أيلول الماضي، فضلا عن تعرض 65 أخريات للعنف.
جاء ذلك بحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة “دِيكَنْ” التركية المعارضة، نقلا عن تقرير لمنصة “سنوقف قتل الإناث”، كشفت من خلاله إحصائية قتل النساء بالبلاد خلال شهر أيلول الماضي.
وبحسب التقرير، فإن 18 من بين الضحايا الـ26، قتلن من قبل أزواجهن الحاليين أو السابقين أو من كن على علاقات بهن، و3 من قبل أبنائهن الذكور، و2 من قبل أقاربهن، وواحدة من قبل صاحب المنزل الذي تسكن فيه، فيما لم تذكر المنصة درجة القرابة القائمة بين ضحيتين قتلتا على يد ذكور أيضا.
وأضاف أن 20 من الضحايا قُتلن في منازلهن، و4 في مناطق خارج المنزل كالغابات والحدائق العامة، فيما لم تذكر المنصة شيئًا عن المكان الذي قتلت فيه المتبقيتان.
واعتقلت قوات الأمن 21 ممن ارتكبوا تلك الجرائم، فيما هرب واحد، وانتحر 4 آخرون قبل القبض عليهم. وبهذه الأرقام الجديدة، يرتفع عدد النساء اللواتي قتلن خلال العام الجاري في تركيا إلى 227 سيدة.
وفي أيلول الماضي، كشفت المنصة نفسها، في تقرير مماثل، مقتل 31 امرأة خلال شهر آب. وفي 2020، بلغ عدد النساء اللواتي قتلن في جرائم مماثلة، 300 امرأة، فضلا عن 171 توفين بشكل تحوم حوله شبهات جنائية.
مطلع تموز الماضي، انسحب النظام التركي بشكل رسمي من “اتفاقية إسطنبول” المناهضة للعنف ضد المرأة والعنف الأسري، بموجب مرسوم رئاسي صادر عن الرئيس رجب طيب أردوغان.
وحينها، برر رئيس النظام التركي أردوغان انسحابه من الاتفاقية، قائلًا إن “جهود حكومته لن تتوقف لمكافحة العنف ضد المرأة”، إلا أن الواقع سرعان ما أثبت هشاشة تصريحاته.
وصاغ مجلس أوروبا اتفاقية إسطنبول عام 2011، وتهدف إلى إنشاء إطار قانوني على نطاق أوروبا لمنع العنف ضد المرأة ومكافحته.
وكما هو الحال في العديد من البلدان الأخرى، يشكل العنف ضد المرأة مشكلة واسعة الانتشار في تركيا.
وارتفع معدل قتل النساء في تركيا، وسجلت مجموعة مراقبة مقتل حالة واحدة يومياً في السنوات الـ5 الماضية على الأقل.
ويرى مؤيدو الاتفاقية والتشريعات المرتبطة بها أن ثمة حاجة إلى تنفيذ أكثر صرامة، لكن كثيرا من المحافظين في تركيا وحزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان يزعمون أن الاتفاقية تقوض الهياكل الأسرية التي تحمي المجتمع.